إن تطهير مصر من أمراضها يقتضى تحريرها من أعدائها، الذين هم مصدر كل ما تعانيه من أوجاع، وإن الرغبة فى إقامة مجتمع المنتجين والصادقين تستوجب تطهير ذلك المجتمع من أولئك الذين يعيشون فى الأرض مفسدين، أولئك الذين بغوا وطغوا، أولئك الذين شاركوا فى إزهاق الحرية وذبحها، أولئك الذين حرضوا على تقنين الظلم وتشويه وجه العدالة وضاء الجبين، أولئك الذين أحلوا حراماً وحرموا حلالاً، إنهم جميعاً أعداء مصر، كتائب الإفك والفساد والطغيان، لقد آن لقوات النفاق أن تنسحب وتولى الأدبار، فلا مكان للنفاق فى مجتمع الجدية والصادقين.. أولئك المنافقون الذين أفسدوا الحياة السياسية، والحاكم من الشعب فرضوا عليه عزلاً.. إنهم الذين يصورون له السخط تأييداً، والمعاناة رواجاً، والأزمات سكوناً واستقراراً، لقد آن الأوان لقوات الفساد ومستوردى الموت أن تنسحب من مصرنا العظيمة، فلا وجود لفاسد فى مجتمع الطاهرين، لقد آن الأوان لقوات القهر والطغيان أن ترحل وتنسحب من أرضنا الحرة، وتعالوا نزرع الأرض حرية حرة لا تعرف القيد، فلا معنى للحرية المقيدة إلا أنها عبودية مجددة، ولا معنى للحرية المغلولة إلا أنها حرية مشلولة، ولا معنى للقيد، ذهباً كان القيد أم من نحاس! لقد آن الأوان لكل من شارك فى تقنين ظلم أن ينسحب من أرض، التزمنا بأن نزرعها عدلاً، تؤكده سيادة قانون طاهر، وليس من العدل تهديد الخصوم السياسيين بمخالب القانون وأنيابه، وأن يكون اللصوص والقراصنة وتجار الموت بمنأى عن تلك المخالب وهذه الأنياب! لقد آن الأوان أن يزول كل استثناء من حياتنا، ولننزل التشريعات الاستثنائية من عروشها، ولنستظل بمظلة القاضى الطبيعى وحده الذى هو مصدر العدل لكل الناس!! لقد آن الأوان لقوات التسلق والانتهازية أن ترحل وأن تنسحب، فالمصريون جميعاً أحرار متساوون فى الكرامة والحقوق، وعلى الدولة أن تكفل تكافؤ الفرص لجميع المواطنين.. أملى ورجائى أن تصبح الصحافة كما كانت، وكما ينبغى لها أن تكون شامخة شموخ الجبال الشواهق، تدق بقذائف من نور الحق والعدل، تأخذ بيد المظلوم فتنتصر له، وتتحدى الظالم ولو اعتصم بعرش سليمان.. لقد علمنا التاريخ أن من شاد المجد لشخصه إنما شاد على أنقاض أمته قصوراً، وأن من سعى إلى مجد بلاده فما أعظم ما سعى! وكان سعيه مشكوراً.. لقد علّمنا التاريخ أن من لم يستمع إلى ضمير أمته مناجياً، فإن للحق صوتا سوف يسمعه الغافلون زئيراً! محمد السيد عوض - الشرقية - جزيرة سعود