اقتراح تأجيل تطبيق قانون الضرائب العقارية لمدة عام أو عامين أو أكثر هو اقتراح فى محله، وجدير بالدراسة ويستحق التفعيل دون أن تتدخل الحكومة لمعاندة الفكرة ورفضها، وتتمسك بتطبيق القانون وإصدار القرار الوزارى ببدء العمل به قبل نهاية هذا الشهر على اعتبار أنه صدر فى شهر يونيو الماضى، وأن لائحته التنفيذية يجب أن تتبعه بستة أشهر. الاقتراح تقدم به وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب ورئيس اتحاد جمعيات المستثمرين النائب مصطفى السلاب، ثم تقدم به أعضاء جمعية الاستثمار السياحى وغرفتى المنشآت الفندقية والشركات السياحية بالبحر الأحمر، وطالبوا بتجميد العمل باللائحة التنفيذية للقانون لمدة عامين، وفى الحالتين فإن المطالبة تتجه إلى منع تحميل المواطنين أعباء مالية جديدة فى الفترة الحالية تضاف إلى أعبائهم الكثيرة، متمثلة فى ضرائب عقارية، فى الوقت نفسه الذى بقيت فيه دخولهم على حالها دون زيادة، هذا بالنسبة للمواطنين، أما فى جانب قطاعات الأعمال كالمقاولات والسياحة والمنشآت الفندقية وغيرها، فإن الحال أيضًا مع الأزمة المالية العالمية يستدعى النظر بعين الاعتبار إلى تأثر هذه القطاعات بآثار هذه الأزمة. هذا الاقتراح كان يجب أن يأتى من الحكومة، ومن السيد وزير المالية د. يوسف بطرس غالى صاحب اقتراح قانون الضرائب العقارية والمدافع الأول عنه، ذلك أن تصور تطبيق هذا القانون الآن، وفى ظل دخل ثابت ومتراجع للمواطن المصرى يكاد لا يكفى متطلباته الأساسية واحتياجات أسرته، فإن فرض ضرائب جديدة - أى أعباء جديدة - دون أن يقابلها ناتج من عقاره الذى يسكنه، هو أمر يستحق المراجعة، مواطن يقطن عقارًا مع أفراد أسرته، شقة لا تنتج دخلاً ولا تدر مالاً أو تخلف ربحا، هذا المواطن يصبح عليه فجأة أن يستقطع من دخله، من راتبه أو معاشه أو من عائد مدخراته، مبلغًا ليس بسيطًا ولم يكن مقدرا من قبل مقابل أن يسكن فى ملكه، لماذا؟ مواطن اشترى شقة بأسعار زمان.. خمسين ألف جنيه أو مائة، أصبحت الآن بسعر السوق مليونًا، عليه أن يدفع عن المليون ثم كل ثلاث سنوات يعاد التقدير فيدفع ضرائب عقارية بعد ست سنوات مثلاً أو تسع عن نفس هذا العقار ما يوازى مليونين، ولم يسأل أحد من الذين يستعجلون الآن تطبيق هذا القانون؟ من أين يأتى هذا المواطن وغيره بدخول إضافية لتسديد هذه الضرائب العقارية وكيف؟ وما تأثير ذلك على حياتهم وعلى نظرتهم للحكومة وتقديرهم للنظام الحاكم، ثم إن هذه المليارات المنتظرة من حصيلة الضرائب العقارية الجديدة، التى تقدر بمليار ونصف إلى مليارين من الجنيهات لماذا لا يتم بدء تحصيلها من الذين لم تطبق عليهم الضرائب العقارية، ولم تقدر عليهم (العوائد القديمة) ملاك وحدات منتجعات الساحل الشمالى وسواحل البحر الأحمر، ومساكن القرى السياحية والتجمعات السكانية المغلقة على امتداد الطريق الصحراوى والإسكان الفاخر بالمدن الجديدة والمدن الأكثر فخامة على حدود القاهرة؟ لماذا لا نبدأ بكل هؤلاء - وهم كثر - أولاً لأنهم يملكون، وثانيا لأنهم لم يكونوا يدفعون، وحتى هؤلاء الذين هم فى عداد الأثرياء لابد أن يراعى تناسب الضريبة مع حق السكن بما يمثل فقط حق الدولة فى إقامة وصيانة وتشغيل المرافق العامة التى تخدم وحداتهم السكنية. وقبل أن تتكون لجان التقدير وهى بالملايين بقدر عدد العقارات فى مصر، وقبل أن تتشكل لجان التظلمات بما سيصحبها من اعتراضات ومشاكل وشكوك ومنازعات وقبل أن يسارع الجميع - مستحقون وغير مستحقين - بالتقدم بشهادة الفقر للحصول على الإعفاءات المقدرة فى حالة عدم قدرة المكلفين على سداد الضريبة حتى تتحمل الخزانة العامة العبء الضريبى عنهم، قبل كل هذه الجلبة التى لا تحتملها الأوضاع المجتمعية والاقتصادية الآن، هل يمكن أن نتوقف ونؤجل ونعيد التقدير؟ موضوع قانون الضرائب العقارية وآثاره على الناس ليس بالأمر السهل فهو يمثل عبئاً إضافيا، وثقلاً لا قبل لكثيرين به، خاصة فى تلك الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر والعالم، والتى تنصرف على المواطنين، وكثير من الدول حولنا تعيد النظر فى إجراءاتها وسياساتها الاقتصادية لصالح هؤلاء، وقبل أن نندفع ونفرض ونطبق علينا أن نراجع ونعيد النظر. [email protected]