الصحة تطلق برنامج «قادة الأزمات والكوارث» بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب    انطلاق فعاليات احتفالية الذكاء الاصطناعي والعلوم والابتكار بجامعة حلوان 2025    مكاتب الدفاع المصرى بالخارج تنظم عددًا من الاحتفاليات بمناسبة الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    رئيس الجمارك: تطبيق منظومة «ACI» جوًا في هذا الموعد    الاثنين 17 نوفمبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    إطلاق خدمة الاستعلام الائتمانى للأفراد عبر منصة مصر الرقمية    محافظ بورسعيد يشيد بافتتاح المحطات البحرية بشرق المحافظة.. ويؤكد: نقلة كبرى تعزز مكانة مصر اللوجستية عالميًا    الهلال الأحمر يعزز دعم أهالي غزة بمستلزمات شتوية وغذائية وبترولية (صور)    حماس: نحمل الاحتلال المسؤولية عن استمرار خروقاته لاتفاق إنهاء الحرب في غزة    الجيش السودانى يستعيد السيطرة على مدينة بارا بولاية شمال كردفان    بعد ساعات من السيطرة عليهما.. الجيش السوداني ينسحب من منطقتين بولاية كردفان    مدرب نيجيريا يتهم الكونغو الديمقراطية بأستخدام «السحر» خلال ركلات الترجيح    أمير سعيود يغيب عن مواجهة منتخب مصر الثاني    دوناروما عقب سقوط إيطاليا أمام النرويج: لم نلعب الشوط الثاني    موعد مباراة الزمالك وزيسكو والقناة الناقلة في الكونفدرالية    صفقة حامد حمدان تحدد مصير سيف فاروق جعفر فى نادى الزمالك    ضبط 947 مخالفة مرورية لقائدي الدراجات النارية    إصابة أسرة في انقلاب دراجة بخارية بكورنيش النيل ببني سويف    في ذكرى استشهاده .. كيف أسقط المقدم محمد مبروك مخطط التخابر؟    ضبط سائق ميكروباص بعد مصرع شخص فى حادث دهس بالقطامية    أزواج وقتلة.. سيدة الإسكندرية تنهي حياة شريك حياتها داخل غرفة النوم.. عروس كفر الشيخ من شهر العسل إلى المشرحة.. الإدمان والشك يقودان أسرة للمجهول بالدقهلية.. وخبراء: هذه الجرائم تحتاج إلى معالجة شاملة    في ذكرى رحيله.. عبد المنعم إبراهيم «سفير البهجة» الذي لا يغيب    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    وكيل صحة الفيوم تحيل الأطباء المتغيبين بالمستشفى العام للتحقيق    وزير الري يتابع تنفيذ مشروع إنشاء قاعدة معرفية للمنشآت الهيدروليكية فى مصر    أسعار الذهب في مصر اليوم الإثنين 17 نوفمبر 2025    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025    أبو الغيط: القمة الصينية العربية الثانية علامة فارقة في الشراكة الاستراتيجية مع الصين    طقس الإسكندرية اليوم.. تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة ودرجات الحرارة العظمى 25 درجة مئوية    منتخب مصر ايواجه الليلة كاب فيردي وغياب 11 لاعبا أبرزهم صلاح وزيزو    كلية دار العلوم تنظم ندوة بعنوان: "المتحف المصري الكبير: الخطاب والمخاطِب"    عرض "الجولة 13" لأول مرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمهرجان القاهرة السينمائي    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    نجمات فضلن الهدوء على الزفة: زيجات سرية بعيدا عن الأضواء    كلاكيت تاني مرة| منتخب مصر «الثاني» يواجه الجزائر وديًا اليوم    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل جديدة بقطاع الإنشاءات والبناء بالأردن..اعرف التفاصيل    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    التخصيب المتعدد الأبوى.. برازيلية تلد توأما من أبوين مختلفين    لمواجهة الصعوبة في النوم.. الموسيقى المثالية للتغلب على الأرق    مسؤول بحرس الحدود يشيد باعتقال مهاجرين في كارولينا الشمالية رغم اعتراضات محلية    نظر محاكمة 5 متهمين فى قضية "داعش الطالبية" اليوم    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    بعد صلاة الفجر.. كلمات تفتح لك أبواب الرحمة والسكينة    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    ياسمينا العبد: شخصيتي في ميدتيرم هي الأصعب.. مركبة من عدة شخصيات في آن واحد    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 17 نوفمبر 2025    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    ترامب يتوعد بعقوبات شديدة على الدول التي تتعامل تجاريا مع روسيا    #جزيرة_الوراق تتصدر مع تحوّلها لثكنة عسكرية .. ودعوات للتصدي بالثبات في الأرض    الدفاع الجوي الروسي يسقط 31 مسيرة أوكرانية خلال ساعات    مروة صبري تعتذر ل دينا الشربيني: "أنا غلطت وحقك عليا.. بحبك"    أحمد صالح: محمد صبري كان موهوبًا ويرفض المجاملة والواسطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما قال محمد لأمه: «أنا خايف تموتوا»

حينما يسقط الموت فى مصر «فى أى مكان» يتحول وجدان المصريين إلى هرم من الحزن... الحزن والموت فى مصر فى حجم الهرم ولا يدانيه حزن فى بلد آخر، للموت جذور فى الجينات عند المصريين... لا يبهر المصرى سرادق عرس، ولا يقف ليهنئ العروسين، ولكنه يقف ويرفع إصبعه بالشهادة ويخشع لمرور جنازة...
