مما لا شك فيه أن أصحاب المعاشات الذين أفنوا حياتهم وأضاعوا ريعان شبابهم فى خدمة هذا الوطن كل منهم فى موقعه، يمثلون كنزاً حقيقياً وجواهر مكنونة داخل أرجاء هذا الوطن، وكلما أطال الله فى أعمارهم زادت قيمتهم، ذلك أنهم رصيد هذا الوطن من الخبرات المتباينة المتراكمة عبر السنين، وعلى الرغم من أننى لست من أرباب المعاشات، فإننى أجد أنه من واجب المجتمع، بجميع شرائحه، الوقوف بجانب هؤلاء المستضعفين فى مطالبهم، بعد أن أصبحت الدولة تنأى بجانبها عنهم وتبادر بإذلالهم تحت ضغط الحاجة والعوز، وليس أدل على ذلك من أن أصحاب المعاشات المبكرة الذين يحق لهم الحصول على متجمد أجرهم المتغير السابق خصمه منهم دون وجه حق، يلاقون الأمرَّين فى سبيل الحصول على هذا المتجمد، فيتعين على المستحق لهذا المتجمد خوض حرب ضروس فى معركة طوابير التأمينات، حتى إذا ظل باقياً على قيد الحياة صرف له بضعة جنيهات من مستحقاته على أن يعيد الكرة مرات أخرى، لعله يحصل على حفنة أخرى من أمواله المسلوبة، وبحكم عملى فإننى أدق ناقوس الخطر بشأن طائفة أخرى من هؤلاء المستضعفين، والصادر بشأنهم حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم تحديد حد أقصى لنسبة العشرة بالمائة التى تضاف إليهم سنوياً، حيث يوجد تيار جارف حالياً لرفع دعاوى قضائية للمطالبة بتعديل المعاشات المستحقة لهم عن الأعوام اللاحقة لعام 2004، وليست أزمة المقابل النقدى لرصيد الإجازات الاعتيادية عنا ببعيدة، والتى ضجت بها المحاكم خلال الأعوام الثمانية المنصرمة، ومازال العرض مستمرا!! وكل ما نأمله من حكومتنا الرشيدة النظيفة أن تبادر بدراسة مدى إمكانية تعديل هذه المعاشات، علماً بأنها لا تشمل جميع المحالين للمعاش، وإنما فئة محددة يمكن حصرها فيمن يزيد المستحق له على الحد الأقصى الذى ألغته المحكمة الدستورية دون أن تجبرهم على ولوج باب التقاضى، وما يستتبعه من إرهاق للقضاة والمتقاضين على حد سواء، وكنوع من العرفان بالجميل المفقود فى هذا الزمان. سمير على حسنين - المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة [email protected]