أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى سيد المرسلين، ومن رحابه انطلق لرؤية رب العالمين، وفى جنباته تشرّف بإمامة النبيين والمرسلين، ومع كل هذه المآثر والمناقب يئن ويستصرخ ويستجير ويستغيث، ولكن بلا مجير وبلا مغيث وبلا مجيب!! وقد وضعته الأقدار تحت وطأة عصبة من اليهود تذرعت بذريعة الهيكل المزعوم! فصالت وجالت وحامت حول الأقصى لاجتثاث جذوره ولتفتيت صخوره تدميراً لبنيته وتهويداً لسيرته وتحطيماً لهويته، منتهكين بذلك تاريخه وجغرافيته وقدسيته وحرمته ومكانته!.. ومع أن عمليات التنقيب بقيادة عالم الآثار اليهودى (يوفال باروخ) قد كشفت النقاب عن مسجد أثرى إسلامى تحت باب المغاربة، فإنهم ما زالوا فى غيهم يعمهون وعن هيكلهم المزعوم يبحثون ويحفرون وينقبون ويدمرون!! فسيرتهم حبلى بجرائم لا تعد ولا تحصى لتدمير الأقصى! وهنا تطل علينا محرقة الأقصى فى 21/8/1969 التى أضرمها اليهودى (مايكل يوهان) بإيعاز من النظام والحاخام! وأتت على الأقصى فالتهمت ثلث مساحته، وعلى مسجد عمر فدمرته، وعلى منبر صلاح الدين فأحرقته، وعلى محراب زكريا فحطمته! ثم منحوه البراءة مبررين براءته بالجنون وما هو بمجنون وكذلك يدعون!! وعموماً فيا سيدى إذا كان هو حالهم فما هو حالنا؟! وها هو الأقصى يتسرب من بين أيدينا وقد كان بأيدينا ثلاثة عشر قرناً وفقدناه فى غفلة من الزمان، ولم نعد نملك له إلا الدعاء آناء الليل وأطراف النهار، وموسوعة مفعمة بكل مفردات الحزن والأسف والأسى والشجب والتنديد والاستهجان والاستنكار.. وهم يشيدون جسراً من باب المغاربة إلى حائط البراق! فيا سيدى هل من صلاح الدين، وهل من حطين لتلجيم هذا الاعتداء السافر السافل المهين أم نقول ما قاله الجد عبدالمطلب لأبرهة اللعين (إن للبيت رباً يحميه) وننتظر الطير الأبابيل المرسلة من رب العالمين! فيا سيدى الأقصى يدمر ويغتال ونحن نخوض فى أمور كثر فيها القيل والقال والجدال حول النقاب والحجاب والخمار، ومشروعية الصلاة فى مسجد مطرب الحمار، وإطالة اللحى وحف الشوارب والحواجب وتقصير الجلباب والبنطال ودخول الحمام بالشمال، وهلال رمضان وتوحيد الأذان، وزواج المتعة والمسيار والشفار وتزغيط البط هل هو حلال أم حرام وإرضاع الكبار! ناهيك عن تعرض بعض الأقلام لسيرة الأخيار الكرام تعرضاً يتأفف عن سرده البيان ويتعفف عن ذكره اللسان.. فأصبحنا بكل هذا وذاك مثل الذين قتلوا الحسين بن على بن أبى طالب وفصلوا رأسه عن جسده. فيا سيدى هل آن الأوان أن نفيق؟! ونحرر الأقصى ونطهره من دنس هؤلاء المعتدين ونشد له الرحال كما أمرنا سيد المرسلين.. اللهم آمين. عميد مهندس متقاعد محمد محمود سلامة المندرة - الإسكندرية