وسط مظاهرات احتجاجية على قمة العشرين من معارضين للعولمة ونظام التجارة الحرة، أعلن قادة كبرى الدول الصناعية والناشئة خلال قمتهم فى واشنطن، اتفاقهم على دعم الاقتصاد وإنشاء تنظيم دولى جديد وإصلاح الإدارة المالية العالمية، وطبقاً لما أعلنته الرئاسة الفرنسية قبيل انتهاء القمة تم تضمين قرارات فى بيان نهائى يحتوى على «رسائل إيجابية»، ويشكل خطة عمل مفصلة يتم مناقشة ما توصلت إليه فى تاريخ محدد هو 13 مارس 2009، ويستعيد فكرة تنفيذ استراتيجية تركز على دعم النمو الاقتصادى من خلال سياسات إنعاش ودعم صندوق النقد الدولى وبنوك التنمية لأنشطة الدول الهشة، ويؤكد على عدم السماح بانهيار «أى بلد». أما فى مجال التنظيم الجديد فيتبنى النص الأولى للبيان الأهداف والأفكار، التى أقرتها دول الاتحاد الأوروبى خلال اجتماعها يوم الجمعة الماضى، ويؤكد أنه «لا يمكن ترك أى منطقة تقوم عليها أنشطة مالية أو سوق أو مؤسسة دون تنظيم وقواعد أو مراقبة ملائمة»، ويشدد النص على المراقبة، وهو ما ينافى فكرة الثقة المفرطة فى السوق وحتمية تركها لتنظم نفسها كما كانت تطالب واشنطن، وستشمل هذه العملية اتخاذ إجراءات صارمة ضد صناديق التحوط والملاذات الضريبية وغيرها من الأدوات المالية التى ظهرت فى السنوات الماضية كجزء من العولمة سريعة الوتيرة لأسواق المال العالمية. وخلال المناقشات، تقدمت واشنطن باقتراحين، هما: إنشاء «هيئة مراقبين» للإشراف على المصارف الثلاثين الكبرى و«نظام إنذار مبكر»، من الأزمات المالية، وقد يلعب صندوق النقد الدولى دوراً «مهماً» للتنبيه المبكر إلى اضطرابات محتملة، وأكد الرئيس الأمريكى جورج بوش أن الأزمة المالية لن «تحل بين ليلة وضحاها»، حيث إنها لم تظهر بين ليلة وضحاها، مطالباً ب«رفض الدعوات إلى الحماية والانهزامية فى مواجهة التحدى الراهن». كان موقف رئيس الوزراء الإيطالى سيلفيو بيرلسكونى مشابهاً للموقف الأمريكى، حيث قال إن أى تحركات لتغيير اللوائح التنظيمية، رداً على الأزمة العالمية، يجب ألا تكبل حرية الأسواق، ولا ينبغى أن تسفر عن «غزو مفرط من جانب الدولة للاقتصاد». وفيما رسمت الولاياتالمتحدة الخطوط العريضة للمحادثات فى القمة، حيث تستهدف البحث عن حل يقوم على تحسين إدارة المصارف ومكافحة غياب الشفافية واختلاس الأموال فى الأسواق وتحسين القواعد الحسابية لكل بلد فىما يتعلق بالسندات المالية. فإن كثيرا من الدول ترغب فى أن يشمل تركيز القمة تشديد الأطر التنظيمية المالية، بل وتركز أيضا على إنعاش الاقتصاد الضرورى لمواجهة الانكماش المتوقع فى الدول الثرية خلال 2009 والتباطؤ الملحوظ لدى الدول الأخرى. وشدد رئيس الوزراء اليابانى تارو آسو على أن تعطى واشنطن والدول الكبرى «الأولوية» لإزالة الأصول «السامة» من حسابات المؤسسات المالية، مشيرا إلى وجود خلافات بين الدول الكبرى والصاعدة من ناحية، وبين الولاياتالمتحدة وأوروبا من ناحية أخرى. وشددت البرازيل على «أهمية تنسيق السياسات المتعلقة بالموازنة»، كما ترغب برازيليا أيضا فى أن تصبح مجموعة العشرين منبرا دائما، وتطالب بمزيد من التنظيم المالى وفيما اعتبر البيت الأبيض أن المحادثات التى جرت «مثمرة ومفيدة»، يرى الأوروبيون أن القمة لن تكون سوى «نقطة انطلاق» ولن تؤدى إلى «بريتون وودز» ثانية على غرار الاتفاقيات الموقعة عام 1944، والتى انبثق عنها النظام المالى الحالى، وبالتالى اقترحت فرنسا عقد قمة ثانية، قال وزير الخارجية البرازيلى سيلسو اموريم إنها ستنعقد فى لندن نهاية فبراير وبداية مارس المقبلين. وأيد الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف فكرة عقد قمة جديدة بعد «واشنطن» دون تأخير. وكان الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى قال إن مجموعة العشرين يجب أن تلتقى ثانية بعد 100 يوم من انتهاء المحادثات التى تستضيفها واشنطن لمتابعة توصياتها. وفى الوقت نفسه، أعلن وزير الدولة الفرنسى لشؤون الازدهار إريك بوسون عن عقد قمة حول الرأسمالية الجديدة يومى 8 و9 يناير المقبل بباريس بمشاركة الرئيس نيكولا ساركوزى ورئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير، والعديد من المسئولين السياسيين الأجانب بالإضافة إلى عدد من رجال الاقتصاد للبحث فى كيفية إقامة عالم جديد ورأسمالية جديدة. وحذر الرئيس البرازيلى لويس اينياسيو لولا دا سيلفا ورئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر من أن الأزمة المالية يجب ألا تتوسع إلى البلدان الناشئة.