■ فتوى الدكتور يوسف القرضاوى، التى أيدها الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية، بشأن إفطار المسافر بالطائرة، وأنه لا يحين إلا بعد غروب الشمس، وبعد أن يراها المسافر تغرب رأى العين، تعنى أن المسافر المتجه غرباً، الذى قد يمر عليه وقت طويل، وربما اليوم كله قبل أن يشاهد غروب الشمس من الطائرة، عليه أن يظل صائماً كل هذا الوقت.. فتوى فيها عسر ومشقة، وفى المقابل جادل فقهاء وفلكيون ودفعوا بعدم منطقية الفتوى، وزعموا أن إفطار مسافر الطائرة يحين عند غروب الشمس فى بلد المغادرة. أى أن المسافر يفطر وقت أذان المغرب فى البلد الذى تم الإقلاع منه، وهذه فتوى فيها يسر، وقد قال الله تعالى: «ومن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أُخر يريد الله بكم اليسر.. ولا يريد بكم العسر»، وقال رسول الله: «ليس من البر الصيام فى السفر».. الله ورسوله يريدان بنا اليسر، فلماذا نُعسّر على أنفسنا ونخوض فى جدل حسمه الدين مسبقاً، حين أمر الله المسافرين بالإفطار وأن يقضوا بعد ذلك «عدة من أيام أخر».. مش كده ولا إيه؟! ■ الإسلام، المسيحية، اليهودية، ديانات وعقائد مختلفة، وليس من العدل التفرقة بين الناس على أساس دينهم وما يعبدون، ولقد أكد الإسلام هذا الأمر، ولعل الديانات الأخرى تكون قد حثت هى الأخرى على ذلك، وما أكثر الآيات والسنن فى الدين الإسلامى التى حرّمت وجرّمت التفرقة بين الناس، فالجميع إخوة فى الإنسانية، إخوة فى المواطنة، لهم الحقوق نفسها مثلهم مثل بعضهم، لا تفرق الدولة بينهم والعقائد أمرها لله، أما أن نقول إن المسيحية تجيز للمسيحى التبرع بأمواله لبناء مسجد!! فهذا نفاق، أو أن ندّعى أن الديانة الإسلامية تجيز للمسلم أن يرصد أو يوصى بأموال لبناء كنيسة!! فهذا أيضاً نفاق، إنما يتبرع المسلم للمساجد ويتبرع المسيحى للكنائس، وكل منهما يبتغى من ذلك القربة لله، ومن يقل بخلاف هذا، أو يتساءل بدهشة إن كان الدين الإسلامى لا يجيز التبرع لبناء الكنائس!! فهذا نوع جديد من النفاق يصح أن نطلق عليه النفاق الدينى، يضاف إلى أنواع النفاق الأخرى، التى برع فيها المصريون. ■ كثيراً ما أتساءل بينى وبين نفسى: هل سيقدر لمصر يوماً أن تحتل مكانة مرموقة ومكاناً متقدماً بين دول العالم.. أم أنه قد كتب عليها أن تظل دون السبق، فى ذيل القائمة؟ وأنتهى دائماً إلى أن الأمر كله متوقف على أبنائها، ومدى قدرتهم ورغبتهم فى الدفع بها إلى الأمام، الأمر إذن معقود على الشباب، والشباب فى مصر أغلبه لا يمتلك الأدوات ولا المقدرة التى تمكنه من فعل ذلك، الأسباب عديدة أكثر مما يمكننى حصره، منها ما هو مادى مثل التعليم الردىء، الذى قتل فيهم القدرة على الابتكار والإبداع، وانعدام التدريب لمن تخرج منهم، واللازم لتطوير إمكاناتهم، بالإضافة إلى ضيق الحال الذى دفع الشباب إلى سلوك أسهل الطرق للكسب بغض النظر عن كثير من القيم، و.. و.. و. ومنها ما هو معنوى مثل شعورهم بهوانهم على مؤسسات الدولة، واعتقادهم أن من ليس له ظهراً لابد مضروب على بطنه، أيضاً إحساسهم بغياب العدالة الاجتماعية جعلهم يفقدون الانتماء، أما النخبة من الشباب، الذين مكنتهم الظروف من الحصول على تعليم شبه جيد من المدارس الأجنبية ومدارس اللغات، تجد أن طموح أغلبهم يتجه نحو مغادرة البلاد بعد الانتهاء من دراستهم، وضعفت عندهم الهوية وقل عندهم الانتماء، وارتبطوا بالثقافة والتقاليد الغربية إلى حد ما، وهذا يدفعنى إلى الخوف والقلق والتشاؤم أكثر الأحيان. ■ لماذا لا تضع المدارس، أجنبية أو لغات أو حكومية، ضمن مناهجها مشروعات خدمة مجتمعية وتسند إلى الطلبة القيام بها، بحيث تتولى كل مجموعة مشروعاً، ونجاح المشروع يمكن أن يرصد عليه درجات، وفى جميع الأحوال لا يتخرج طالب إلا بعد أن يكون أمضى وقتاً محسوباً فى نشاطات الخدمة المجتمعية خارج المدرسة، فمثل هذه المشاريع تُرسخ لدى الطلبة الإحساس بالمسؤولية، وتدعم لديهم الشعور بالانتماء والهوية، كما أن نجاحهم فى إنجاز هذه المشاريع يمنحهم الثقة فى قدراتهم ويطمئنون إلى استطاعتهم التأثير فى المجتمع وإحداث تغيير إلى الأفضل، فيشحذ ذلك هممهم ويقوى عزائمهم، ودون أن نساعد الشباب حتى يكون قادراً وراغباً فى رفع شأن مصر مستقبلاً، فليس أمامنا إلا التمسك بالذيل.. ذيل القائمة. ■ أوصى جعفر الصادق ولده فقال له: يا بنى من رضى بما قُسم له استغنى، ومن مد عينه إلى ما فى يد غيره مات فقيراً، ومن لم يرض بما قسم الله له بعدما سعى اتهم الله فى قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استعظم زلة نفسه استصغر زلة غيره، يا بنى من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن سل سيف البغى قتل به، ومن احتفر لأخيه بئراً سقط فيها، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم، يا بنى إياك أن تزرى بالرجال فيزرى بك، يا بنى قل الحق لك أو عليك، وكن لكتاب الله تالياً، وللسلام فاشياً، وبالمعروف آمراً وعن المنكر ناهياً، ولمن قطعك واصلاً، ولمن سألك معطياً، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء فى قلوب الرجال، وإياك والتعرض لعيوب الناس. يا بنى إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فإن للجود معادن، وللمعادن أصولاً، وللأصول فروعاً، وللفروع ثموراً، ولا يطيب ثمر إلا بأصول، ولا أصل ثابتاً إلا بمعدن طيب، يا بنى إن زرت فزر الأخيار، ولا تزر الفجار فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها، وشجرة لا يخضر ورقها، وأرض لا يظهر عشبها، يا بنى اقبل وصيتى، واحفظ مقالتى، فإنك إن حفظتها تعش سعيداً، وتمت حميداً.