عندما تصل هذه الرسالة إلى القراء مساء السبت تكون جوائز مهرجان فينسيا قد أعلنت قبل ساعات. ورغم المنافسة القوية حيث وصل عدد أفلام المسابقة إلى 25 فيلماً بإضافة الفيلم الفلبينى «لولا» إخراج بيرلانتى ميندوزا الذى فاز فى مهرجان «كان» فى مايو الماضى عن فيلمه السابق، ظل الأمل قائماً فى فوز الفيلم المصرى «المسافر» إخراج أحمد ماهر حتى آخر لحظة. كان من المتوقع أن يثير الفيلم انقساماً بين النقاد سواء فى مصر أو خارجها مثل كل عمل فنى مختلف عن السينما السائدة، ويقدم صاحبه رؤية جديدة بأسلوب جديد، ولم يكن من المعقول ولا المقبول أن تنتج وزارة الثقافة فيلماً لا يختلف عن الأفلام التى تنتجها شركات السينما العاملة فى السوق، والتى تخضع لمقاييس السوق بدرجة أو بأخرى بالطبع. ولكن ما حدث مساء الخميس بعد العرض الرسمى للفيلم ربما لم يحدث من قبل فى تاريخ السينما حيث قام بعض العاملين فيه بالهجوم عليه علناً بعد أن شاهدوه لأول مرة بمن فى ذلك عمر الشريف الذى لم يعجبه تأخر ظهوره إلى الجزء الثالث والأخير من الفيلم وكأنه لم يقرأ السيناريو، ولم يعجبه أداء خالد النبوى وغير ذلك من الملاحظات. فمن الطبيعى أن تكون هناك ملاحظات سلبية فى المناقشات بين العاملين فى الأفلام فيما بينهم، وقد تكون صحيحة أو غير صحيحة، ولكن ليس من الطبيعى أن يعمل أى شخص فى أى فيلم ويهاجمه علناً فى الصحافة والتليفزيون رغم اختياره فى مسابقة أعرق مهرجانات السينما فى العالم، وهو فى ذاته إنجاز لم تحققه السينما المصرية من قبل إلا من خلال فيلمين من أفلام المخرج الراحل يوسف شاهين، إن ما حدث لا يوصف إلا ب«الجريمة» الكاملة، ويتعارض مع أبسط المبادئ الأخلاقية. ولم يكن من الطبيعى أيضاً أن يهاجم الفيلم ممدوح الليثى نقيب السينمائيين المصريين ومنتج فيلم «واحد - صفر»، وكذلك عدد من العاملين فيه، وكأن ماركو موللر، مدير المهرجان كان على حق عندما اختار «واحد - صفر» للعرض فى برنامج «آفاق» خارج المسابقة، ولم يكن على حق عندما اختار «المسافر» للعرض فى المسابقة. حسب استفتاء النقاد فى نشرة المهرجان شاهد «المسافر» عشرة منهم: واحد أعطاه 3 نجوم من 5، وأربعة نجمتين، وواحد نجمتين ونصف، وأربعة نجمة واحدة. وحسب الصحافة الإيطالية لم ينشر عن الفيلم سوى نقد واحد فى صحافة الجمعة نشرته صحيفة «الجازيتينو»، وفيه يقول الناقد إن المخرج «واعد» وإن عمر الشريف قدم أحد أحسن أدواره منذ «دكتور زيفاجو»، وأن الفيلم يذكر بعالم فللينى، ويعتبر نقداً سلبياً بصفة عامة. وليست هناك علاقة بالضرورة بين آراء النقاد وبين قرارات لجان التحكيم فى أى مهرجان. من لم يعجبهم الفيلم من مصر أو من خارجها أخذوا عليه غموضه وبطء إيقاعه وعدم تعبيره عن الواقع الاجتماعى المصرى وانفصاله الكلى عن السينما المصرية، أما الغموض فمن البديهى أنه مسألة نسبية، وأما النقاط الأخرى فهى عند البعض، ومنهم كاتب هذه السطور، من المزايا وليست من العيوب.