«النجاح قد يتحول إلى نقمة، والجمال قد يجلب الشقاء لصاحبته».. هكذا كررت اعترافات هبة السيسى هذه البديهيات القديمة، التى وصلت إلى درجة المأساة الكاملة فى حياة عدد غير قليل من ملكات الجمال وحسناوات عروض الأزياء فى العالم، من ناتاشا الروسية التى حزّت شرايين يدها بقسوة داخل مطبخها، إلى العارضة وملكة الجمال أفغانية الأصل سحر دفتارى التى ألقت بنفسها من طابق مسكنها المرتفع فى العاصمة البريطانية لندن، ورسلانا كورشونوفا العارضة الكازاخستانية ذات الجمال الأخاذ، والتى طارت أيضا من نافذة شقتها فى حى مانهاتن بمدينة نيويوركالأمريكية، وعشرات الحالات التى تثير التفكير فى حجم الصراع الداخلى الذى يضغط على فتاة فى مقتبل العمر، تجد نفسها فجأة «سلعة» تحت كمية رهيبة من الضوء.. «هبة» لم تقل كل شىء، لكن ما قالته بجرأة يكفى لدق جرس إنذار عما يحدث فى كواليس حفلات ملكات الجمال، وأسواق الإعلان والفيديو كليب، وعروض الأزياء، وأطماع تجار الفن، وفى الحوار اعترافات أخرى على طريقة «المس وامض»، لكن خطورتها لم تعد تخفى على أحد، والجديد الذى تقدمه «المصرى اليوم» هو جرأة النشر لنكسر حواجز المسكوت عنه فى حياتنا، فلنبدأ.. ■ من أين تبدأين اعترافاتك؟ - أعترف بأننى أشعر بالندم على وصولى سن ال 25 وأنا مازلت طالبة فى السنة الأولى بكلية الإعلام، فقد أضعت 6 سنوات من عمرى فى دراسة الحقوق، 6 سنوات كانت عقابا لم أتحمله ولم أنجح فى الانتهاء منه بشكل إيجابى.. وأعترف أيضا بأنه رغم فشلى فى اختيار بعض قرارات حياتى، فإننى أتخذ قراراتى بنفسى، لأننى تعودت أن أختار بعقلى، ولم تواجهنى أى معارضة من أهلى عند بداية حياتى العملية، التى بدأت بعملى كموديل، لكننى أعترف بأننى تسببت فى إصابة أمى بالسكر والضغط والقلب، بسبب أزماتى المتعددة، وكذلك بسبب توترها الشديد الناتج عن توترى. ■ هل لهذا التوتر علاقة باختيارك ملكة جمال مصر؟ - سأحكى لك القصة من أولها، وأترك الحكم لك وللقراء، أنا بدأت حياتى العملية سنة 2002 فى مجال الموديلنج، وكنت شغوفة بمسابقات ملكات الجمال العالمية وأتابعها، إلى أن سمعت عن مسابقة ملكة جمال مصر، فتوجهت إلى الشركة المنظمة وهناك تم اختيارى ضمن المجموعة المشاركة، لكن لظروف عائلية لم أشارك، وبعد عام فوجئت بهم يتصلون بى للمشاركة، وبالفعل شاركت ونجحت وحصلت على لقب ملكة جمال مصر 2005. ■ وطبعا تغيرت حياتك كلها بعد الفوز؟ - اللقب كان له تأثير كبير فى حياتى، وفتح لى أبوابًا كثيرة، أهمها باب التمثيل الذى أعشقه وكنت درست فيه بعض «الكورسات»، ولم أستطع دخول مجال الفن، ولكن بعد الفوز بلقب ملكة الجمال انهالت العروض السينمائية، وأتيحت لى فرصة العمل كمذيعة وهو مجال لم أكن أفكر فيه على الإطلاق، كما عرض على عمل شريط غنائى، لكنى رفضت لأنه حاليا يوجد «مطرب لكل مواطن»، وقلت أركز فى التمثيل. ■ نتابع كثيرا من المشكلات التى تحدث فى كواليس مسابقات الجمال، فهل يمكن أن تقدمى اعترافاتك عن هذه التجربة بصراحة؟ - تعرضت لمشكلات كثيرة أثناء فترة المسابقة، وعشت تحت ضغط عصبى، لأن المتسابقات انقسمن بين فريقين، البعض يرى أننى أجدر باللقب، والبعض الآخر يشجع متسابقة أخرى، والغريب أن الجميع اتفقن على الابتعاد عنى، وعدم التعامل معى، وكانت تجربة قاسية. ■ ما سر هذا الصراع؟ - انتشرت فى كواليس المسابقة شائعة تقول إن منظم المسابقة يوسف سباهى يتعمد «تطبيخ» النتيجة لصالحى، وهذا أدى إلى نتائج عكسية، وجعله يبتعد عنى طوال فترة المسابقة ويتجاهل اتصالاتى، على الرغم من أنه كان الوسيلة الوحيدة للاتصال بالعالم الخارجى، حيث كنا نعيش فترة الاستعداد للمسابقة فى أحد الفنادق وبعيدا عن أى أخبار خارجية، فعشت ضغطا نفسيا رهيبا. ■ هل خرجت مكروهة من زميلاتك إلى هذا الحد؟ - مش كلهم.. بعد الانتهاء من المسابقة خرجت ببعض الصداقات، وطبعا كنت أنا التى سعيت لاكتسابها. ■ ماذا عن الجانب السلبى فى حياة ملكات الجمال؟ - أسوأ شىء أن الناس تنظر إلى ملكة الجمال باعتبارها فتاة بلا قيود «ومتفتحة ع الآخر»، ويأخذون عنها انطباعا «مش كويس» فلا يرون منها إلا جمالها فقط دون النظر إلى حياتها العادية، كإنسانة لها عائلة تحبها وتخاف عليها ويؤذيها ما تسمعه عنها. ■ كيف واجهت هذا؟ - كنت أشارك مثل جميع ملكات الجمال فى أعمال خيرية، ونسافر إلى مختلف المحافظات لتقديم المساعدات الإنسانية. ■ لم نسمع عن أى دور اجتماعى لك؟ - مش لازم أعلق يافطة أقول فيها تعالوا شوفوا الخير اللى ملكات الجمال بتعمله، وفى النهاية تعلمت أن هذا الضغط العصبى ضريبة وجودى تحت الأضواء. ■ هل لهذا الحد تعرضت لضغوط عصبية؟ - أعترف لك بأننى كنت كثيرا أنام «معيطة» بسبب أهلى والناس القريبين منى، الذين كانوا يعلقون على الأخبار والشائعات المنشورة عنى فى الجرائد الصفراء، وكان سكان الشارع ينظرون لى بالريبة والشكوك، ويتربصون بى ليضبطونى وأنا أفعل أى سلوك غير تقليدى ويتعمدون تضخيمه حتى وإن كان عادياً أو بسيطاً جدا، وكانوا يصدقون أى شىء يقال عنى مهما كان سيئا، وكان البعض يتجرأ ويستوقفنى فى الشارع ويسألنى: فين ملابسك المثيرة التى تتحدث عنها الصحف، ولماذا أتعمد عدم الظهور بها أمامهم فى الشارع؟! وهذه الأمور جعلتنى أنهار عصبيا ولا أخرج من المنزل، ولكن مع الوقت أصبحت لا أنفعل، وتعودت على هذه المضايقات، وكنت أفكر كثيراً فى أن حياتى فى المنصورة كانت أفضل، فالحياة هناك مختلفة وهادئة، ولا توجد صراعات بين الأهالى بخلاف القاهرة التى أثر زحامها وتلوثها على سلوكيات الناس فأصبحوا فى صراع دائم وعلى وشك الانفجار أو الانهيار. ■ ماذا عن علاقتك برانيا يوسف، التى قالت فى لجنة تحكيم مسابقة ملكات الجمال «هبة أحسن الوحشين»؟ - لا يوجد تعامل بينى وبينها، لأن اللى «مايحبنيش» لا أتعامل معه. ■ ماذا كان شعورك أثناء لحظة تسليمك التاج للفائزة الجديدة فى العام التالى؟ - أعترف بأن المرة الوحيدة التى حزنت فيها عند تسليم تاج ملكة جمال مصر، هى سنة 2006، لكن بعد ذلك كان أمراً عادياً، وعلاقاتى بملكات الجمال كلها جيدة، وأحتفظ بالتاج لأقدمه لابنى وأنا أحكى قصة حياتى لهم، ومازلت أحلم يوميا فى منامى بلحظة تسلم التاج. ■ دخولك عالم الفن ببطولة سينمائية مع الفنان محمد سعد، ما تقييمك لتلك التجربة؟ - أعترف بأننى كنت على وشك الدخول إلى مستشفى المجانين أثناء تصويرى فيلم « كتكوت»، حيث فوجئت بصفحات الجرائد مليئة بمانشيتات على لسانى تهاجم محمد سعد، فى الوقت الذى لم أتحدث فيه إلى أحد، ثم أتلقى اتصالات من سيدة معروفة فى الوسط الفنى تخبرنى بأن تلك الحملة لن تتوقف حتى يتم تدميرى، بالإضافة إلى غضب محمد سعد الشديد من تلك الأخبار، وعدم اقتناعه بما أقوله، الأمر الذى جعلنى تحت ضغط عصبى شديد، فضلاً عن تأثيره على دورى بالفيلم والذى تم قصه، وخرج دورى غير مؤثر، الأمر الذى دفعنى للابتعاد عن السينما، وأرفض العروض التى تقدم لى خوفا من تكرار ما حدث. ■ ما السبب الحقيقى لرفضك المشاركة فى فيلم «حين ميسرة»؟ - كنت أخشى رد فعل الجمهور، وشعرت أننى لو قمت بالدور الذى قدمته غادة عبدالرازق بعد ذلك، كان الجميع سيكرهوننى، وأنا واثقة أن رأى النقاد الذين امتدحوا دور غادة كان هيختلف معايا. ■ إلى هذا الحد تشعرين بأن الناس تتربص بك؟ -هذا بسبب تعرضى لمواقف كثيرة أكدت لى ذلك، حتى داخل الوسط الفنى نفسه، فمثلا فى مسرحية «يا احنا يا هما» عشت أسوأ أيام حياتى، وكنت قد قررت منذ اليوم الثانى أن أتوقف عن المشاركة لولا تدخل الأستاذ أشرف زكى. ■ لماذا؟ - بالرغم من أننى كنت أقوم بدور بنت «مسترجلة» إلا أن إحدى الفنانات كانت تأتى بصديقاتها من أجل مضايقتى، حتى أننى كنت أصعد يوميا على المسرح وأنا «معيطة»، وقد كنت أخشى الخروج من حجرتى بسبب البودى جاردات الموجودين وكنت أخشاهم وأشعر أنهم سيؤذوننى «هيكعبلونى». ■ لماذا؟ -لمجرد أن الفنانات المشاركات فى العرض رأين أن الجمهور يتفاعل معى أكثر من أى أحد آخر. ■ هل تقصدين لوسى؟ - الفنانة لوسى لم تفعل معى شيئاً، ولم توقف العرض لكنى أنا لم أتحمل وقلت «أشترى عمرى وكفاية ضغط نفسى»، لكن لوسى سكتت عما كان يحدث معى ولم تعترض. ■ هل تشعرين أنك ناجحة كممثلة؟ -لا يهمنى رأى من يعارضنى، فأنا أقدم العمل الذى يعجبنى «حتى لو معجبش أى حد»، يكفينى أن أتفرج عليه وحدى. ■ أليس هذا نوعا من الغرور؟ -أنا لست مغرورة، لكن الغرور صفة يلصقها الناس بى، لأننى عندما أشارك فى أى احتفال لا أتحدث مع أحد، ولا أحب أن أكون متطفلة، ولا أحب النفاق، وكل من يقترب من عالمى يعلم أننى لست مغرورة وإنما «واخده جنب مع نفسى». ■ ما اللقب الذى تفضلينه: الفنانة أم الملكة؟ - أعترف بأننى لا أحب كلمة فنانة ويستفزنى جدا من ينادينى به، وعندما ينادينى أحد بهذه الكلمة أثناء التصوير أشعر أنه يخبئ لى مصيبة أو «إنه فيه حاجة غلط هتحصل»، وقد وصلت إلى تلك النتيجة من خلال مواقف شاهدتها أمامى لبعض الأصدقاء، كما أن النداء على فرد بمهنته أمر «شكله مش حلو، يعنى هل تحبين أن يناديك أحد فى الشارع ويقول لك: يا صحفية؟». ■ بماذا تفسرين كل هذا الجدل الذى يثار حولك بسبب ملابسك؟ -السبب فى مقومات جسدى فهى التى تجعل الملابس لها شكل مختلف، فقد أرتدى فستانا يقول الناس إنه مثير جدا، ثم ترتديه فنانة أخرى بعدى، فلا يلفت الانتباه، لكننى عموما أرتدى ملابس عادية، لكن الشائعات وصلت إلى حد قول البعض إن هبة السيسى جعلت البنات تنزل الشارع باللانجيرى، لقد أشعرونى بأننى أنزل الشارع عارية، حتى إن سكان المنطقة التى أسكن فيها كثيرا ما يوقفوننى ليسألونى عن الفساتين المفتوحة اللى بيسمعوا عنها. ■ كيف تتعاملين مع من ينتقدك؟ - فى البداية كنت أتعامل مع النقاد بعصبية و«نرفزة عالية جدا» حتى تعبت صحيا ونفسيا، وبعدها أقنعت نفسى بأن أتعامل مع النقد على أنه أمر عادى، لأنه من الطبيعى ألا يتفق الناس على حب شخص واحد. ■ دخلت مجال الفن منذ 4 سنوات، لكنك لم تحققى شيئا يذكر؟ - أعترف بأن هناك شخصية وقفت ضدى وحاربتنى فى مشوارى وبأمرها كانت تخرج المانشيتات التى تهاجمنى، وكانت سببا فى إلغاء 3 أفلام وقعت على بطولتها، بسبب شائعة ارتباطى بزوجها رغم أننى كنت أشعر بأنه والدى، وقد تنبهت تلك الشخصية للمكائد التى دبرها وسطاء بينى وبينها لتصفية حسابات معى، وبدأت فى العدول عن الطريقة التى تتعامل بها معى. ■ ما الشيء الذى ينقصك؟ - ناقصنى أقصر «شوية»، بالإضافة إلى الانتهاء من دراستى الجامعية. ■ ماذا تعنى لك هذه الكلمات: ■ الجمال؟ - جمال الروح أهم من جمال الشكل. ■ الغيرة؟ - أحب أن يغير الناس على، وأكره أن يغار منى أحد. ■ الفن؟ - مظلوم. ■ الشائعات؟ - آذتنى وأخرتنى كثيرًا. ■ الأمومة؟ - فى سبيلها أضحى بكل شىء. ■ الحظ؟ - أنا سعيدة الحظ. ■ المخرج محمد عمر؟ - ساعدنى كثيراً. ■ محمد الخلعى؟ - خسرته رغم أنه رجل بمعنى الكلمة.