ليس أمام الكاتب إلا (أن يكسب نفسه والقراء معا، أو يخسر مصداقيته إلى الأبد). لا سبيل إلى ذلك إلا باحترام عقلية القارئ، وقياس درجة تفاعله مع ما يكتب سلبا أو إيجابا، وتفعيل المعايير المهنية والابتعاد عن الأهواء الشخصية!.. لقد نجحت جريدة «المصرى اليوم» فى تحويل موقعها الإلكترونى إلى «هايد بارك»، يضم مختلف التوجهات السياسية والفكرية. وليست المرة الأولى التى يشهد مقالا لى هذا الجدل الواسع بين القراء، لدرجة أنهم ينصرفون – أحيانا- عما كتبت ويفتحون نقاشات جانبية على هامش المقال. اعتدت أن أعتبر الهجوم على كلماتى ظاهرة صحية، تؤكد أن الناس تقرأ وتتشارك، تختلف وتطرح رؤيتها، وهذه قيمة مضافة للحرية والديمقراطية. على المستوى الشخصى أعتبر مقال العدد الماضى: «تهمة معاداة الحجاب»، فى ميزان حسناتى، لأننى طرقت أبواب الرحمة.. بعكس من يصورون الأمر بأننى فتحت على نفسى طاقة نار!!. لقد دعوت إلى الرجوع لأولى الأمر للوقوف على شروط منح مرتبة «الشهيد» فى الإسلام.. وطرحت الأسئلة المسكوت عنها حول حجاب المرأة: (فضيلة وليس فريضة)، وفتحت صدرى لسهام المزايدين والمتطرفين والمتنطعين. إيمانا منى بأن الإنسان لابد أن يسدد فاتورة فكره، وأن خلق وعى عام بوسطية وسماحة الإسلام لابد أن يكون له ضحايا فى ذلك الزمن الردىء. المفاجأة أن ردود الفعل جاءت – فى معظمها- إيجابية، والتف معظم القراء حول فكرة تنقية الخطاب الدينى من الخزعبلات، والاحتكام إلى الإسلام قبل الفقهاء. ليس رفضا للتراث الفقهى، بقدر ماهو رغبة فى فتح باب الاجتهاد. أما أولئك الذين اعتادوا إرهاب الكتاب، وترويع المجتمع، بأفكار متطرفة.. فقد تراجعوا أمام وعى الجماهير، وكأنهم فضلوا مبدأ «التقية» مؤقتا لحين إعادة ترتيب صفوفهم. الناس تفاعلت بقوة عن رغبتها فى تحطيم «الأصنام الجديدة».. لن نعبد «الحجاب»، لأننا نعبد الله عز وجل الذى منح عباده جميع الحريات : (وقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29. لكن البعض يسعى لتأليه فقهاء الفكر الوهابى، واستثمار الحجاب ك «رمز سياسى» فى خلط متعمد للأوراق. الكلاب تنبح والبشر يتكلمون، وبالتالى لا معنى للحوار حيث لا توجد «لغة مشتركة»!!. فلن أهدر تلك المساحة الغالية، للرد على من نصب نفسه قاضيا وجلادا، ودعا لى بالتنصر أو الهداية، أو حكم على أقرانى بأنهم من رواد شواطئ العراة (!!). أو من ارتدى عباءة الزعيم وأخذ يرد على الجماهير ويشكرهم بالاسم (كأننا فى فرح شعبى)!!. لكننى أشفق عليهم جميعا من غياب القدوة الروحية والزعامة السياسية، وانعدام الثقافة والفكر!. أحب القراء بقدر ما أكره المنافقين، والمزايدين على جثة «مروة الشربينى»، بقدر ما أمقت الإسلام السياسى والشباب المغيب الذى يأتمر بعصا «المرشد» دون أن يفكر.. الشباب الذى فقد عقله!!. الشباب الذى يتطوع بسبى على موقع جريدتى بما له من حصانة أدبية، ليكفر عن سهره طوال الليل على مواقع «البورنو»!!. هو نفسه الذى يتحرش بالنساء فى حالة سعار جنسى محموم، ولا يعرف شيئا عن «غض البصر»!!. أنا لا أحارب طواحين الهواء، بل أعرف عدوى جيدا، وأحزن لحال بعض الجهلة!. لقد صوت القراء على مقالى السابق وكانت نسبة التأييد أشبه بنتائج الاستفتاءات (المضروبة) أى 99 %. وهذا معناه أننى أعبر عن رأى الأغلبية، دون ذكر أسماء.. ويكفينى هذا الشرف. أشكر كل من دعمنى وشجعنى، وأعدكم بمواصلة الكتابة لنصرة الإسلام المستنير.