يموت الصغار فى بلادنا كل يوم، وأعانى شخصياً من موت الأطفال وأشعر أنه موت للمستقبل وأنه إهمال للحاضر، حينما زرت مستشفى سرطان الأطفال وجلست أرسم مع الأصابع المرتعشة، والعيون التى أغرقتها آلام العذاب الكيماوى من حزن، ورأيت الحزن والألم الأكبر فى عيون الأمهات، هذا المستشفى قام بجهود السيدة سوزان مبارك، هل كانت تعلم مستقبلا بما سوف يحدث لحفيدها لتشارك فى حماية كل هؤلاء الأطفال؟
وتغلق الأبواب يومياً على أحزان كثيرة وحزانى كثيرات، ومكلومين ومكلومات، ولكن يبقى للموت المعلن أحزان خاصة تسقط على الجميع فى كل بيت وخلف كل باب، والموت فى بيت المسؤولية يتحول إلى مسؤولية حزن فى كل بيت، وحينما ظهر الإعلامى الإنسان عمرو أديب على شاشة «القاهرة اليوم»، ذلك الإعلامى الذى عودنا أن يشيع فينا المرح والسخرية لأكثر الأخبار ألما، فساد القمح وفساد الذمم..
ولكن وجهه هذه المرة كان وجه أب يشعر بألم كبير، ضبط مشاعره على مشاعر أم محمد، ووالد محمد، والجد والجدة.. طرد هاجس المعارضة اليومى عند كل تجاوز هنا وفساد هناك، سقط الحزن فتغير وجه الإعلام، تحول وجه عمرو من مصرى يضحك ويطرق النكت حتى على نفسه.. إلى جبل هده الحزن يبحث عن ألفاظ يعبر بها عن مؤازرته للحدث، كان يعلن عن مأزق المرض الخطير فقط..
فما بالك بخبر الموت.. موت الصغير محمد يحدث فى كل ساعة وفى كل بيت، ولكن الموت المعلن فى بيت مثقل بالمشاكل بما يواجه يوميا من نقد ومعارضة، بيت يواجه ربه بآلام ثمانين مليونا من المصريين وعليه أن يغلق قلبه ويبتلع حزنه ودمعه ليواجه الرئيس الأمريكى.
وتبث القاهرة اليوم مجموعة من الصور الخاصة للصغير محمد، هنا يجلس على حجر جده وهنا يمسك دركسيون العربة وحلم يسابق الزمن ويحلم الجد معه ويكبر الحلم ولكنه يتحطم على صخرة الموت.. يااااااه.. كيف يتخلص المصريون من هرم الحزن الدفين الذى يغطى على كل المشاعر.. ثم صورة باسمة مستبشرة للعائلة كلها.. صورة تحرص عليها مصر منذ القدم.. الكل ملتف حول الحفيد الجديد.
