من الترويع إلى الزنزانة.. سقوط عصابة الرعب في شبرا الخيمة    تنسيق الثانوية العامة 2025.. القواعد الواجب مراعاتها عند ترتيب الرغبات للقبول بالكليات    بعد انخفاضه.. سعر الذهب اليوم الجمعة 25-7-2025 وعيار 21 الآن بالصاغة    خلال ساعات.. قطع المياه عن هذه المناطق بالجيزة    الخارجية الفلسطينية: اعتراف فرنسا بدولة فلسطين يمثل انتصارا للدبلوماسية    مصر تستهجن الدعاية المغرضة لتشويه دورها الداعم لقضية فلسطين.. عشائر غزة: نرفض تشويه دور مصر فى دعم قضيتنا    زيلينسكي: دفاعاتنا تصد الهجوم الروسي خلال الصيف    بث مباشر لمباراة الأهلي والبنزرتي التونسي (بالفيديو)    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    «حماة الوطن» يحشد الآلاف في سوهاج لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    النيابة العامة تُباشر التحقيقات في وقائع منصة "VSA"    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    فى حفل تامر حسني.. قصة أغنية "يا ليل ويالعين" ل الشامى بمهرجان العلمين    قصور الثقافة تختتم ملتقى فنون البادية التاسع بشمال سيناء    ب"فستان جريء".. مي سليم تستمتع بإجازة الصيف مع شقيقتيها أمام البحر (صور)    المدير التنفيذي للتأمين الصحي الشامل: 493 جهة متعاقدة مع المنظومة.. و29% منها تابعة للقطاع الخاص    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    استشهاد شخص في استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    بيراميدز يتجه إلى إسطنبول لمواجهة قاسم باشا    رحيل هالك هوجان| جسد أسطوري أنهكته الجراح وسكتة قلبية أنهت المسيرة    فيلمان تسجيليان عن الخيامية والأوانى التراثية بأوبرا دمنهور    مصرع شخصين وإصابة آخرين إثر حادث تصادم في الطريق الزراعي بالشرقية    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    شقيقة مسلم: عاوزة العلاقات بينا ترجع تاني.. ومستعدة أبوس دماغة ونتصالح    محافظ أسيوط يشهد الكرنفال السنوي لذوي الهمم بدير العذراء والأمير تادرس (صور)    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    جامعة القناة تنظم دورة عن مهارات الذكاء العاطفي (صور)    طريقة عمل العجة فى الفرن بمكونات بسيطة    الوقار الأعلى.. أسعار الأسماك اليوم في مطروح الجمعة 25 يوليو 2025    هل رفض شيخ الأزهر عرضا ماليا ضخما من السعودية؟.. بيان يكشف التفاصيل    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    بطابع شكسبير.. جميلة عوض بطلة فيلم والدها | خاص    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    حكم الصلاة خلف الإمام الذي يصلي جالسًا بسبب المرض؟.. الإفتاء تجيب    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    ملحمة طبية.. إنقاذ شاب عشريني بعد حادث مروّع بالمنوفية (صور)    تقنية حديثة.. طفرة في تشخيص أمراض القلب خاصة عند الأطفال    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    اسعار الحديد والاسمنت اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    أسعار البيض اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    إلكترونيا.. رابط التقديم لكلية الشرطة لهذا العام    أسعار النفط تصعد وسط تفاؤل بانحسار التوتر التجاري وخفض صادرات البنزين الروسية    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    صفقة الزمالك.. الرجاء المغربي يضم بلال ولد الشيخ    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    رغم أزمة حفل راغب علامة، أحمد فتوح يستفز جمهور الزمالك بصورة جديدة مثيرة للجدل    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات من طريق دائرى

تستغرق الرحلة من مدينة الشروق، حيث أعمل، ووسط القاهرة، حيث أسكن، أكثر من ساعة فى معظم الأحيان، فتمثل فرصة للتأمل فى الواقع المصرى الحالى.. تبدأ الرحلة معظم الأحيان بطريق السويس، الذى يشبه ظاهريا الطرق السريعة فى البلدان الصناعية الكبيرة، لكن الفوضى المرورية فيه- من تعدية من حارة الركن إلى ظاهرة ال«غرز» على ??? كم فى الساعة - تؤكد أنه «مصرى مائة بالمائة».. بعد نهاية طريق السويس هناك عدة خيارات للوصول لوسط القاهرة، منها سلك مسار يمر بمصر الجديدة.. بميدان روكسى، حيث المبانى القديمة الممثلة لبقايا بلد قد اختفى ونسف من ذاكره الأمة.
حيث تنتشر المبانى ذات الطراز الأوروبى المتميز، المبهر للعين، تحت إضاءة أنوار الشارع الصفراء المسلطة، المعمار الذى يشير للعصر الذهبى لمصر اللليبرالية. . وبعد ميدان روكسى هناك «كوبرى 6 أكتوبر»، الذى يطفو فوق المزيد من بقايا القاهرة التى تلاشت، بما فيها من كنائس ومدارس رهبانية وحوارى كان يسكنها ممثلو معظم ملل العالم الشرق أوسطى والأوروبى فيما مضى.
