تخيل أنك تجلس أمام شاشة التليفزيون وتتنقل بأطراف أصابعك على «الريموت كنترول» لتستدعى برنامجاً أو فيلماً أو مباراة كرة قدم وتقوم في نفس الوقت بالرد على تليفونك وأيضا الاطلاع على بريدك الإليكترونى..هذا ببساطة ملمح لما يمكن لتكنولوجيا «Triple Play» أن توفره لك مستقبلاً. لكن قبل أن تغرق فى التخيل تمهل قليلاً، «فالتريبل بلاى» الذى يعتمد على كابل فايبر Fiber Optical ويقدم الخدمات الثلاثية «الصوت والصورة والإنترنت» لن تتم إتاحته إلا فى التجمعات السكنية الجديدة والمغلقة «الكمباوند» من خلال رخصتين أعلن عنهما «الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات» على أن يبدأ التشغيل الفعلى العام المقبل. ففى بلد وضعته الظروف فى مواجهة مكشوفة مع القفزات التكنولوجية التى يشهدها العالم تلوح فى الأفق أسئلة حول الفئات المستهدفة من تلك الخدمات ومدى إمكانية تغلغلها للفئات الأدنى. عماد الأزهرى، نائب رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات، نفى ل«المصرى اليوم» وجود أى دوافع تميزية وراء ربط خدمات التريبل بلاى بالمناطق السكنية المغلقة، واعتبر، فى تصريحات خاصة لملحق «ستارت»، أن المصرية للاتصالات بصفتها أكبر مشغل حكومى للاتصالات لا تدخر جهداً من أجل توفير خدمات الاتصالات باعتبارها حقاً للجميع. وأوضح الأزهرى أن توفير أدوات الاتصال الحديثة لن يتم بين ليلة وضحاها، فهى عملية مكلفة للغاية وتحتاج توفير بنية أساسية كبيرة لأن كابل الفايبر الواحد من المفترض أن ينقل الخدمة الصوتية «التليفون الأرضى» وخدمة الإنترنت والبث التفاعلى للتليفزيون لما يعرف بتكنولوجيا الiptv وهى تقنية تسمح بتلقى البث التليفزيونى فى الوقت الذى يحدده العميل لا جهة البث، واعتبر الدكتور شريف حافظ، رئيس مجلس إدارة شركة ماسبيرو العقارية أن المبانى الذكية هى التطور الطبيعى للنمو العقارى المتزايد فى مصر، موضحاً أن توفيره للطبقات المتوسطة سيكون صعباً بسبب تكلفة التكنولوجيا التى ستجعله حكراً على الفئات الأكثر ثراء. ومن المتوقع أن يستهدف هذا المشروع فى مرحلته الأولى أماكن التجمعات الجديدة مثل «6 أكتوبر والتجمع الخامس ومدينة الرحاب ومدينتى ودريم لاند وبعض أحياء مدينة نصر والمعادى وعمارات العبور». ويرى المهندس أحمد عبدالجواد، رئيس قطاع التكنولوجيا بشبكة راديو وتليفزيون العرب «إيه آر تى» أن دورة التكنولوجيا الحديثة فى بداياتها عادة ما تكون موجهة لطبقات بعينها سواء كانت طبقات قادرة مادياً أو أكثر ميلاً لتجربة كل ما هو جديد، ثم لا تلبث هذه التكنولوجيا أن تتجه للفئات الأخرى. لكن هذا المبرر لم يقنع المهندس طلعت عمر، الرئيس السابق لشبكة نقل المعلومات بالشركة المصرية للاتصالات، الذى يؤكد أن قصر تقديم خدمات الاتصالات المتقدمة بالمناطق السكنية المغلقة فيه نوع من التمييز، ويخدم طبقة رجال الأعمال على الرغم من أن الحكومة تعلن أنها تستهدف توصيل التكنولوجيا المتطورة لكل بيت فى مصر، وما تم إعلانه مؤخراً يتناقض مع أهداف الحكومة المعلنة. وتعتمد فكرة التريبل بلاى على قيام شركات الاتصالات بتغيير بنيتها لتعتمد على