بالصور- معاون محافظ أسوان يتابع تجهيزات مقار لجان انتخابات مجلس الشيوخ    بالفيديو.. مركز المعلومات ينشر جهود "التعليم العالي" للارتقاء بالمعاهد    البترول: ضبط 15.7 ألف لتر من السولار والبنزين قبل بيعه بالسوق السوداء بالوادي الجديد    حملات لفصل وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات بالنوبارية والسادات    صحة غزة: ارتفاع ضحايا التجويع إلى 133 شخصًا    اليونان تطلب من الاتحاد الأوروبي مساعدتها في إخماد حرائق الغابات    عمرو السولية يكشف: سبب فشل احترافه بعد الرحيل عن الأهلي.. ورسالة سعد سمير له    قبل كوكا.. ماذا قدم لاعبو الأهلي في الدوري التركي؟    رابط تظلمات الثانوية العامة 2025.. تعرف على التفاصيل    أحدث صور لأعمال تطوير عمارة تيرينج وعدد من شوارع العتبة    "خطبة على جثة أب".. حين استخدمت الأم ابنتها ستارًا لجريمة خيانة وقتل    وائل كفوري يطرح أحدث أعماله الغنائية بعنوان "راجعين"    إقبال جماهيري على فعاليات الأسبوع الأول من مهرجان "ليالينا في العلمين"    داليا مصطفى تدعم وفاء عامر: "يا جبل ما يهزك ريح"    الدكتور أسامة قابيل: دعاء النبي في الحر تربية إيمانية تذكّرنا بالآخرة    أمين الفتوى: النذر لا يسقط ويجب الوفاء به متى تيسر الحال أو تُخرَج كفارته    نجاح جراحة دقيقة لاستئصال جزء من القصبة الهوائية وإعادة توصيلها بمستشفى جامعة قناة السويس    15.6 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" حتى الآن؟    هل الحليب يساعد على ترطيب الجسم أفضل من الماء؟    بمشاركة أحبار الكنيسة.. البابا تواضروس يصلي قداس الأحد مع شباب ملتقى لوجوس    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    وكيل تعليم أسوان يعلن أسماء أوائل الدبلومات الفنية 2025    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    حملات أمنية مكثفة تضبط 38 متهماً بحوزتهم مخدرات وأسلحة بالجيزة    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    مصر تضخ 550 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية خلال 10 سنوات    ورش في المونتاج والإخراج وفنون الموسيقي، برنامج التدريب الصيفي للشباب وطرق الاشتراك    الأمن يكشف غموض خطف طفل من القاهرة وظهوره فى الصعيد    الاحتلال يخرق الهدنة.. 43 شهيدًا في غزة بينهم 29 من منتظري المساعدات    محافظ أسوان يتفقد محطة جبل شيشة لمياه الشرب بالشلال    "أونروا": لدينا 6 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول قطاع غزة    منتخب مصر يواجه أنجولا في بطولة أفريقيا لسيدات كرة السلة    البقاء أم الرحيل.. شوبير يكشف مطالب عبد المجيد من أجل الإستمرار مع الزمالك    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    طلاب «المنح الدولية» مهددون بالطرد    موعد حفل تامر عاشور في العلمين الجديدة و أسعار التذاكر    ضمن فعاليات " المهرجان الصيفي" لدار الأوبرا .. أحمد جمال ونسمة عبد العزيز غدا في حفل بإستاد الاسكندرية    تنسيق الجامعات 2025 .. تعرف علي قائمة ب71 معهدا للشعبة التجارية بدائل للكليات    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    حسن شحاتة أسطورة حية صنعت المستحيل ضد الأهلى والزمالك    عمرو السولية لميركاتو: حققت مع الأهلي كل حاجة في 9 سنوات    تفاصيل تشاجر 12 شخصا بسبب شقة فى السلام    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    أمريكا.. احتجاز المشتبه به في حادث طعن 11 شخصا في ميشيجان    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    نص مليون مركبة من قلب مصر للعالم .. تعرف علي الخطة الحكومية لتحويل القاهرة لقلعة صناعة السيارات في الشرق الأوسط    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجتمع الإناث

حقيقة علينا أن نحيى تلك العقول العبقرية القادرة على اختراع عبارات جميلة الوقع على الأذن حين نسمعها، فارغة من المعنى حين نفكر فيما تدل عليه. وآخر مولود فى هذه الفصيلة هو عبارة «التمييز الإيجابى» التى تكررت على ألسنة البعض لامتداح وتبرير وتزيين قرار مجلسى الشعب والشورى بالموافقة على تخصيص 64 مقعداً ملاكى للمرأة المصرية فى المجلس الموقر.
