سيرة حافلة عاشها عباس محمود العقاد يصعب عرضها فى مساحة كهذه، ومهما يكن من أمر فإن لقب العقاد جاء من طبيعة عمل والده محمود أفندى إبراهيم مصطفى العقاد الذى كان يعمل فى عقادة الحرير وهو فى الأصل من دمياط التى انتقل منها إلى المحلة الكبرى إلى أن عمل صرافا فى إسنا وهناك تزوج من امرأة كردية الأصل وأنجبا عباس محمود العقاد فى مثل هذا اليوم (28 يونيو) من عام 1889م. وفى أسوان تلقى العقاد (الطفل) تعليمه الابتدائى وحصل منها على الشهادة الابتدائية وهو فى الرابعة عشرة من عمره.وفى أثناء دراسته كان يتردد مع أبيه على مجلس الشيخ أحمد الجداوى، وهو من علماء الأزهر الذين لزموا جمال الدين الأفغانى، وكان مجلسه مجلس أدب وعلم، فأحب الفتى الصغير القراءة والاطلاع. لم يكمل العقاد تعليمه بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، بل عمل موظفًا فى الحكومة بمدينة قنا 1905م ثم نُقِلَ إلى الزقازيق سنة 1907م وعمل فى القسم المالى بمديرية الشرقية، وفى هذه السنة توفى أبوه، فانتقل إلى القاهرة واستقر بها. عمل العقاد أيضا موظفا بالسكة الحديد على التلغراف ثم كاتبا فى الحكومة ولكنه كان صدامى الطبع مع رؤسائه بل وكان يهجوهم فى قصائده ولم يتحمل روتين الوظيفة فاستقال ثم عمل فى ديوان الأوقاف فى قسم التحرير الذى كان يترأسه آنذاك الكاتب محمد المويلحى، وكان هذا يتفق مع ميول العقاد لكنه سرعان ما نفض عن نفسه قيود الوظيفة وعمل بالصحافة وكانت أولى الصحف التى عمل بها هى جريدة «الدستور» مع أحمد وجدى شقيق فريد وجدى صاحب الجريدة، وكان يتولى العقاد ترجمة كل البرقيات التى ترد من وكالات الأنباء وسرعان ما اختلف مع صاحب الجريدة فتركها متنقلا بين الصحف، فعمل فى جريدة الأهرام عقب ثورة 1919م ثم عمل مع عبدالقادر حمزة فى جريدة البلاغ ثم جريدة «الجهاد» التى كان يصدرها توفيق دياب ثم انتقل العقاد ومحمود عزمى إلى جريدة «رزواليوسف». ومما لن ينساه التاريخ للعقاد وقفته وقولته الشهيرة تحت قبة البرلمان حينما كان عضوا فيه حين أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان، فارتفع صوت العقاد فقام قائلا: «إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس فى البلاد يخون الدستور ولا يصونه»، وقد كلفته هذه الكلمة الشجاعة تسعة أشهر من السجن سنة 1930م بتهمة العيب فى الذات الملكية.