تجلس دلال فى غرفتها عند جدتها أمام جهاز الكمبيوتر لساعات طويلة فى اليوم الأول لشهر رمضان متفادية كل ما من شأنه أن يذكرها بأسرتها التى قتل جميع أفرادها فى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. ورغم أنها ترفض الخوض فى حديث يذكرها بوالديها وأشقائها الثلاثة الذين قتلوا إثر قصف منزلهم فى حى النصر غرب مدينة غزة، إلا أن دلال أبو عيشة (14 عاما) الناجية الوحيدة تصر على مواصلة تعليمها لعلها تصبح امرأة ذات تأثير فى المجتمع. وترقب أم عادل زوجة عمها رشاد، الذى يرعاها، حركات دلال وتقول «جاء شهر رمضان ليذكر دلال بالسحور والفطور مع عائلتها وألعاب رمضان التى اعتادت أن يحضرها لها والدها». وتتابع أم عادل وهى مدرسة رياضيات أن دلال وهى فى الصف التاسع حاليا «دائما شاردة الذهن وتجلس ساعات طويلة لتصفح الإنترنت أو مشاهدة التليفزيون. إنها فتاة ذكية جدا لكن تحصيلها العلمى تأثر كثيرا. نحاول أن نساعدها للتغلب على وضعها». ويقول العم عماد رشاد إن الوضع فى رمضان هذا العام «الأسوأ»، فالحرب «أضافت هموما وأعباء لا نقدر عليها» مشيرا إلى أن الوضع النفسى لدلال التى تعيش مع جدتها فى غزة «صعب مثل كل الأطفال من أبناء الشهداء». ولا يختلف وضع ألماظة السمونى التى قتل 29 من أفراد عائلتها كثيرا عن دلال التى باتت تربطها معها علاقة صداقة. وتقضى ألماظة معظم وقتها فى خيمة ممزقة فوق ركام منزلها الذى دمره الجيش الإسرائيلى فى الحرب الأخيرة وهى تتذكر مع والدها الجريح أمها وإخوتها الستة الذين قتلوا فى الحرب. وتقول: «لن أنسى أمى وإخوتى.. رمضان صعب من دونهم.. أنا حزينة لأن أمى لا تعد لنا الإفطار والسحور، وأبى جريح لا يقدر على العمل.. أمى وإخوتى ذهبوا شهداء.. الله يرحمهم». ويأمل والد ألماظة إبراهيم السمونى الذى أصيب بشظايا قذيفة دبابة إسرائيلية وقتلت زوجته وأولاده وهدم بيته إلى جانب عشرات المنازل المهدومة فى منطقته فى حى الزيتون شرق غزة، أن تبدأ عملية إعادة إعمار غزة ليعيد بناء بيته. كما يأمل أن يتمكن من تعليم ابنته لتصبح محامية تدافع عن حقوق «المظلومين». ويقول إبراهيم وهو يستمع إلى مكبر الصوت يقرأ القرآن فى بيت عزاء عمه صالح والذى أقيم فوق ركام البيوت المهدومة، «شهر رمضان يفتح الجرح ويذكرنا بمصيبتنا.. زوجتى وأولادى وإخوتى وأعمامى وأولادهم كلهم استشهدوا وبيوتهم دمرت.. الأيام الحلوة راحت». ويضيف «لا طعم لشهر رمضان ولا لأى شىء بعد الحرب فى غزة.. الحصار دمرنا ولا توجد أجواء رمضانية».