كتب أخيرا مارتن انديك روايته بشأن عملية السلام فى الشرق الأوسط. وأهمية انديك تنبع من تطور تاريخه الوظيفى والمهنى والشخصى: 1- عمل انديك فى 1982 نائبًا لمدير البحوث فى لجنة الشؤون الأمريكية- الإسرائيلية للشؤون العامة المعروفة «إيباك»، وهى المنظمة الأعلى، ومن المنظمات القائدة للوبى الإسرائيلى فى أمريكا. 2- أسس وأدار لمدة ثمانى سنوات مركز واشنطون لسياسات الشرق الأدنى، وهو المركز الذى ساهم بشكل مباشر فى كثير من الأحيان فى صياغة أفكار ومقترحات أمريكية بشأن عملية السلام العربى الإسرائيلى، وساهمت «إيباك» فى إنشائه. كما عمل فى نفس الوقت أستاذًا غير متفرغ للدراسات الإسرائيلية والسياسات الخارجية بكلية جونز هوبكنز للدراسات المتقدمة فى واشنطون وباحثًا كبيًرا فى مركز ديان. 3- وعمل مساعدًا خاصًا لكلينتون والمسؤول الأول عن قضايا الشرق الأدنى وجنوب آسيا فى مجلس الأمن القومى فى إدارة كلينتون الأولى بالإضافة إلى عمله بعد ذلك كمساعد لوزير الخارجية فى عهد كلينتون لشؤون الشرق الأدنى. 4- يعرف بأنه كان من أكثر المفاوضين الأمريكيين كفاءة خلال محادثات كامب ديفيد التى جمعت الرئيس كلينتون والرئيس المرحوم ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس الوزراء إيهود باراك. 5- صاغ مفهوم الاحتواء المزدوج لإيران والعراق من أجل الحماية المزدوجة لإسرائيل وأمريكا، وهو المفهوم الذى قاد التوترات والحروب بين الدولتين والولاياتالمتحدةالأمريكية فيما بعد وحتى الآن. 6- عمل سفيرًا أمريكيًا فى إسرائيل منذ مارس 1995 حتى 1997، وعاد مرة أخرى سفيرًا أمريكيًا لإسرائيل فى مارس 2000، وظل سفيرًا بها حتى نهاية الستة شهور الأولى من عهد الرئيس جورج دبليو بوش. 7- يعمل الآن نائبًا لرئيس مركز بروكنز لشؤون السياسات الخارجية وأيضا يدير مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط. 8- هذا فضلًا عن عمله ضمن فريق وزير الخارجية الأمريكى وارن كريستوفر للشرق الأوسط أيام ريجان. 9- وكان ممثل البيت الأبيض بشأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية حول التكنولوجيا والعلم. 10- خلال حرب 1973 كان يعمل فى إحدى الكيبوتزات فى إسرائيل كمتطوع يهودى. ولد فى إنجلترا وتربى وتعلم فى أستراليا، وعمل فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. كما تبرز أهمية الكتاب من السياق الزمنى للنظام الدولى الذى عمل ونشط فيه مارتن انديك على النحو التالى: 1- بزغ انديك خلال فترة مهمة من فترات التحول للنظام الدولى، وهى فترة نهاية الحرب الباردة فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضى. وانتهى من عمله بوزارة الخارجية قبل عدة أشهر من هجوم 11 سبتمبر على الأراضى الأمريكية، وهى المرحلة التى تضمنت أعمال الرئيسين بوش الأول وبوش الثانى وبينهما الرئيس كلينتون، يمكن القول بأنها الفترة التى بدأت بسقوط حائط برلين 11 سبتمبر 1989 وانتهت ببداية الحرب على الإرهاب كاستراتيجية كونية بسبب أحداث 11 سبتمبر 2001. 2- فى هذه الفترة كانت إسرائيل تتحول مع العالم وخاصة مع التحولات فى العالمين الإسلامى والعربى. وصارت إشكالية الأمن الإسرائيلى لأصدقاء إسرائيل فى واشنطون كيف يمكن إنقاذ إسرائيل رغمًا عن تصوراتها لأمنها؟ رأى الكثير من أصدقاء إسرائيل فى الكونجرس ومراكز الأبحاث أنها تصورات ضيقة وغير مفيدة للصالح الأمريكى وللصالح الإسرائيلى فى ذات الوقت. 3- فى هذه الفترة نمت الحاجة إلى الوصال مع قواعد الاعتدال فى العالمين العربى والإسلامى، خاصة فى ضوء تبلور الخطر الإسلامى الراديكالى العولمى بقيادة إيران والعراق بشكل رئيسى، فى الوقت الذى اعتقد الكثير من صانعى الاستراتيجية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية بأن الطلبان يمثلون رصيدًا استراتيجيًا صامتًا لصالح الأمن القومى الأمريكى بشكل مباشر، وغير مباشر لصالح إسرائيل استراتيجيًا. ونبدأ بقراءة الحكى.