مجرد خبر المرض يرفع سخونة الإعلام وتقاطع رؤيتى للقاهرة اليوم تليفونات ويتحول الصغير إلى خبر مفجع «إيه الحكاية.. الولد ماله؟» بل جاءت جارتى فتحية وتليفون من ابنة شقيقتى حنان الباز: «سوزان مبارك أجلت سفرها ده لازم الولد تعبان جداً».. تليفون من البلد من دكرنس: «إيه الحكاية يا ماما نعم.. قولولنا الولد ماله».. وكأنه ولد كل منهم، ثم بعد إعلان الوفاة تليفون من دكرنس «بلا أمريكا بلا سفر.. معقولة الريس يسافر وإحنا فى كارثة زى دى»، وتليفون من إحدى تلميذاتى رشا عبدالوهاب: «ماما نعم ده الولد ده كان لطيف جداً شفته مع أمه وأبوه فى أركاديا ماشيين من غير حراسة ولا حاجة.. وفرحانين بيه.. وشفتهم مرة فى السينما وهو معاهم.. ده الولد ده كان فرحة».
سألتنى مرة الأم الصغيرة هايدى أم محمد: «ماما نعم، عاوزة أسألك عن مشكلة واجهتنى مع محمد، إمبارح رفض ينام فى سريره وجه ينام معايا أنا وعلاء، وقال أنا خايف.. خايف أحسن تموتوا وأبقى يتيم... أصل النهارده فى المدرسة قالولنا إن سيدنا محمد أبوه مات ومامته حامل فيه وأمه ماتت وهو صغير وجده مات ومكنش عنده حد».
قلت لها: «قوليله فيه ناس كتير بيموت أبوهم أو تموت أمهم لكن فيه ناس أكتر باباها ومامتها عايشين، وكمان ده نبى والأنبياء حياتهم لها شكل مختلف يعنى سيدنا محمد يتيم.. والمسيح جه بمعجزة».
لكنى تعجبت لحساسية هذا الصغير وخوفه من الموت بهذه الحدة، وتذكرت أننا ونحن صغار لم تفعل بنا قصة يتم الرسول ما فعلته بالصغير محمد.. هل كان الصغير يخاف من الموت؟ الله أعلم.. وتتوالى التليفونات بعد إعلان الوفاة «يا ترى أبوه عامل إيه وأمه عاملة إيه.. وجده وجدته؟.. نعزى إزاى والعزا فين؟» صديقتى عزة «عجيبة جداً سوزان مبارك مهتمة بالأطفال وتحصل الكارثة دى ربنا يكون فى عونها».
مكالمة من الإعلامية علياء الباز ابنه شقيقى وهى وحدة القياس للمصريين الذين تحتويهم فكرة الموت دائما «أنا مش عارفة أنام يا طنط، إيه الحكاية، يا ترى الواد كان عنده إيه، دى كارثة عالبيت كله»، وبعدين أنا بقولها الدكتورة حنان بتقول فيه حاجات خلقية بتتولد مع الطفل ويحصل فيها زى انفجار بعد ما يكبر لا حول ولا قوة إلا بالله، وتليفون من الزميلة ابتسام حلمة من أسيوط «من فضلك يا ماما نعم نعزيهم إزاى لازم يعملوا تليفونات للرياسة، إحنا زعلانين أوى نوصلهم زعلنا إزاى.. ومؤازرتنا إزاى؟».
وهى هى نفسها ابتسام التى كانت تكلمنى يومياً عن تجاوزات... وسقطت المعارضة فى بئر الحزن المصرى النبيل.ولا ندرى ماذا حدث للصغير الذى يخطو نحو الشباب صحيحاً معافى يملئ الدنيا حياة، وأبوه شديد الورع والتقوى يعيش وزوجه وأولاده حياة هادئة ولا يمشى فى حراسة ولا هيلمان وإنما يعيش البساطة.
يأتى الموت دائما ليخبرنا الخبر اليقين وهو أننا مازلنا لا نعلم من السر الإلهى سوى قشور بسيطة تذروها الرياح، ويصبح المصريون أشد عجزاً فى مواجة الموت ولكن أشد قوة فى الاستغراق فيه.
وتبقى كلمة يقولها الهرم فى تواجده الأصم الضخم: إن الموت فى مصر أكبر من الحياة ويستغرقنا ويجمعنا ويلغى كل الخلافات فى ثانية واحدة، وتسيطر الرغبة فى التكاتف والمشاركة على المصريين مهما كان موقع الهم ومهما كانت شخصية المواجه بالموت، سواء فى قصر الرئاسة أو عشة على شاطئ النيل.
المصريون يسكنهم دائما الحزن النبيل ويجمعهم المصاب الجلل والحمد لله على شخصية المصريين العظيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.