فالعبارة لطيفة تذكرنا بعبارة «الحياد الإيجابى» التى اخترعناها فى الستينيات، لكنها فارغة من أى معنى. فكيف يمكن أن يكون تمييزا وإيجابياً فى الوقت نفسه، إلا أن يكون تمييزاً مخنثاً، أى يجمع بين صفات المذكر والمؤنث؟!.
والحديث عن ضرورة تخصيص مقاعد خاصة للنساء فى المجالس التشريعية مسألة قديمة متجددة عرفناها منذ أن تم منح المرأة حق التصويت والترشح فى الانتخابات بعد قيام الثورة مع صدور دستور عام 1956، حيث بدأ النظام السياسى آنذاك فى مشوار محاربة الذكورة التى تميز المجتمع المصرى، وبدأ يسعى بصورة حثيثة نحو «تأنيثه»، وأخذ يعود إلى حديقة الألفاظ المزدحمة بورود جميلة الشكل لكنها معدومة الرائحة ليستعير منها عبارات من نوع «المرأة نصف المجتمع» و«البنت زى الولد»، إلى أن انتهينا مؤخراً - بعد مشروع الشرق الأوسط الكبير - إلى ألفاظ من فصيلة «تمكين المرأة» و«تفعيل دورها فى المجتمع» و«تغيير نظرة الرجل إليها» وغير ذلك من ألفاظ نقترح معها أن يخصص باب فى النحو العربى لدراستها، يمكن أن نطلق عليه باب «تمكين وأخواتها» ليصبح جزءاً من المقرر إلى جوار «كان وأخواتها» و«إن وأخواتها»!.
ويتعجب المرء عندما يلاحظ أن دستور عام 1923 - أكثر الدساتير ليبرالية فى تاريخ الحياة السياسية المصرية - لم يهتم بتمكين المرأة المصرية بهذه الصورة، بل ولم يعطها أى حقوق سياسية، وذلك على الرغم من أن لجنة الثلاثين التى تولت صياغته كانت تضم الكثير من مفكرينا وسياسيينا المؤمنين بالليبرالية.
فقد اتفقوا على فكرة الذكورة السياسية التى جاءت ثورة يوليو لتنفيها، وتبرز الوجه «الأنثوى» للعمل السياسى، وكأنها أرادت أن تثبت أنها كانت أكثر ليبرالية من كل السياسيين فى مصر ما قبل الثورة!، وأن دستور عام 1956 الذى تولى صياغته المكتب الفنى لرئاسة الجمهورية أكثر ليبرالية من دستور 1923!.
إن هناك فارقاً كبيراً بين الرؤية الواقعية، والرؤية التى تعتمد على الشعارات اللفظية التى تستهدف نفاق قطاعات جماهيرية معينة إرضاء لعناصر فاعلة فى الداخل أو لقوى ضاغطة فى الخارج!. والواقع لدينا يؤكد أن النسبة الغالبة من المصريات تزهد فى المشاركة فى لعبة السياسة، سواء بالترشح أو بالإدلاء بالصوت، بل وتكره أصلاً الحديث فى موضوع السياسة.