الإنترنت بشكل كلى سواء فى نقل المكالمات عبر بروتوكولات الإنترنت voip وكذا تغيير طريقة بث القنوات الفضائية واستبدال القمر الصناعى بتليفزيون يعتمد على بروتوكولات الإنترنت أيضًا. كما تتيح تلك الخدمات المتطورة بدائل عديدة أمام المستخدمين فيمكن على سبيل المثال لهواة البلاى ستيشن لعب مباراة كرة قدم أمام جارك وأنت داخل منزلك أو أن يتم ربط كاميرات المراقبة المنزلية بشاشات التليفزيون وغير ذلك من خدمات لم نشهد لها مثيلاً فى مصر حتى الآن إلا على نطاق محدود للفئات الأكثر ثراء ونفوذًا. وعلى عكس ما يبدو للجميع فإن خدمات التريبل بلاى تقدم فى مصر فعليًا منذ ثلاث سنوات تقريبًا، لكن بشكل جزئى لم يرق للمستويات التى ظهرت بدول الخليج العربى والولايات المتحدةالأمريكية وأوروبا، فقد وقعت شبكة إيه آر تى وشركة تى إى داتا اتفاقًا تم بمقتضاه بث بعض المحتوى التليفزيونى عبر الإنترنت كنواة أولية لما يسمى real ip tv وهو مشروع مستمر حتى الآن مثلما يؤكد أحمد عبدالجواد الذى قال إن خدمات التليفزيون التفاعلى بمصر لم تقدم سوى فى مكانين أو ثلاثة وهو ما سيتغير مع طرح الرخصتين الجديدتين. ويعتقد مسؤول بشركة أورانج أن مستقبل خدمات التريبل بلاى فى مصر سيكون مبهراً فى بلد تعداد سكانه يتجاوز 80 مليوناً، ويراهن فى ذلك على أن الشعب المصرى يتمتع بالرغبة فى تجربة كل ما هو جديد، كما أن الأسعار التى قد تكون مرتفعة فى البداية وليست فى متناول الجميع سوف تنخفض مع الوقت. وأوضح أن التليفزيون التفاعلى سيكون إحدى أهم النقلات النوعية التى تقدم للمشاهد المصرى فى الفترة المقبلة، ولن يحتاج العميل للاستماع للمقولة الشهيرة «تخلّص من تليفزيونك القديم» لأن أغلب الأجهزة المطروحة بالأسواق الآن به مداخل ومخارج تناسب أساليب البث الحديثة. وفيما يتعلق بأسعار الخدمات التفاعلية التى تقدمها تلك الشركات يوضح الدكتور عمرو بدوى، الرئيس التنفيذى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات أن الجهاز لن يتدخل إلا فى أسعار الخدمات الأساسية مثل المكالمات والإنترنت وهى أسعار معروفة بحكم القانون لكنه سيترك الباب مفتوحًا أمام الشركات فى وضع أسعار باقى الخدمات، وفق متوسطات محددة. وعلمت «المصرى اليوم» أن هناك اتجاهاً لقصر خدمات الاتصالات الأرضية للشركتين المرخص لهما داخل التجمع السكنى فقط بما يعنى أن إجراء أى مكالمة أرضية لطرف خارج التجمع السكنى سيكون من خلال الشركة المصرية للاتصالات وبسعر قد يختلف عن قيمة المكالمة بين طرفين داخل المجمع السكنى. وفى المقابل فإن مسؤولاً بإحدى شركات أنظمة الشبكات رحب بما قاله رئيس جهاز تنظيم الاتصالات، غير أنه حذر من إجبار قاطنى «الكمباوند» على التعامل مع الشركتين المرخص لهما، معتبرًا أن إغفال هذا الجانب فيه إغفال لحقوق المستهلكين فى الاختيار بين أكثر من متنافس. وقال إن أسعار خدمات القيمة المضافة يصعب الآن التكهن بها، وإن كان هناك بعض المتوسطات العالمية التى يمكن الارتكاز عليها لكن كل تلك الأمور لن تتضح قبل معرفة تفاصيل كراسة الشروط وعمليات الترابط مع المصرية للاتصالات ونوعية الخدمات المرخص بها.