واصل الأمين العام لحزب الله اللبنانى حسن نصرالله، الحرب الكلامية مع القاهرة، وهاجم القيادة المصرية مجددا، متسائلاً «هل يحتاج حاكم مصر إلى أكثر من 650 قتيلاً و2500 جريح ليفتح معبر رفح بشكل حقيقى ونهائى لمساعدة أهل غزة على الصمود والانتصار»، مشيراً إلى أن حزب الله سيضع من سماهم «المتواطئين» مع ضرب غزة، فى خانة «الخصوم والأعداء»، فيما قلل خبراء أمنيون وسياسيون من أهمية هذا التعبير، واصفين خطاب نصر الله ب«الانفعالى» الهادف إلى استغلال حالة التعاطف الشعبى من جانب الشارع المصرى مع الفلسطينيين، للضغط على الحكومة، مؤكدين أنه لن ينعكس بالسلب على الأوضاع الداخلية المصرية. وقال الأمين العام لحزب الله، فى كلمة ألقاها أمس عبر شاشة عملاقة فى ذكرى عاشوراء أمام عشرات الألوف من أنصاره فى الضاحية الجنوبية لبيروت،موجها كلامه للرئيس مبارك: “كل ما يطلب منك فتح معبر، وليس إعلان جبهة وفتح حرب”. وأضاف، فى إشارة إلى مصر : «لن نخاصم ولن نعادى من تواطأ علينا من العرب فى حرب يوليو 2006 ومن اتهمنا وأساء إلينا، لكننا سنخاصم ونعادى من يتواطأ على غزة وأهلها وعلى مقاومتها، وعلى من يشترك فى دمائها ويسد عليها أبواب الحياة والخلاص». وأعلن نصرالله أن «كل الاحتمالات قائمة ومفتوحة» فى ظل ما يجرى فى غزة، قائلاً: «يجب أن نتصرف على قاعدة أن كل الاحتمالات قائمة ومفتوحة. يجب أن نكون واعين وحذرين وجاهزين لأى طارئ». وأضاف «ما يجرى اليوم يعنينا جميعا، نحن فى مرحلة تاريخية دقيقة وحساسة، ونحن لا نعرف حتى الآن حجم المشروع وأبعاده وحجم التواطؤ القادم». واعتبر الأمين العام لحزب الله أن «قطع العلاقات ووقف التطبيع (مع إسرائيل) وإعطاء الوصف الحقيقى للمجازر التى ترتكبها إسرائيل هو من أبسط الواجبات على الحكام والشعوب فى هذه المرحلة»، واصفاً قرار الرئيس الفنزويلى هوجو تشافيز بطرد السفير الإسرائيلى من بلاده، بأنه جاء «ليصفع وجوه كل أولئك الذين يستضيفون سفراء لإسرائيل فى عواصمهم ولا يجرؤون على التفكير فى طردهم». وتابع «مطلوب من بعض الحكام العرب أن يتعلموا من زعيم فى أمريكا اللاتينية حجم التضامن مع فلسطين». وقلل اللواء فؤاد علام،الخبير الأمنى،من أهمية كلام نصرالله بوضع مصر – دون أن يسميها - فى خانة الخصوم، وما إذا كان يعنى بذلك دعم أى عمليات مسلحة ضد الدولة، معرباً عن اعتقاده أن الأمين العام لحزب الله لن يلجأ لنفس الأسلوب الذى سبق واتبعه الفلسطينيون عندما دخلوا فى خصومة مع الرئيس الراحل أنور السادات فى السبعينيات، وساهموا فى عدة عمليات إرهابية داخل مصر وقتها، مؤكداً أن حزب الله سيضع نفسه فى مأزق شديد أمام كل الشعوب العربية لو ارتكب مثل هذا الفعل. واعتبر علام أن خطاب «نصر» سياسى فى الأساس، يحاول من خلاله إظهار أن مصر والدول العربية التى تتبنى خيار السلام والتفاوض هى على خطأ، وفى الوقت نفسه إظهار مشروع المقاومة الذى يتبناه بأنه المشروع الصحيح لاستعادة الحقوق العربية، واستغلال حالة التعاطف الشعبى فى الشارعين المصرى والعربى مع مأساة الفلسطينيين فى غزة، لحشد الأنصار حول مشروعه،والضغط على الحكومات المعادية له. واتفق مع الرأى السابق اللواء جمال مظلوم، المحلل السياسى والعسكرى، واضعا خطاب نصراالله، ضمن الحرب «الكلامية»الدائرة بينه وبين بعض المسؤولين والإعلاميين المصريين، مؤكداً أن كلماته «التحريضية» لن تؤثر سياسيا ولا معنويا على الوضع الداخلى المصرى «القوى والمتماسك». من جانبه طالب الدكتور وحيد عبدالمجيد،نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب«الأهرام» بوضع خطاب الأمين العام لحزب الله فى سياقه الطبيعى، وألا يؤخذ بجدية، وتُُبنى عليه سيناريوهات أكثر مما يحتمل. وقال: خطاب نصرالله مجرد خطاب «انفعالى»، ولا أعتقد أنه يقصد من ورائه أهدافا أخرى غير استمرار «التلاسن» مع بعض المسؤولين والإعلاميين فى مصر، مشيراً إلى أن «هذه السجالات الانفعالية الصغيرة تزيد من حالة الانقسام العربى». وأضاف عبدالمجيد: كنت أتمنى من الأمين العام لحزب الله أن يربأ بنفسه من الدخول فى هذه «المعارك الكلامية» التى تسىء إلى شخصه وإلى المقاومة اللبنانية، وتعطى الفرصة ل«أعداء العروبة» فى القاهرة للقول بأن مصر لا تجنى من العالم العربى سوى الخسارة والهجوم عليها.