ماذا حدث لنا؟ كل هذا العنف، كل هذا الحقد، كل هذا الكره وكل هذا التشفى؟! هل أصبحنا نعيش فى مجتمع غاضب، مجتمع حانق لا يسامح، لا يتسامح، غير مستعد أن يقبل الآخر.. ماذا حدث للمصريين؟ فى الشارع حالة غضب عارمة.. الزحام، التصاق الناس، السيارات تتصادم وتتسابق والأجساد تتعارك فى المواصلات العامة المكتظة بالبشر.. إنها أخلاق الزحام: صراخ، زهق، سباب، و.. عنف.. والنصيحة الآن إذا اصطدم بك أحد (بسيارتك) فلا تترك سيارتك وتخرج منها للخناق أو لأخذ حقك - حتى لو كان معك حق - فالأمر قد ينتهى بك إلى المستشفى، أو لا قدر الله إلى المشرحة. ماذا حدث لنا؟!.. حتى حوادث السرقة تنتهى دائماً بالقتل، ولا نسمع سوى عن ذبح فتاة، أو ذبح زوجة، الذبح هو الطريق الأسهل الآن.. ليس مجرد حتى الإصابة الخطأ أو العنف العادى.. لكن الذبح هو السلوك الطاغى الآن.. هل أصبح كل واحد فينا يحمل سكيناً وراء ظهره؟! ماذا حدث لنا؟! إذا تورط أحد المشاهير، سياسياً كان أو فناناً أو كاتباً، فى أى أمر حتى لو كان أمراً شخصياً يخصه أو يخص أسرته، لابد أن تلمح نظرات التشفى تنطق من العيون.. إذا كان رجل أعمال فهو أكيد فاسد، إذا كانت فنانة فهى أكيد منحرفة، إذا كان صحفياً فهو أكيد مرتشٍ.. نحن نكتب عن أنفسنا، نحن ندين أنفسنا وندين المجتمع ككل. أصبحنا نخاف المجتمع أكثر مما نخاف من الصواب والخطأ.. نخاف حكم الناس أكثر مما نخاف حكم الله -للأسف- يقول البعض إن الأمل فى مغفرة الله أكبر بكثير من الأمل فى مغفرة الناس.. وقسوتهم. ماذا حدث لنا؟! ليس فقط الفقر، ليس فقط الظلم، ليس فقط الزحام، ليس فقط الجهل.. إنها جميعاً.. أضف إلى كل هذه البعد عن الدين.. ولا يغرنك كل هذه الملابس الدينية حولنا، ولا يغرنك كل هذه المظاهر الدينية التى تحيط بنا.. ولا يغرنك كل هؤلاء الشيوخ، كل هذه الفضائيات، كل هذه الفتاوى.. لو كنا نعرف الله بحق.. لما أصبحنا بهذه القسوة، وهذا التشفى وهذا الحقد. الفقراء يكرهون الأغنياء، والأغنياء يخافون من حقد الفقراء، وفى النصف طبقة مسحوقة لا تعرف لمن تنتمى.. من نحن وإلى أين! مجتمع يكره النجاح.. إذا نجحت فلابد أن تكون حاقداً كارهاً ترفض كل شىء.. شخصياً إذا كتبت يوماً عن بقعة ضوء واحدة انهالت على رأسى ويلات الرافضين.. رفض هذا هو ما يعجب، أن تكره، أن تحقد.. عندها تكون مثل السواد الأعظم من الناس.. عندها أنت منهم وهم منك. ونحن فى الصحافة -فى الإعلام ككل- مسؤولون.. لم يعد تقصى الحقيقة حرفة، بل هواية قد يتتبعها البعض وقد لا يفعلون، الأسهل أن نقذف الناس بالبنط العريض.. ثم نعتذر لهم بخط صغير فى صفحة داخلية.. الأسهل هو أن نظلم.. وليس أن نسامح ونلتمس الأعذار.. فلنحاسب أنفسنا أولاً قبل أن نحاسب الآخرين. إذا كنا نريد لهذا المجتمع أن يبقى.. أن يتصالح فعلينا أن نتغير، علينا أن نعيد إلى قلوبنا شيئاً من الحب، شيئاً من التسامح من الرأفة، ومن لم يخطئ فليرمنا بحجر.. نحن بشر، كلكم بشر وكلكم خطَّاء.. حان الوقت أن نقبل الآخر، أن نسامح الآخر، نكشف الفساد، لا نسكت عليه.. لكن ليس كل من يسقط عليهم الضوء فاسدين ومنحرفين.. شىء من الحب.. شىء من الأمل وإلا فلا شىء يبقى.. تأتى الأعياد.. نقول لبعضنا كل سنة وأنت طيب هل نعنيها؟! أرجو أن نعنيها. [email protected]