اعتبر سياسيون قيام إسرائىل بتوجيه ضربة عسكرية لقطاع غزة عقب يومين من زيارة وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفنى مصر ولقائها الرئيس حسنى مبارك، محاولة ل«توريط» القاهرة فى الأمر، وإظهارها كأنها كانت على علم بموعد الضربة أو شاركت فيها، مؤكدين أنه كان يجب على مصر، وهى تدرك أن إسرائيل تعد لمثل هذه الضربة، أن تؤجل زيارة ليفنى أو ترفض استقبالها فى هذا التوقيت. ووصف سياسيون ما حدث بأنه «ضربة قاضية للدبلوماسية المصرية» التى لم تستطع فعل شىء فى جهود المصالحة أو مع إسرائيل، مشيرين إلى أن كلاً من حماس وتل أبيب تستخدمان مصر ككبش فداء للهروب من مسؤولياتهما. وقال الدكتور جمال عبدالجواد، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، إن كلا الطرفين، إسرائيل وحماس، يحاول جعل مصر «كبش فداء»، مشيراً إلى أن هناك مصادر فى إسرائيل تروج كلاماً عن تفاهمات إسرائيلية - مصرية حول ضرب غزة، لتظهر وكأنها تعبر عن «إجماع إقليمى»، وتقلل الضغط على إسرائيل، ومصادر فلسطينية تحاول إظهار وجود «تواطؤ» مصرى، «لتبرئة نفسها» من المسؤولية. وأضاف أن حماس تحاول التهرب من المسؤولية بإلقائها على مصر، مشيراً إلى أنه لا يمكن إعفاء إسرائيل من المسؤولية، «لكن حماس مسؤولة أيضا بسياستها التى لا تخلو من العنجهية»، على حد قوله، حيث رفضت كل الجهود المصرية المتعلقة بالمصالحة والتهدئة. وتابع عبدالجواد أن «تاريخ العلاقات بين مصر وإسرائيل يؤكد أن تل أبيب لا يمكن أن تستأذن القاهرة لتوجيه ضربة عسكرية إلى غزة»، مشيراً إلى أن لقاء الرئيس مبارك وليفنى كان محاولة من جانب القاهرة ل«نزع فتيل التوتر بين الجانبين منذ انتهاء التهدئة»، ولو لم تكن القاهرة قد فعلت ذلك لقيل إنها لم تبذل الجهد الكافى لوقف الضربة. وقال الدكتور عماد جاد - رئيس تحرير مجلة مختارات إسرائيلية - إنه عادة بعد مثل هذه الزيارات يحدث نوع من التهدئة، لكن من الواضح أن قرار ضرب غزة قد «اتخذ قبل زيارة ليفنى القاهرة»، ويبدو من التصريحات الرسمية للمسؤولين فى مصر أن «القاهرة فشلت فى منعها»، بدليل التصريحات المصرية المطالبة ب«ضبط النفس». وأضاف: يبدو أنه كانت هناك مشكلة تتعلق بتجديد التهدئة وهو ما سعت إليه مصر، وأن إسرائيل «استغلت» الصواريخ التى تطلق من غزة، وفشل الحوار الفلسطينى والتراشق بين مصر وحماس، وقامت بتوجيه الضربة يوم حفل تخرج دفعة من ضباط شرطة حماس. وقال إن القيام بضربة عسكرية «بربرية»، كالتى حدثت عقب زيارة ليفنى، مصر يفتح الباب أمام الحديث عما إذا كانت مصر قد أوصلت الرسالة بقوة لوزيرة الخارجية الإسرائيلية، وقالت إنها لن تتسامح إزاء مثل هذه الضربة، أما القفز إلى أن مصر أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل فهو أمر «غير مقبول»، لأن تل أبيب ليست بحاجة إلى ضوء أخضر من القاهرة، واختلافات القاهرة مع حماس لا تصل إلى هذا الحد، لأن «مصر هى أول من سيعانى مادياً من هذه الضربة»، وقال ربما كان من «الأفضل» أن تقوم القاهرة بتأجيل زيارة ليفنى، حيث «لم يكن هذا هو الوقت المناسب لاستقبالا»، أو كان على مصر أن ترسل رسالة واضحة لإسرائيل بأنها لن تقبل بهذه الضربة. ونفى جاد أن تكون القاهرة قد أبلغت حماس بعدم وجود ضربة، وقال «هذا تحميل للأمور بأكثر مما تحتمل، مصر دفعت 100 ألف شهيد فى هذه القضية، ولا يمكن أن يختزل دور مصر فى خلاف أخير، ومصر لن تخدع حماس». وقال الدكتور جمال سلامة - أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس - إن ما حدث هو «استخفاف بمصر وبمكانتها ودورها»، مشيراً إلى أن الهدف من زيارة ليفنى هو «توريط مصر» وإظهار أن الرئيس حسنى مبارك كان على علم بالواقعة. وأضاف: أعتقد أن هناك «تعمداً» من جانب إسرائيل للقضاء على البقية الباقية من تأثير مصر على الشارع الفلسطينى، مشيراً إلى أن الدبلوماسبة المصرية استنزفت، ولم تعد قادرة على عمل شىء سواء على مستوى الفصائل أو على مستوى إسرائيل، وما حدث هو «ضربة قاضية للدبلوماسية المصرية، ومحاولة خبيثة من جانب إسرائيل، مؤكداً أنه «لا يوجد تواطؤ من جانب القاهرة». وقال: كان على مصر أن «تتحسس الأمر لأن قضية الضربة العسكرية لم تكن سراً وكانت هناك تصريحات إسرائيلية تؤكد حدوثها، فكان من الأفضل تأجيل زيارة ليفنى أو إلغاؤها بدلاً من أن تنزلق لهذا المنزلق».