كيفية إثبات المهنة وتغيير محل الإقامة ب الرقم القومي وجواز السفر    غارة إسرائيلية تستهدف سيارة في جنوب لبنان    كرواتيا تسحق التشيك بخماسية في تصفيات كأس العالم    الاستعلام عن نتيجة الصف الأول الإعدادي 2025 بمحافظة القاهرة    ماجدة الرومي تحيي حفلا في بيروت 8 يوليو    شاهد عادل حفيد الزعيم عادل إمام مع خطيبته فريدة قبل زفافهما    كاديلاك أوبتيك V موديل 2026.. سيارة رياضية كهربائية فائقة الأداء بقوة 519 حصانًا    بايرن ميونخ يعلن موقف الصفقات الجديدة من كأس العالم للأندية    برلمانية: مصر تستعد للاستحقاقات النيابية وسط تحديات وتوترات إقليمية كبيرة    محافظ الدقهلية: دعم لأسرة شهيد محطة وقود العاشر وتكريم لبطولته (صور)    مصرع 3 أشخاص في حادث تحطم طائرة صغيرة بجنوب إفريقيا    وسط استمرار حالة الجمود السياسي.. رئيس كوسوفو تحدد موعدا للانتخابات البلدية    أمينة خليل تحتفل بزواجها فى اليونان بصحبة الأهل والأصدقاء.. فيديو وصور    إلهام شاهين تحتفل بعيد الأضحى مع شقيقها وسوزان نجم الدين (صورة)    روتين ما بعد عيد الأضحى، كيف نساعد أطفالنا على العودة للنوم المنتظم؟    موعد أول إجازة رسمية بعد عيد الأضحى المبارك .. تعرف عليها    مدرب منتخب بولندا يكشف تفاصيل أزمة ليفاندوفسكي    قرار قضائي بشأن واقعة مصرع طفلة غرقًا داخل ترعة مغطاة في المنيا    تصفيات كأس العالم.. تشكيل كرواتيا والتشيك الرسمي في مواجهة الليلة    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب سيارة ميني باص على صحراوي قنا    دوناروما يقود منتخب إيطاليا ضد مولدوفا في تصفيات كأس العالم    أمين عام الناتو: سنبني تحالفًا أقوى وأكثر عدالة وفتكًا لمواجهة التهديدات المتصاعدة    محمد البهنساوي يكتب: حج استثنائي فماذا بعد ؟    العثور على 10 جثث لشباب هجرة غير شرعية غرب مطروح    الزراعة: ذبح 450 أضحية لمؤسسات المجتمع المدني في غرب النوبارية    لتجنب تراكم المديونيات .. ادفع فاتورة الكهرباء أونلاين بدءا من غد 10 يونيو    وزير الصحة يتلقى تقريرا عن متابعة تنفيذ خطة التأمين الطبي للساحل الشمالي خلال الإجازات    البابا تواضروس يوجه نصائح طبية لطلاب الثانوية العامة لاجتياز الامتحانات    استعراضات فرقة الطفل تخطف الأنظار على المسرح الروماني بدمياط الجديدة    بعد صراع مع السرطان.. وفاة أدهم صالح لاعب سموحة للتنس    روشتة طبية من القومي للبحوث لمريض السكري في رحلة الحج    مظهر شاهين عن إحياء أحمد سعد حفلًا غنائيًا: "مؤلم عودة البعض عن توبتهم"    بأنشطة في الأسمرات والخيالة.. قصور الثقافة تواصل برنامج فرحة العيد في المناطق الجديدة الآمنة    إصابة 20 شخصا بحالة تسمم نتيجة تناول وجبة بأحد أفراح الدقهلية    «سرايا القدس» تعلن الاستيلاء على مسيّرة للاحتلال في شمال غزة    «التعاون الخليجي» يبحث مع «منظمة الدول الأمريكية» تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    الصحة: فحص 3 ملايين و251 ألف سيدة ضمن المبادرة الرئاسية ل «العناية بصحة الأم والجنين»    حارس إسبانيول على أعتاب برشلونة.. وشتيجن في طريقه للخروج    هل الموز على الريق يرفع السكري؟    وكيل الشباب والرياضة بالقليوبية يشهد احتفالات مبادرة «العيد أحلى»    آخر موعد لتقديم الأضحية.. وسبب تسمية أيام التشريق    موعد إجازة رأس السنة الهجرية.. تعرف على خريطة الإجازات حتى نهاية 2025    من الشهر المقبل.. تفاصيل زيادة الأجور للموطفين في الحكومة    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    الأربعاء.. عرض "رفرفة" ضمن التجارب النوعية على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    التحالف الوطنى بالقليوبية يوزع أكثر من 2000 طقم ملابس عيد على الأطفال والأسر    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الزمان الروحانى
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 09 - 2009

كتبت هذا فى واشنطن وفى رمضان 2007، ورمضان فى واشنطن ليس رمضان القاهرة، رمضان رائحة وزمان تشتمها فى الحسين فى قلب القاهرة، أو فى الأقصر حول ضريح سيدى أبوالحجاج، رمضان هنا يدخل فى زمان آخر، وتلك اللخبطة فى الزمان تضفى على الشخصية تركيباً أحيانا وتشوهات أحيانا أخرى، مما دفعنى للتفكير فيما كانت مشكلتنا زمانية أو مكانية، فمن نحن؟ وما هو زماننا؟ أدرت المحطة على قناة الجزيرة فسمعت المذيعة تقول إنها فى تمام الساعة الثانية بتوقيت مكة المكرمة؟ زمان مكة.
