عباس وماهر ومنير الصعيدى وموسى أبوموسى وعلى أبوسيته وغيرهم، شهداء فلسطينيون، لكل واحد منهم قصته فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى، وهم وغيرهم خلدتهم حيطان غزة التى حملت صورهم مصحوبة بعبارات من عينة «رهبان فى الليل»، «الشهيد البطل»...الرسم على الحيطان شكل آخر من المقاومة.. سجل مصور لتاريخ شعب يقاوم حتى بالألوان. وأحسنت المصورة الصحفية السويدية ميا جروندهال عندما قررت أن توثق رسومات أهالى غزة فى كتاب ممتع صدر حديثاً عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية. الكتاب صدر بعنوان: «جرافيتى غزة، رسائل الحب والسياسة» وهو حصيلة سنوات من العمل عاشتها مؤلفته وسط جدران غزة وسعت خلالها إلى تصوير كل رسم ذى دلالة، ولم تكتف بذلك لكنها أيضاً التقت بعض الرسامين الذين تميزوا فى فن الرسم على الحيطان المرتبط أساساً بقضيتهم ومصيرهم. بدأ ظهور هذا الفن فى الأراضى الفلسطينية، كما يُشير الكتاب، عام 1987 مع بداية الانتفاضة الأولى فى الوقت الذى غابت فيه وسائل الإعلام المختلفة من تليفزيون وراديو وصحف. حينئذ بدأ ظهور رسامى الحيطان المتنوعين بتنوع الفصائل السياسية، فقد كان لكل فصيل رساموه. والهدف: المقاومة بالرسم وبالكلمات. وكانت أبرز الرسومات تلك التى اعتنت بالشهداء بعد رحيلهم حتى تظل صورهم ماثلة فى الأذهان وكأن الحائط يحث بقية الفلسطينيين على الاستمرار فى مواجهة المحتل وبث الحماس فى نفوسهم، نقرأ مثلاً كلاما من عينة: «عهداً أبا على وكل الشهداء لن نخون دماءكم وسنواصل طريقكم»، كأن الحائط يتكلم: ثمة من بذل نفسه فداء لكم فلا تخذلوه. ونرى رسماً صريحاً لأحد المنتمين لسرايا القدس وقد سدد سلاحه فى وجه جندى إسرائيلى مصحوباً بكتابة باللون الأحمر: «الدم قانون المرحلة، سرايا القدس». نرى «حنظلة» ناجى العلى وقد أدار وجهه إلى الحائط ونقرأ: «أنا فلسطينى وبس يا جحش...». حملت الحيطان أيضاً رسومات للرئيس الرحل ياسر عرفات تقول: «لن تُكسر إرادة شعب كان العمار ياسر رمز ثورتها» وأيضاً للشهيد الشيخ أحمد ياسين. المدهش أن الرسامين هناك لم يعبروا فقط عن قضيتهم بل ذهبوا الى أبعد من ذلك عندما حاولوا بطريقتهم مساندة أشقائهم فى القهر، نرى رسماً مؤثراً يُطالب صاحبه بوقف الحرب على العراق: «أوقفوا الحرب على العراق» وآخر كُتب عليه بالإنجليزية: «الأطفال العراقيون والفلسطينيون ولدوا ليعيشوا». وتحت عنوان دال خصصت ميا جروندهال فصلاً من كتابها لتوثيق ما سمته «رسومات السعادة» ضمت فيه عددا من الرسومات التى يُسجل فيها الفلسطينيون لحظات السعادة التى تمنح الأمل وتؤكد استمرار الحياة رغم تعاسة الواقع: قلب أحمر، وردة، وردة وقلب وشمعة، «ألف مبارك للعريس». الفلسطينيون يفرحون أيضاً. GAZA GRAFFITI, MESSAGES OF LOVE AND POLITICS Mia Grondahl 156 pages AUC Press