فى أحيان أخرى اتخذ الطريق الدائرى، وفى معظم الأوقات أسلك الاتجاه الذى يؤدى فى النهاية لمخرج البحر الأعظم بالجيزة، الذى يمر بمدن جديدة، مبنية على طراز ضواحى مدينة لوس أنجلوس، تسكن فيها النخبة المصرية.. ووسط أسماء جذابة، كمدينة السراب «ميراج» وقطامية «هايتس»، مرورا ال«مولز» الفاخرة، ولولا بعض «مطبات» الطريق العميقة وتجاعيد الأسفلت العنيفة، قد يتصور المرء أنه فعلا فى أمريكا..
 لكن أحيانا، حين تأخذنى مثل هذه التأملات بعيدا، أخطئ وأتوه وأخرج من المخرج المؤدى لاتجاه معاكس، يسير خلال نصف الدائرة الآخر من الطريق، الذى يعبر عن صورة مغايرة تماما للوضع المصرى.
ففى نهاية اليوم، بالذات إذا كان هذا اليوم يوم خميس، تسود الفوضى المطلقة على الطريق.. ونلاحظ عشرات من ال«ميكروباصات» والمقطورات المحملة بالبترول والحديد والخشب والحيوانات والبشر المتحركة فى وسط الطريق السريع، فى سيمفونية من الكلاكسات مستوحاة من الموسيقى الكلاسيكية المعاصرة، فى رقصة موت تجسد مأساة العامل المصرى.. فى مخارج مؤدية للمدن والضواحى الفقيرة البائسة الملاصقة، حيث يلتحم الريف المصرى ويتلاصق مع أنوار المدينة، التى فقدت تمدنها وبريقها فصارت كالقرية العشوائية العملاقة.
السؤال الذى يتردد فى ذهنى خلال رحلاتى شبه اليومية هو دائما: أين هى مصر ال«حقيقية»، ومن يملكها؟ هل هى فى العشوائيات والريف الملاصق، أم فى أحياء مصر الجديدة - القديمة، أم فى ال«قطامية هايتس»، أم فى الأماكن التى يمر من فوقها كوبرى أكتوبر، أحياء مصرالليبرالية التى اختفت؟ الرد المباشر البسيط هو بالطبع أن كل هذه الأماكن هى مصر..
 لكن كيف يمكن لبلد أن يكون موحدا، وأن يتحمل ذلك التباين الرهيب - ليس فقط المستوى المادى لكن أيضا ثقافيا، الذى يرتبط فى كثير من الأحيان بتفاوت ثقافى عميق وتغير فى الرؤية للعالم - فى ظل نظام سياسى وحدوى، شبه شمولى، لا يمثل إلا فئة صغيرة من سكانه، ولا يشعر الكثير من مواطنيه بالانتماء أو الارتباط به، مما ينطبق بالذات على أعضاء تلك الكتلة البشرية الهائلة، المنتمية لطبقة العمال الفقيرة، فى الريف وعشوائيات المدن، والتى يترنح ممثلوها فى رقصة موت على الأسفلت، وسط الطريق الدائرى، انتظارا لل«ميكروباص».
السؤال الآخر هو: إذا كان الحال هكذا فى ظل الظروف الناتجة عن حالة السنوات الماضية، التى اتسمت بالنمو الاقتصادى العام الملحوظ، كيف سيكون الحال إذا أثرت الأزمة الاقتصادية العالمية جديا على الأسواق فى مصر؟ تاريخيا، هناك ما يشير لما يمكن أن يحدث فى هذه الحالة..
 ففى العشرينيات مثلا كانت هناك أيضا نهضة اقتصادية وليدة بالبلاد، وكانت هناك نفس حالة التفكك الاجتماعى، والاستقطاب والتباين الواضح بين الريف المحافظ الفقير والمدينة بأحيائها الثرية المتعددة الجنسيات والثقافات.
ثم أدت الأزمة المالية فى الثلاثينيات لحالة ركود وخيبة أمل كان من ضمن نتائجها انتشار التيارات الراديكالية المعادية للتعددية والنظام البرلمانى، كحركة مصر الفتاة والإخوان المسلمين، والتى نشأ سياسيا خلالها الكثير من النخب (ومنها أغلب أعضاء الضباط الأحرار) التى أطاحت بمصر الليبرالية فيما بعد..
 ولم تقتصر تداعيات أزمة الثلاثينيات المدمرة على دول نامية مثل مصر، إنما انعكست أيضا على بلاد مثل ألمانيا، وكانت من أهم أسباب صعود ال«نازى» هناك. أعتقد أن فى ذلك دروساً سياسية مهمة يجب أخذها فى الاعتبار خلال الفتره القادمة.. للحديث بقية.
ac.otnorotu.atic@rma


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.