وسمعت من قبل تليفزيون حزب الله يقول بتوقيت القدس المحتلة؟ توقيت القدس؟ زمان القدس وزمان مكة، وشهر رمضان، وشهور أخرى، ترى ماذا يعنى الزمان الذى نتبناه فى رسم الهوية إيجابا أو سلبا، أم أن تلك فلسفة للهروب لا طائل منها. تجربتى تنظر إلى صغائر الأشياء وتحاول فهم النفس وأروح من خلالها، فمن الصغير تتكون الأمور الكبيرة.
 نظرت إلى صفحة جريدة «الأهرام» وما عليها من أزمنة وتواريخ، وإذا نظرنا معا نرى تاريخا يحدد يوم رمضان مثلا، وهذا ما يمكن تسميته بالزمن الروحانى للأمة، زمن له خصوصيته وعلاماته، يفتح مجال الحديث عن علاقات التاريخ القمرى بالتاريخ الشمسى، وعلاقة الوقت الحديث الذى نراه فى ساعات يدنا بالظواهر الطبيعية، مثل شروق الشمس وغروبها، والتى كانت مفاهيم حاكمة لتحديد علامات الوقت قبل ظهور الساعات الحديثة.
 الزمن الروحانى هو زمن داخلى وخارجى فى آن، تجد فى رمضان زمن النفس الداخلية متداخلا مع زمن العلامات الحديثة المحددة للوقت. وقت تدخل فيه دائرتك الإسلامية.
ثم تجد فى الجريدة ذاتها إلى جانب التقويم الروحانى المتمثل فى التاريخ الهجرى. التاريخ الجرجورى الشمسى، وهو المعتمد فى الغرب، (يسمى هذا التقويم فى أغلب الدول العربية بالتقويم الميلادى). وهو زمن حداثى مرتبط بالحالة الرسمية المحلية وكذلك الحالة العالمية. من حالات وصول مرتب الموظف إلى تاريخ إقلاع الطائرات ووصول الوزراء وسماع نشرات الأخبار.
أما التاريخ الثالث المصاحب فهو تقويم المجتمع الزراعى، وهو تاريخ مرتبط بحياة النبات والفلاحين، ربما بنفس الدرجة التى يرتبط فيها التقويم الهجرى بالروحانيات. وكنا نعرف منذ الصغر كأبناء للفلاحين أهمية هذا التقويم المحلى (الفرعونى والقبطى) وكان جزءا من حياتنا وحياة الزرع، فنقول إن شهر أبيب فيه البلح الرطيب. أى أن موعد جنى التمر من النخيل يكون فى هذا الشهر، وكنا نعرف أيضا أن شهر برموده هو شهر الحصاد،
 إذ يقول الفلاح المصرى إن برموده لا يبقى فى الغيط ولا عودة، أى (نهاية أعواد نبات القمح وحصادها)، أما شهر مسرى، الذى ينطقه الفلاح ميسره. فتكون فيه المياه العكرة أو فيضان النيل بما يحمل معه من طمى. النقطة هنا، هى أن زمان التقويم القبطى بالنسبة للفلاح لا يقل أهمية عن زمان التقويم الجرجورى بالنسبة لموظفى الحكومة أو المتعاملين مع حالة العولمة والعالم الخارجى الذى نراه فى صورة شهور نوفمبر وأكتوبر وديسمبر إلخ.
إذن نحن نتحرك فى زمان روحانى دينى (رمضان 1428) وزمان زراعى (هاتور 1720) وزمان جرجورى معولم (أكتوبر2007). تعدد الزمان يضفى على المكان صفات وكذلك على شخصية البلاد وهويتها صفات وطبقات ثقافية تكون مكونات الأنا الوطنية، ومن خلال هذه الدوائر الثلاث فى الزمان تبدو شخصية مصر أصيلة فرعونية وقبطية بالمعنى الواسع، حيث إن كلمة قبطى تعنى «مصرى»، ولا تعنى الاختزال الحادث الآن الذى التصق فيه هذا المعنى بالإخوة المسيحيين فقط‏. فمصر قبطية بحركتها فى التاريخ القبطى‏ (‏هاتور 1720)، كذلك تكون مصر إسلامية وهى تتحرك فى التاريخ الاسلامى أو الزمان الروحانى (‏رمضان‏)‏، وهى أيضا عالمية فى حركتها فى التاريخ الجرجورى الشمسى.
‏ إذن لا تثريب على من يرون أن مصر فرعونية من منظور الحركة فى دائرة الزمانى الزراعى‏،‏ أو من يرونها متوسطية من المتحركين فى الزمن الجرجورى الشمسى أو من يراها إسلامية من المتحركين فى الزمان الهجرى الإسلامى.
ما معنى هذا الكلام وما علاقته بأسئلة طرحتها فى هذا المكان عن علاقة الدينى بالدنيوى، عن علاقة قبة الشيخ بقبة مجلس الشعب وعن رؤيتنا للحكم فى مصر؟ كيف يمكن الإفلات من تصور عمرانى وممارسات يتداخل فيها الدنيوى والمقدس والانتقال إلى ذهنية المواطنة وعلاقات الحقوق والواجبات؟‏!‏ أسئلة سأحاول الإجابة عليها فى مقالات قادمة، مقالات تتناول ملاحظات عن المجتمع المصرى شغلتنى بشكل متقطع خلال السنوات العشر الأخيرة.
ملاحظات تبدو بسيطة على السطح‏، لكنها مسكونة فى الوقت ذاته بجوهر الإجابة عن مثل هذا السؤال المركب‏،‏ سؤال ملبوس بمجموعة العلاقات التى قدمت لها فى حديث العمران وتخطيط المدن والبلدان،‏ وعلاقته بالممارسات الديمقراطية وبكل من عنصرى الزمان والمكان‏.‏ وكل عام وأنتم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.