وكلنا يعلم أن عزوف شبابنا عن المشاركة فى الأحزاب أو الانضمام إلى القوى السياسية التى تعمل على الساحة يرتبط فى الأساس بتوجيه الأمهات. فأشهر نصيحة تعطيها الأم المصرية لأولادها هى «مالكش دعوة بالسياسة.. خلينا فى حالنا». وتؤكد الأمهات على هذه النصيحة بسبب ما يسمعن عنه من بطش وسجن وتشريد يصيب من يمارس السياسة بعيداً عن طاعة السلطة، تلك السلطة التى أعطت المرأة حقوقها السياسية بموجب دستور 1956، وتمنحها الآن 64 مقعداً فى مجلس الشعب!.
وقد كانت النتيجة أن الكثير من الرجال بدأوا هم الآخرون يعزفون عن المشاركة السياسية، وبدأوا يتفاعلون مع الأحداث السياسية بصورة « أنثوية»، أى بنفس الطريقة التى تتفاعل بها المرأة. يشهد على ذلك ضعف مشاركة الرجال فى الانتخابات وفى الانتماء إلى أحزاب، وإصرار العديد من الآباء أيضاً على تحريض أبنائهم على البعد عن السياسة والعمل السياسى ليؤكدوا أن المجتمع كله قد تم «تأنيثه». وهنا تبدو المفارقة فى الحديث عن ضرورة تخصيص مقاعد للمرأة فى مجلس الشعب لأن رجال المجلس لا يحسنون تمثيلها أو الدفاع عن حقوقها!.
ودعونا نسأل «بصراحة كده وبكل وضوح»: أين هى الحقوق المهدرة للمرأة المصرية؟ وأين دورها الضائع فى صناعة القرار فى مصر؟ أين ذلك والجميع يعمل على استرضائها. ومن يراجع الكثير من تصريحات المسؤولين ببلادنا يجد أنها تعتمد على أعلى درجات النفاق عندما يتصل الأمر بالمرأة.
 فهل يستطيع أحد أن يشكك فى دورها أو فى قدراتها؟!، بل إن التأكيد على دور المرأة ومحوريته أصبح من أوجه النفاق المعتاد فى مجتمعاتنا، ولعلنا نذكر أن أوباما تحدث فى خطابه فى جامعة القاهرة عن أن بعض الدول الإسلامية تميزت عن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بوصول المرأة إلى مقعد الرئاسة، فى محاولة واضحة لدغدغة مشاعر النساء اللائى صرخن والرجال الذين صفقوا طويلاً لهذا الكلام الذى يخاطب النزعة «الأنثوية» للمجتمع!.
إننا بهذه الحكاية أصبحنا أفضل من الولايات المتحدة التى كان يرفض الكثير من مواطنيها مسألة «تأنيث» الرئاسة عندما كانت تحاول «هيلارى كلينتون» اقتحام البيت الأبيض!. لقد شاءت الظروف أن أكون فى زيارة - مع عدد من الزملاء - للولايات المتحدة الأمريكية أثناء المنافسة المحتدمة على تسمية مرشحى الرئاسة هناك، ومن بينهم هيلارى كلينتون، وأذكر أننى سألت عدداً من أساتذة الجامعة التى كانت تستضيفنا حول مسألة وصول هيلارى إلى كرسى الرئاسة، فأكدوا جميعاً أن هذا الأمر صعب جداً لأن الكثير من الأمريكيين يرفضون فكرة أن تكون رئيستهم امرأة!.
كان هذا هو كلامهم حول مسألة «تأنيث» الرئاسة فى الولايات المتحدة الأمريكية، أما هنا فالمسألة أكثر تقدماً بكثير، إذ يكفى جداً أن يظهر فستان المرأة وعطرها ومساحيق وجهها لكى تأخذ طريقها فى المقدمة ليصبح أشباه الرجال فى المؤخرة.. وبين المقدمة والمؤخرة يا قلبى لا تحزن!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.