تمنيت مثل أغلب المصريين أن يفوز فاروق حسنى، وزير الثقافة ،بمنصب مدير عام اليونسكو (الحروف الأولى بالإنجليزية من اسم منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم كاختصار)، وسعدت مثل أغلب المصريين بالنتيجة المشرفة للانتخابات على المنصب، حيث كانت فى الجولة الأولى بين ثمانية مرشحين، وأصبحت فى الجولة الرابعة بين اثنين هما المرشح المصرى والمرشحة البلغارية (29 صوتًا لكل منهما)، وفى الجولة الخامسة فازت البلغارية بتراجع صوتين فقط عن تأييد فاروق حسنى. تمنيت فوزه وسعدت بنتيجة الانتخابات، لأن فاروق حسنى مصرى وكان مرشح مصر رسميًا، ويمثل كل العرب والمسلمين والأفارقة فعليًا، وكان من شأن انتخابه أن يصبح أول عربى وثانى مسلم أفريقى يتولى هذا المنصب الدولى المرموق بعد السنغالى أحمد مختار أمبو، الذى تولاه فى ثمانينيات القرن الميلادى الماضى.. ولكنى دهشت من بعض ردود الأفعال التى نشرت حول نتائج هذه الانتخابات، بما فى ذلك رد فعل فاروق حسنى وعدد من أفراد الوفد الذى كان يرافقه. قال الوزير إنه تم تسييس المعركة الانتخابية على المنصب، وإنه ضد تسييس المنظمة باعتبارها للتربية والثقافة والعلوم، وهذا قول غريب لأن كل المناصب الكبرى فى كل دول العالم هى سياسية، فما بالك بالمناصب الدولية، ودهشت أيضًا من الحديث عن مواقف الدول ال58، التى لها حق التصويت ومنها 7 دول عربية و13 دولة أفريقية، وكأن التصويت علنى، بينما هو سرى، ولا يمكن بأى حال معرفة الدولتين اللتين تراجعتا عن تأييد مرشح مصر، وحسمتا بذلك النتيجة لصالح المرشحة البلغارية. ولكن ما يثير الدهشة أكثر ارتفاع أصوات أعداء الحوار والتعايش بين الثقافات بأن هذه النتيجة دليل على أن الشرق شرق والغرب غرب، ولن يلتقيا كما قال كبلنج شاعر الاستعمار البريطانى، وأنها دليل على سقوط أوباما فى أول اختبار لمدى مصداقية ما جاء فى خطابه فى جامعة القاهرة فى دعوته للحوار والتعايش بين الثقافات. فالمعركة لم تكن بين الشرق والغرب، ولو كانت كذلك لما حصل مرشح الشرق على 29 صوتًا، ولما هزم بصوتين فقط، وينسى قائل هذا الكلام أن الشعب الأمريكى انتخب أوباما ليغير أمريكا، وسياساتها تجاه العالم، وليس لتغيير العالم أو الغرب أو الشرق، وأن انتخابات اليونسكو مثل أى انتخابات مناصب دولية كانت بين أفراد يمثل كل منهم دولته، ولكنهم يظلون أفرادًا بمعنى أن من هزم فى النهاية كان فاروق حسنى، مرشح مصر، وليس مصر ذاتها ولا الشرق. ومشكلة فاروق حسنى الأساسية التى حالت دون نجاحه أنه وزير فى حكومة وافقت على رفض التطبيع الثقافى مع إسرائيل استجابة للرأى العام السائد بين المثقفين، وهى فى ذلك على حق، وإن وافقت على التطبيع فى مجالات أخرى. [email protected]