اليوم.. تجرى انتخابات الرئاسة فى إيران، وإذا كانت طهران مشغولة بالاتهامات المتبادلة، بين الرئيس الحالى أحمدى نجاد، والرئيس الأسبق هاشمى رفسنجانى، فالعالم مشغول بالمدى الذى وصلت إليه إيران بين الدول.. فلا يكاد يوم واحد يمر إلا وتكون قد قطعت خطوة جديدة فى طريقها إلى امتلاك سلاح نووى، ثم فى طريق أعم، هو سبيل العلم والتعليم! وليس مهمًا اسم الفائز فى انتخابات اليوم، فالأهم أن فكرة تداول السلطة موجودة هناك، منذ قامت ثورة الخمينى فى فبراير 1979، ومن يومها، وعلى مدى ثلاثين عامًا، كان قد تعاقب عليهم ستة رؤساء، بمتوسط رئيس كل خمس سنوات.. وحين يتطلع المرء إلى المنطقة المحيطة بنا، فسوف يكتشف، للوهلة الأولى، أن مناخ النهضة متحقق فقط فى ثلاث عواصم: أنقرة، طهران، تل أبيب! وحين نرى أن القاسم المشترك الأعظم، فى لغة إيران مع العالم، لا يخرج عن الصواريخ، والأقمار الصناعية، والطموح العلمى الذى بلا سقف، ثم نرى أن استثمارات دول الاتحاد الأوروبى السبع والعشرين فى تركيا وصلت إلى 24 مليار يورو، ثم نرى أن حجم صادرات إسرائيل الزراعية 18 مليار دولار سنويًا، مع أنها لا ماء يذكر عندها، فلابد أن يكون هناك «سر» خطير يجمع بين العواصم الثلاث! والحقيقة أن هناك «سر» فعلاً، يتمثل فى عبارة من كلمتين، هى «تداول السلطة»، سواء كان النظام الحاكم برلمانيًا، كما فى إسرائيل وتركيا، حيث يملك الرئيس ولا يحكم، أو كان رئاسيًا يتمتع فيه مرشد الثورة الإيرانية خامنئى بوضع مميز، كما فى طهران! وحين تجرى الانتخابات، هذا الصباح، فإن أحمدى نجاد سوف يكون قد قطع فترة ولاية واحدة فى منصبه، ولو فاز فى الانتخابات فسوف تكون ولايته الثانية والأخيرة، بمعنى أن التداول موجود وقائم، داخل النظام نفسه، فى غياب التداول مع أحزاب.. فالمرشد دائم، إلى أن يموت، كما حدث مع الخمينى، ولكن الرؤساء تحته متعاقبون بلا توقف، وهذا هو أساس الحيوية والتدفق على كل مستوى هناك! فهل هى مصادفة، أن يكون هذا هو وضع الدول الثلاث؟!.. ليست مصادفة قطعًا، فما حدث ويحدث، ليس إلا نتيجة لنظام مستقر، بدأوه، ولم يترددوا فيه لحظة! عندنا، يثق الناس فى الرئيس مبارك، ويحبونه بشكل شخصى، ولكن النظام كله مهترئ، ولا وجود لأى مؤسسات من أى نوع، ولا تكفى ثقة الناس وحبهم للرئيس، لأنه من الطبيعى أن يتساءلوا عما إذا كانت الثقة سوف تكون موجودة، ومعها الحب، إزاء الرئيس المقبل، أمد الله فى عمر مبارك وأعطاه الصحة.. تمامًا كما تأتى بمدير تحبه وتثق فيه، على رأس شركة، فتستمر لأنه موجود، فإذا غادرها أغلقت أبوابها!!.. ولابد أن الحل فى سبع كلمات لا ثامن لها، توضع فى الدستور، وتكون فى مرتبة القرآن، من حيث احترامها وقدسيتها، وهى: مدة الرئاسة أربع سنوات تتجدد مرة واحدة.. وبغير هذه الكلمات السبع فسوف نظل نضيع وقتنا فى تفاصيل التفاصيل!!