بمناسبة عيد الأضاحى، وحديث البطون، والضانى المشوى «بالهنا والشفا»..، وبما أن الأممالمتحدة حددت عام 2008 للاحتفال ب«الثورة» التى حدثت فى «عالم البطاطس»..، فبعد أن كان الإنتاج العالمى لا يتجاوز 30 مليون طن فى الستينيات، حدثت «الطفرة» فى التسعينيات، ليصل إلى 160 مليون طن..، ولإقبال الناس.. وباستخدام التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة..، وبدخول الصين تضاعف الإنتاج فى السنوات العشر الأخيرة ليتجاوز 320 مليون طن سنوياً..، لتستغنى بعض الدول عن «الخبز»، وتصدر الأقماح، كما تفعل الهند التى بلغ إنتاجها 32 مليون طن..، وحتى «رواندا»، رغم فقر التربة هناك، وقحولة الصحراء والفدان لا ينتج أكثر من 4 أطنان، تدخلت الحكومة بحزمة إجراءات للنهوض بهذا المحصول كأمن غذائى بديل للحبوب..، وفى سنوات خمس، وصل الناتج فى «رواندا» إلى 1.6 مليون طن!! (مصر تنتج 2.9 مليون طن..، وفدان الصحراء المصرية تزيد إنتاجيته على 14 طناً). «تاريخيا».. ظهرت بشائر هذا المحصول قبل الميلاد بألف سنة فى أمريكا الجنوبية، وبالتحديد لدى الهنود الحمر فى «بيرو»، وكانوا يسمونها «Papa»..، ثم انتقلت إلى إسبانيا عام 1534، وسموها «Patata»، ومنها انتقلت إلى أوروبا، فالاتحاد السوفيتى ثم غيرهما.. كان الإسبان يطعمون بها «المرضى».. كعلاج لكثير من الأمراض، لما تحتويه من معادن وفيتامينات (فيتامين C 19.5 ملجرام فى كل 100 جرام + بوتاسيوم 255 ملجرام)..، وانتقلت من المستشفيات إلى «سفرة الأغنياء»..، لتصبح «الوجبة الشعبية» على كل «الموائد» لتعدد الأنواع والأصناف (يوجد أكثر من 3000 صنف حول العالم)..، وكل صنف له «طريقة فى الطهى»..، ومذاق مختلف (فى فرنسا مثلا هناك 26 طريقة لطهيها).. مما جعل المواطن الأوروبى يستهلك 131كجم سنوياً، ولا يحتاج سوى ربع أو نصف رغيف باكيت!! فى الصين وضعوا خطة للأمن الغذائى، وخلال سنوات عشر أصبحت «أولى» دول العالم فى إنتاج البطاطس 73 مليون طن سنوياً.. بعد أن اعتبروه «أمن قومى» ومحصولاً استراتيجياً بديلاً للحبوب، وغذاءً أساسياً لمليار وستمائة مليون مواطن صينى!! وحتى «إيران» اهتمت بهذا المحصول، ودعمت المزارعين، وفى ظرف خمس سنوات تنتج اليوم 4.5 مليون طن، جعلها لا تستورد قمحاً بل تصدر أحياناً.. وحتى «مالاوى» الدولة المجهولة بشرق أفريقيا، قرروا الاكتفاء الذاتى من الغذاء، فاهتموا بزراعة «البطاطس»..، ليصلوا بالإنتاج إلى 2.2 مليون طن.. يزرعونها على سفوح الجبال، وفوق المرتفعات، من ألف إلى ألفى متر تحت السحاب، لتصبح الدولة رقم (2) فى أفريقيا!! ما موقع مصر على الخريطة العالمية؟ دخلت زراعة «البطاطس» مصر، بداية القرن الماضى..، وانتشرت زراعتها أثناء الحرب العالمية الأولى، حينما شجع الإنجليز «فلاحى مصر»، ومدوهم ببذور منتقاة.. وبدعم مادى، حتى يضمنوا إطعام جنودهم.. وبانتهاء الحرب تقلصت المساحات من جديد! وبدأت الحكومة عام 1961 بالاهتمام بهذا المحصول ليزيد 5% سنوياً..، إلى أن حدثت «الطفرة» فى التسعينيات لنصل إلى 1.6 مليون طن، وبدخول مستثمرين محترفين وجادين لغزو الصحراء، وبتشجيع هائل من الدولة، اقتربت مصر من حجز ال3 ملايين طن، لتصبح «الأولى» فى أفريقيا قبل «ماولاى»! وللمذاق الخاص للبطاطس المصرية، ونكهتها المحببة لدى المستهلك الأوروبى بالذات، أصبحت لنا شهرة عالمية فى «عالم البطاطس» دولياً.. رغم أننا نصدر فقط من 250 إلى 400 ألف طن، ويستهلك الإنسان المصرى 25كجم سنوياً لا غير! وتستحق وزارة الزراعة ومراكز البحوث، ومجموعة المستثمرين الأوائل والرواد كل التحية، بعد أن احتلوا مساحة لا بأس بها فى الأسواق الخارجية.. بعد أن كانت حكراً على إسبانيا، وإسرائيل حتى منتصف التسعينيات! وما المطلوب الآن؟ زراعة 200 ألف فدان إضافية حول «بحيرة ناصر».. لمضاعفة الصادرات، ولرخص سعر البطاطس فى مصر، فيستهلك المواطن 125كجم بطاطس + 30 كجم قمح.. بدلاً مما يحدث الآن، ونضطر لاستيراد 7 ملايين طن قمحاً سنوياً، وهذا ممكن جداً للأسباب التالية: 1- «مناخياً».. منطقة البحيرة هى أنسب مكان للتبكير بالمحصول، لدخول الأسواق قبل الآخرين. 2- «المياه» التى ستستخدم فى الزراعة حول البحيرة لن تخصم من حصة مصر ال55 مليون متر مكعب، فهى تحتسب «بعد المرور» من السد العالى. 3- المنطقة هناك نظيفة، والأرض بكر.. ولا توجد ملوثات أو عفن بنى أو أمراض، مما يساعدنا على غزو الأسواق بكميات مضاعفة. 4- إذا وضعت الدولة خطة، واستراتيجية، وقمنا بحملة دعاية مكثفة ومنظمة، وبرامج لتعريف الناس بفوائد «البطاطس» صحياً.. وطرق الطهى ال26..، وبعيداً عن الطرق الأربع التى نعرفها ولا نستحسن بعضها، وبما أن أسعار الغذاء فى العالم ستعاود الارتفاع بجنون، بدءاً من 2010 بعد رفع الدعم فى الخارج عن المزارعين، ولقلة الاستثمارات فى الزراعة.. فمن الواجب الاهتمام الشديد بهذا المحصول.. و«لدىّ قائمة» من كبار المستثمرين المتخصصين فى زراعة وتصدير البطاطس يلهثون منذ سنوات لشراء أراض لزراعتها بعد الإقبال العالمى عليها، أو حتى بعقود انتفاع وليس عقود ملكية! والسؤال: يروحوا لمين؟ [email protected]