تشرق كل صباح كطفل وليد عند صرخته الأولى تعلن للدنيا، وخصوصاً أولئك الذين أصابهم الليل بالقلق والاكتئاب، أن تجاوزوا عن قلقكم وأبشروا بتباشير الأمانى وابلغوا الأمل بعد اليأس.. إنها الشمس، هذا النجم الساحر، التى تدور حوله الأرض وسائر كواكب المجموعة الشمسية، فعندما تبزغ الشمس وتعكس أشعتها تضخ الدم فى الحياة ، وتفصل الحبل السُّرى من الوسائد لتلقى بالناس إلى دور العبادة وإلى الحقول والمدارس والمصانع والدروب، فتبتسم الطبيعة وتضاء الدنيا وتشبعها الشمس طاقة وجمالاً.. تعم كل مكان تصل إليه أشعتها الذهبية.. فتهواها البذور حين تلقى ويحسها النبات فيزداد نموا وتخطب الزهور ودها فيكثر عطرها وشذاها.. ومن الشمس يتعلم النبات والحيوان والإنسان نشيد الإشراق فيغنى لشروقها، فهى دليل المسافر وخريطة الأرض، وبرنامج فيه سطور تعلم ساعات النهار، ترى أثرها على جبين الفلاح والصياد والغواص والعامل، وينتظرها العاشق الذى بات ساهرا يصوغ الأغانى والأشعار لحبيبته، ويرصد أشعتها ليلقى بكلمات العشق على مسامعها.. إنها الربيع الدائم لكل حى والشباب المتدفق لكل موجود تشرق فى ثوبها الذهبى عروس لا يذهب جمالها لو زاد إشعاعها على الحد المطلوب لأحرقت الأرض، ولو نقص إشعاعها عن الحد المطلوب لتجمدت الحياة.. والشمس هى مصدر الدفء والضياء، ومعظم الطاقات الموجودة على الأرض من بترول وفحم وغاز طبيعى ورياح صورة من صور الطاقة الشمسية، فهى من أكبر نعم الله علينا.. كان الرومانيون أيضا يقدسون الشمس ويؤلهونها، وكانت أعظم الآلهة عند الرومانيين (جوبيتر) وهو إله النور وكان اليابانيون وما زالوا يعبدون الشمس ويقيمون لها التماثيل فى معابدهم، أما القدماء المصريون فكانوا يعتقدون أن بيضة عظيمة طفت على وجه البحار فخرج منها (رع) رب الشمس.. ورغم تقديس الأمم لها قديما.. ورغم أننا لم نكتشف إلا القليل من أسرارها وفوائدها فإننا لا نستطيع استقبالها فى كل الأوقات، ولا يزال الله يتقبل منا أعمالنا ويغفر لنا خطايانا حتى تأتى الشمس بأمره من المغرب فلا يُقبل عمل ولا تنفع توبة وعلى العاقل ألا يكتفى بانتظار شمس الغد.. وإنما يهيئ نفسه للشروق الجديد سواء فى الدنيا أو الآخرة. طارق الغنام