مباراة لمحاولة كشف الحقيقة والهروب من إعلانها، يقدمها الفيلم الجديد «فروست نيكسون»، الذى يرصد بضع ساعات قضاها الرئيس الأمريكى الأسبق «ريتشارد نيكسون» للحديث لأول مرة منذ استقالته إلى المذيع «ديفيد فروست»، فى مقابلة تليفزيونية عام 1977 كان «نيكسون» قد تحفظ فى الحديث لوسائل الإعلام المختلفة والتزم الصمت إزاء كثير من الجدل الذى أثير حوله، وكان اختياره الحديث لأول مرة بعد ثلاث سنوات من تقديم استقالته لافتاً للانتباه، خاصة مع اختياره مذيع برامج التوك شو بريطانى الجنسية «فروست»، الذى اشتهر ببرنامج «عبر أستراليا» ليحاوره فى صيف 1977، ويواجه كثيراً من الأسئلة الساخنة حول عمله السياسى وفضيحة «ووتر جيت» التى كانت وراء خروجه من البيت الأبيض وعصفت بمستقبله واستمراره كرئيس للولايات المتحدة، وأيضاً سياسته الداخلية والخارجية خلال فترة رئاسته، وكان اختيار «نيكسون» ل«فروست» مفاجأة كبيرة للجميع، فى حين أن المقابلة التى جمعتهما كانت سبباً فى تغيير مسار ومستقبل كل منهما، نظراً لما حوته من معلومات ومفاجآت ساخنة. يلعب بطولة الفيلم «فرانك لانجيلا» فى دور «ريتشارد نيكسون» و«مايكل شين» فى دور «ديفيد فروست»، ويشارك فى بطولة الفيلم «كيفين بيكون» و«سام روكويل» و«ماثيو ماكفيدين»، وقد بدأ عرض الفيلم فى الولاياتالمتحدة الأسبوع الماضى، وهو إنتاج أمريكى - بريطانى - فرنسى مشترك، ومأخوذ عن عرض مسرحى قدم العام الماضى بالاسم نفسه للكاتب «بيتر موران»، وقد بدأ تصوير الفيلم فى أغسطس 2007، ومدته 122 دقيقة، ورشح لخمس من جوائز الجولدن جلوب، التى يعلن عنها خلال الفترة المقبلة، وأهمها أفضل فيلم لعام 2009، وأفضل إخراج ل«رون هوارد» وأفضل سيناريو لكاتبه «بيتر مورجان» وأفضل ممثل لبطله «فرانك لانجيلا»، الذى حصل على جائزة «تونى» العام الماضى عن الدور نفسه الذى قدمه فى المسرحية، ويتوقع له النقاد الترشح لأوسكار أفضل ممثل عن هذا الدور. وقد كانت هناك منافسة شرسة بين عدد من المخرجين لتقديم الفيلم، منهم «مارتن سكورسيزى» و«مايك نيكولاس» و«جورج كلونى» «سام ميندز» و«بينيت ميللر» إلا أن «روان هوارد» انتزع فرصة إخراج الفيلم بعد موافقة الشركة المنتجة على أن يلعب الممثلان «فرانك لانجيلا» نفساهما - اللذين قدما دورى «نيكسون» و«فروست» فى المسرحية - الشخصيتين على الشاشة، والطريف أن «هوارد» تحمس لإخراج الفيلم لأنه كان ممن انتخبوا «نيكسون» ثم صدموا بفضيحة «ووتر جيت» واستقالته. يبرز الفيلم الجهد الذى بذله «فروست» لجمع المعلومات الكافية عن «نيكسون» من خلال الاستعانة بثلاثة محققين، ويقدم مراوغات «نيكسون» لتجاهل أسئلة «فروست» وعدم الإجابة عنها، بمحاولة إلقاء القفشات والنكات بدلاً من الإجابات، وأن يبدو كإنسان يتمتع بخفة الظل أكثر منه رجلاً سياسياً، والإجابات الرسمية المطولة الأشبه بالخُطب الرسمية، والتى فشل «فروست» فى أحيان كثيرة فى مقاطعته خلالها، كما يقدم الفيلم كواليس تقديم «نيكسون» استقالته وإلقاءه خطابه الأخير، وأيضاً كواليس تسجيل البرنامج، والتى كان أبرزها الاستعداد النفسى والتوتر الذى عاشه «نيكسون» و«فروست» قبل وأثناء المقابلة، واندهاش الأخير من وصول «نيكسون» إلى الاستديو بطائرة هليكوبتر، وحرصه على الاستفسار عن أعداد المشاهدين للمقابلة أولاً بأول، وكذلك كواليس الإعداد للمقابلة، والتى شهدت محاولات إقناع «نيكسون» للحديث، وقد كان منتج البرنامج متشككاً فى إمكانية قبوله لإجراء تلك المقابلة وقدرة «فروست» على إقناعه بالحوار معه، فأعلن الأخير مشاركته فى إنتاج الحلقات للمقابلات الأربع التى أجراها معه ومدة كل حلقة 90 دقيقة، وكان «فروست» قد عرض فى بداية المفاوضات 500 ألف دولار مقابل ظهور «نيكسون» معه، بينما عرضت قناة cbs على «فروست» أن تشاركه بمبلغ 350 ألف دولار وفرها له المنتج، متشككة فى قدرته على دفع مبلغ 200 ألف دولار من المبلغ المعروض على «نيكسون»، خاصة بعد رفع «نيكسون» لمقابل المادى إلى 600 ألف دولار، إلا أن «فروست» نجح فى توفير حصته من المبلغ من خلال الاستدانة من بعض أصدقائه الأثرياء، فى حين استطاع «فروست» سداد دينه من خلال بيع الحلقات بأسعار عالية لكثير من المحطات التليفزيونية فى العالم، واجتذاب كم كبير من الإعلانات. حظى الفيلم بإشادة كبيرة من النقاد، خاصة أداء «فرانك لانجيلا» لشخصية «نيكسون» متفوقاً فى تقديرهم على ما قدم عن هذه الشخصية فى فيلمى «نيكسون» ل«أوليفر ستون»، و«الشرف السرى» ل«روبرت ألتمان»، وأيضاً أشادوا بإخراج الفيلم وإن انتقدوا تقديم بعض المشاهد بالشكل الكلاسيكى الذى ساد فى فترة السبعينيات على حد وصفهم، حيث الكادرات المهتزة التى توحى بأنه لقاء تليفزيونى حقيقى. السيناريست «بيتر مورجان» - الذى قدم العام قبل الماضى فيلم «الملكة» عن حياة «إليزابيث الثانية» ملكة بريطانيا - شبه الفيلم وأداء الممثلين فيه بمباراة شطرنج أو ملاكمة.. كلا الطرفين فيها يسعى للفوز على الطرف المقابل.