وسط حى البستان فى بلدة سلوان الملاصقة للسور الجنوبى من المسجد الأقصى المبارك يقع منزل المقدسى «هشام حسن خليل عقيل» الذى ورثه عن والده، والذى يؤويه وعائلته المكونة من 25 فرداً. منزل عائلة عقيل مهدد بالهدم لمجرد «قربه من الأقصى»: منذ سنوات قرر الاحتلال هدم منزلى وبعد متابعة قضائية صدر قرار آخر بعدم الهدم، ولكنه ذيل بعبارة «يحق للبلدية هدمه متى تشاء». ومنزل خليل أحد المنازل ال88 المهددة بالهدم فى حى البستان، حيث كانت بلدية الاحتلال أصدرت أمراً جماعياً بهدمها لصالح بناء حديقة توراتية «حديقة داوود» مكانها. ويعلق خليل على ذلك بقوله «من أجل حديقة عامة علينا نحن من يملك الأرض الرحيل إلى لا مكان»، وتحول هاجس الترحيل لدى خليل - كما باقى السكان - إلى هلوسة يومية : «أصابتنى حالة هلوسة، أنام الساعة الواحدة ليلا، ساعة واحدة ثم أصحو، أصابنى السكرى (ضغط دم) من الخوف والترقب الدائم». ويتابع: «الهدف تهجيرنا فقط، أتساءل لماذا اختاروا هذا الموقع بالذات، موقع آهل بالسكان حتى ينشئوا حديقة، لو كان سيدنا داوود على قيد الحياة لما قبل بهذا». وتابع يقول: «أنا شخصياً جاءنى شخص اسمه أمير بن يعقوب قبل 12 سنة، وعرض على مبلغ 10 ملايين دولار مقابل إخلاء البيت، وبيعه، طبعا رفضت العرض وطردته من البيت وقلت له حى البستان ليس للبيع». وكانت صحيفة هاآرتس العبرية قد كشفت فى العشرين من فبراير الفائت النقاب عن خطوات عملية تقوم بها بلدية الاحتلال لتنفيذ قرار الهدم الجماعى لحى البستان تنفيذاً لقرار سابق. والقرار السابق يعود عام 2004 عندما أصدرت البلدية فى القدس أمراً بهدم 88 بيتاً، أى الحى بأكمله بحجة البناء غير المرخص، وكان الهدف الحقيقى إقامة حديقة توراتية باسم «حديقة الملك داوود» كأحد مرافق بناء الهيكل المزعوم. فى حينه رفض الأهالى واعتصموا حتى أعلن تجميد القرار على أن يقدم مخطط بنائى شامل للحي، إلا أن لجنة التخطيط والبناء اللوائية، أقرت بدلا منه مخططاً تهويدياً لجميع أحياء منطقة سلوان ومنها حى البستان. وبعد سنوات وبالتحديد فى 18/2/2009 اجتمعت اللجنة اللوائية للتباحث فى المخطط الذى قدمه أهالى الحي، وبالتزامن، كان ممثل عن البلدية يفاوض سكان الحى لإخلاء بيوتهم ال 88 طوعا، مقابل توفير أراضٍ بديلة فى منطقة قريبة أو فى بيت حنينا أحد أحياء شرقى القدس. ومنذ ذلك الحين بدأت طواقم البلدية بإجراءات عملية لبدء الهدم من تصوير الأزقة وأسطح المنازل، وتوزيع إخطارات هدم لنحو 90 بيتا هى مجموع بيوت حى البستان. ويقول فخرى أبوذياب، من سكان الحى وعضو لجنة الدفاع عن حى سلوان: «تسود أجواء من الخوف والترقب وهو أمر طبيعى فعموم أهل الحى متخوفون من المستقبل المجهول، اليوم يمكن تنفيذ المخططات الاستعمارية بسهولة». ويتابع: «من الناحية الإنسانية عند أطفالنا يشعرون بإمكانية أن تهدم بيوتهم ويطردوا إلى الشوارع، هناك توجس حقيقى من أن يعودوا من مدارسهم ولا يجدوا منازلهم كما حصل مع غيرهم فى المدينة، إلا أننا لنا ثقة بالله أولا، ومتمسكون بأرضنا، وثابتون فيها». ويعتبر أبو ذياب كما باقى أفراد الحى أن الهجمة قوّت من صمودهم، فهم يدركون بأن القضية سياسية من الدرجة الأولى وليس تخطيطية او ترخيصية، فالصراع كما يقول «صراع سياسى وعقائدى»، ويجب المحافظة على البيوت والأرض مهما كلفهم الثمن «لن نخرج من منازلنا حتى لو هدموها فوق رؤوسنا».