على باب ورشة تصنيع الفوانيس، جلس ناصر مصطفى، ممسكا مقصه بيده اليمنى، يقطّع الصفيح إلى شرائح متساوية دون أن يخطئ فلا توجد شريحة أعرض أو أطول من شريحة أخرى. فى ورشة الحاج أحمد مصطفى، الشهير باسم «أحمد بلاجة» والتى يبلغ عمرها 100 عام وتوجد فى بركة الفيل بالسيدة زينب، تعلم ناصر صناعة الفوانيس، تلك الورشة التى ساهمت فى تخريج معظم أسطوات المنطقة التى تعد الأشهر فى صناعة الفوانيس. منذ نعومة أظافره، تعلم ناصر صناعة الفوانيس، إذ كان والده يصطحبه إلى ورشته وهو فى السابعة من عمره، وظل ناصر طوال حياته لا يعرف عملاً آخر سوى صناعة الفوانيس. ناصر قال: صناعة الفوانيس صناعة وراثية توارثتها الأجيال السابقة وحتى يتقنها صاحبها، يلزمه 10 سنوات، لأنه يبدأ صبيا ثم مساعدا ثم «أسطى». وأضاف: صناعة الفوانيس فى طريقها للانقراض، نظرا لمشقتها وقد ابتعد الأبناء عن متابعة العمل بها لأنها مهنة لا تدر ربحا، خاصة مع دخول الفوانيس الصينية التى ملأت السوق المصرية منذ 4 سنوات وأقبل الأطفال عليها لأنها ترقص وتغنى. كما أن زيادة أسعار الخامات أثرت بالسلب على الصناعة وأصبح صناع الفوانيس لا يتعدون أصابع اليدين، فالقصدير الذى كان يباع منذ 20 عاما ب10 جنيهات أصبح ثمنه الآن 110 جنيهات رغم أن كيلو الصفيح يباع ب 3 و5 و10 جنيهات على حسب عرضه، ولهذا فتكلفة الفانوس تزداد يوما بعد يوم، كما أن الفانوس الصفيح لا يشهد إقبالا بعد أن دخلت السوق المحلية ميداليات تضىء وتغنى بنفس الشكل. بالرغم من دخول الكمبيوتر عالم صناعة الفوانيس والآلات التى أضافت جمالا على المهنة وجعلتها أسهل عن ذى قبل، فإن أشكال الفوانيس لا تشهد تطورا. شغل ناصر يستمر طوال السنة ولا يتوقف إلا ثلاثة شهور، من شهر رمضان وحتى عيد الأضحى، كما أكد ناصر أن صناعة الفوانيس الكبيرة قبل شهر رمضان ب3 شهور بينما الفوانيس الصغيرة قبل رمضان ب 6 شهور، وشهر شعبان هو عيد الصنيعية، حيث يباع فيه إنتاج العام، وعلى أساسه يحددون إنتاج العام القادم.
