اختلفت الآراء حول تأثير السلاسل على سوق الصيدليات، فبينما رأى صيادلة أنها تسعى لاحتكار السوق يرى آخرون أنها دفعت السوق للتطوير وتقديم خدمات أفضل، ويرى طرف ثالث أن السلاسل تعمل لصالح فئة معينة من الشارع، ولا تستطيع المنافسة فى المناطق النائية والشعبية بكفاءة الصيدلى الفردى. يعمل الدكتور سيد عبدالراضى صيدلياً بمنطقة حدائق القبة، منذ كان معدل نمو صيدليته السنوى يتراوح بين 22 و25٪، وكان يتعامل مع حوالى 10 آلاف مواطن، ينافسه فى العمل عدد من الصيدليات الصغرى لصيادلة من جيله، كل واحد منهم يحاول الحفاظ على وجوده وتحسين أدائه ورفع معدل نموه. اليوم يعمل عبدالراضى فى صيدليته مع 4 موظفين وبجواره من اليمين واليسار فرعان لسلسلتين صيدليتين ويعمل وسط منافسة غير عادية مع الفرعين اللذين يضمان 30 عاملاً داخل كل فرع يتناوبون على خدمة المنطقة والأحياء القريبة منها، سألنا عبدالراضى عن درجة تأثره بوجود الفرعين فقال «توقف النمو وأصبحت محلك سر منذ افتتاحهما، لكن لم تقل أرباحى أو معدل بيعى». ماذا عن الصيادلة المجاورين لك.. أجاب.. كلهم مثل حالى، إذن لماذا لم تطور آداءك.. أجاب: «أنا صاحب صيدلية صغيرة لا أملك أن أعين 30 فرداً لخدمة الدليفرى». هل تركك أحد زبائنك وذهب إلى إحدى الصيدليتين.. أجاب لا، لكن لم أستفد من التوسع العمرانى والزيادة السكانية إذ توجه أغلبها إلى هاتين الصيدليتين. دعنا ننظر إليهما وكأنهما مملوكتان لفردين لا ينتميان لأى سلسلة، كيف ستكون المنافسة معهما. المنافسة الفردية تختلف.. الفرد لن يستقدم عمالة بهذا العدد مهما كانت إمكاناته المالية.. كما أنه لن يتمتع بخصومات الشركات التى تصل إلى 50٪ لأن السلسلة تشترى كميات جملة كبيرة.. كذلك لن يحظى باهتمام أكبر من مندوبى التوزيع والدعاية ولن تكون له الأولوية. استطرد.. كيف أعين 10 «دليفرى» مرتب كل فرد 1200 جنيه، يعنى 12 ألف جنيه شهرياً بخلاف العمالة والصيادلة ومساعديهم.. إمكانياتى كصيدلية صغيرة لا تمكننى من ذلك، لكن مع توزيع الأرباح على كل فروع السلسلة تجد أن العمالة لا تمثل نسبة كبيرة من التكلفة الإجمالية. وانتهى إلى التأكيد على أن السلاسل تسعى إلى احتكار السوق على حساب الصيدليات الصغرى. تعمل الدكتورة أمانى كمال فى الصيدلة منذ أكثر من 20 عاماً، وتقول: إن السلاسل ساعدت السوق على التطور، ودفعت الصيدليات لتحسين أدائها، والمستهلك لا يهمه سوى أمرين: الأول تلقى خدمة مميزة، والثانى: الحصول على أى مكاسب مادية أو معنوية، سواء بالخصم أو بتقديم خدمات مجانية، وهذا لا يصعب على أى صيدلى بعاملين فقط، دون الحاجة إلى جيش من العمالة، ورقم تليفون معلوم للمواطنين. وبخبرتها تؤكد أن الاحتكار غير وارد فى السوق، وأن السلاسل لا تصل إلى أماكن كثيرة نائية. يضيف محمود الرجاج صيدلى حديث التخرج قائلا: الأماكن النائية والشعبية هى الأنسب للبداية فى هذا المجال، ومنها يمكن أن أصبح صاحب سلسلة، فتلك الأماكن لا تلفت انتباه السلاسل التى «تشتغل» على المواطن الثرى، والذى قد يجذبه عطر أو فرشاة أسنان مستوردة أثناء شرائه العلاج فتحقق السلسلة ربحاً من ذلك، أما الأماكن الشعبية فبالكاد يعيش سكانها، ولا تجذبهم تلك الكماليات، كما أن العمل فى المناطق «الهاى كلاس» بالنسبة للسلاسل أو الصيدليات الفردية لا يحتاج إلى مواصفات خاصة للصيدلية، ويكفى رأس مال مرتفع لتأسيسها. وانتهى إلى أن السلاسل هى المستقبل وأنه يسعى ليكون صاحب سلسلة تقدم خدمة مميزة للطبقة الفقيرة.