سألنى وهو يتعجل اصطياد تصريح نارى ملتهب قبل أن يقفل السماعة ليصطاد تصريحا آخر من غيرى: «ما الذى تريد أن تقوله للدكتورة هالة مصطفى رئيسة تحرير مجلة الديمقراطية تعليقا على استقبالها السفير الإسرائيلى فى قلب مؤسسة الأهرام؟». ولعله فوجئ بى أجيبه بهدوء لم يتوقعه منى: «أريد أن أسألها هل الاستراتيجية تميت القلب؟». «نعم يا فندم؟»، قالها مستهجنا وقد أربكه سؤالى فظننى هازلا فى أوان الجد، بادرته راجيا أن يترك لغيرى الأسئلة العميقة والمنهجية والمنطلقة من خلفية معرفية تحليلية، ويتركنى أنتهز فرصة سؤاله لأخرج الأسئلة المحشورة فى زورى كيفما اتفق، حتى ولو كانت تبدو حمقاء وساذجة وسطحية وأحادية البعد وفجة وشعبوية، فهى عندى الأسئلة الفيصل والمحك والأجدى، وكل واحد وعلامه يا سيدى. «أريد أن أسأل ومن قلبى والله هل تمتلك الدكتورة هالة تليفزيونا من أى موديل أو ماركة تشاهد عليه نشرات الأخبار، هل كانت تشاهد نشرات الأخبار بالتحديد فى أواخر العام الماضى وأوائل العام الحالى إبان العدوان الإسرائيلى على غزة، ولن أسأل عن تواريخ أخرى لم أكن أنا شخصيا أمتلك فيها تليفزيونا أشاهد عليه نشرات الأخبار فلعلها كانت لا تمتلكه مثلى؟.. أريد أن أسأل هل رزق الله الدكتورة هالة مصطفى بأولاد أم بنات؟، لست أدرى ولا أنت تدرى، لكن، بالتأكيد فى عائلتها الكريمة ثمة أولاد فى عمر الزهور أو بنات قمرات زى الشربات، يا ترى لو عرف هؤلاء الأطفال أن ماما هالة أو طنط هالة أو تيزا هالة التقت بسفير الجيش الذى يقتل الأطفال والنساء والشيوخ ويضرب المدنيين الأبرياء بالقنابل المحرمة دوليا ويسوى ببيوتهم الأرض، ولو سألوها لماذا فعلت ذلك، كيف ستجيبهم، هل سيفهم هؤلاء الأطفال كل تنظيرها الاستراتيجى وتقعيرها السياسى الذى تظن أنه يمكن أن ينطلى علينا نحن الكبار، هل تبدو لك أسئلتى ساذجة إلى حد لا يمكنك تقبله من شخص يفترض به أن يكون مركبا ولو بعض الشىء؟، ماذا تتوقع منى أن أفعله وقد وصلنا إلى حد لم نعد نتمنى فيه البقاء لشىء سوى الأسئلة الفطرية المبدئية البدائية». «قبل أن تلومنى قل لى بالله عليك ما الذى تنتظره منى عندما أرى سيدة استراتيجية تعلمت قواعد البحث العلمى وانطلقت منها لنيل شهاداتها العلمية التى أوصلتها إلى ما هى عليه، وعندما يواجهونها بفعلتها الشنعاء لا تجد ما تقوله سوى ذلك العذر الذى شاهدناه كثيرا فى برنامج خلف الأسوار ينطق به لصوص وقتلة وبنات مش كويسة «ما كلهم عملوا كده يابيه.. إشمعنى أنا».. ماذا يكون موقفنا ككتاب دراما نحاول جاهدين أن نخرج من تراث الإكليشيهات الدرامية التى يقف فيها المعكوشون حديثا ليقولوا بصوت مسموع «أنا لو وقعت مش هاقع لوحدى.. لأ هاجيب سيرة الكل بقى وعليا وعلى أعدائى».. ثم نرى سيدة استراتيجية يفترض أنها ترأس تحرير مجلة الديمقراطية التى «نستمنّاها» من ربنا وهى تردد هذه الجمل مُلَقِّحة بالكلام على رئيس مجلس إدارتها الدكتور الاستراتيجى عبدالمنعم سعيد لتذكره بالأيام الاستراتيجية التى استقبل فيها السفير الإسرائيلى فى مكتبه مرارا وتكرارا قبل أن يبشرنا سيادته بأنه اعتذر للسفير مجددا عن استقباله فى مكتبه ليس لأنه يرفض مواصلة ارتكاب جريمة أخلاقية مثل هذه ويعتذر عنها بل لكى لا يشق صف الأهراميين.. هل هذا هو المفكر المحترم الذى يطنطنون له ليلا ونهارا.. فرق إيه بالذمة عن على سالم وغيره من المطبعين الذين استأسد الكل عليهم بينما يتجاهلون وقائع التطبيع المؤسفة التى فضحها التشليق الاستراتيجى المتبادل.. لماذا إذن نلوم على الشباب الذى يسافر إلى إسرائيل ليعمل ويتزوج ويبيع روحه وضميره إذا كنا نسمح بتسويق هذه النماذج من البشر على أنها مشرقة ومشرفة ومحترمة؟.. وإذا كان المطبّع يحصل على أوسمة الاحترام بدعوى أنه يمارس عمله الاستراتيجى ويفهم الآخر.. أليس عارا علينا أن يموت محمود عوض أبرز من جعلنا نفهم الآخر العدو دون أن يحصل من مصر ولو حتى على ورقة مقواة تشكر فضله وتعترف له بالجميل.. أليس عيبا أن يختطف أشاوس الداخلية سيد سادات المعرفة الدكتور عبدالوهاب المسيرى ليرموه فى صحراء التجمع الخامس بينما تجعل الدولة من أمثال عبدالمنعم سعيد وهالة مصطفى نماذج للفكر والمعرفة والدراسات السياسية؟». آلو.. آلو.. قفل فى وجهى الجبان. * يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]