مع ارتفاع عدد المصابين بأنفلونزا الطيور فى الفترة الأخيرة، والتى نتج أغلبها عن التربية المنزلية للدواجن وجه الكثير من أصابع الاتهام بالتقصير إلى إجراءات التحصين البيطرى، وعدم وصولها إلى تلك الفئة الكبيرة من مربى الطيور المنزلية، خاصة فى المناطق الريفية، فيما جاء تصريح الرقابة البيطرية بوزارة الزراعة صادماً بعدم التوصل إلى أكثر من 30٪ فقط من إجمالى الطيور المنزلية والتى تم تحصينها بالفعل ضد الإصابة بالمرض، والتى يبلغ عددها أكثر من 60 مليون طائر سنويا بنسبة تتعدى 20% من الإنتاج الكلى للدواجن فى مصر. وفى الوقت الذى يبحث فيه الخبراء كيفية الوصول إلى أكبر نسبة ممكنة من مربى الطيور المنزلية لتحصينها، أكدت الدكتورة منى محرز، مدير الرقابة البيطرية بوزارة الزراعة، مدير معمل الرقابة على الدواجن، أنها بصدد إلغاء التحصين المنزلى خلال الأيام القادمة، فعلى حد قولها «لم يستطع المسؤولون البيطريون إقناع سكان الريف من مربى الدواجن بضرورة تحصين طيورهم بالمصل ضد أنفلونزا الطيور، بالإضافة إلى عدم وجود قاعدة بيانات واضحة تحدد الأماكن التى تعتمد على تربية الطيور المنزلية ليتم تحصينها، وفقًا لخطة الوقاية من المرض، وأوضحت: البعض يرى أن تلك المرحلة غير فعالة ولم تؤت ثمارها، فبعد مرور 3 سنوات منذ بداية المرض، لم تنجح الرقابة البيطرية فى الوصول لأكثر من 30% فقط من الطيور المنزلية، الأمر الذى جعلنا نفكر جديا فى إلغاء التحصين المنزلى، إلا أن القرار لم يصدر بعد، وبالتالى لم يدخل حيز التنفيذ». وعن المعوقات التى أدت إلى التفكير فى إلغاء التحصين المنزلى، قالت محرز: «عدم تعاون مربى الطيور معنا كان من أكثر العوامل التى جعلتنا نفكر فى تلك الخطوة، فكثير منهم لا يبلغنا عن أماكن التربية المنزلية، خوفا من تنفيذ قرار الإعدام دون النظر إلى صحة الدواجن من عدمه، وأضافت: أحيانا لم تكن هناك لقاحات كافية وقت العثور على الطيور، الأمر الذى يتيح الفرصة للمربين عدم الكشف عن العدد الحقيقى لديهم من الطيور، ورغم كل المجهودات التى تقوم بها الإدارات البيطرية بالقرى والمحافظات، إلا أننا لم نتوصل إلا لتلك النسبة البسيطة، وسنعمل على تطبيق اشتراطات الأمان الحيوى وإعدام الطيور بعد دفع التعويضات لأصحابها فى حالة اكتشاف أى بؤر جديدة». ولم يجد الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية، وصفا لعمليات التحصين المنزلى، سوى أنها تسير ببطء شديد، حيث قال: «لا ننكر الجهود التى قامت بها هيئة الخدمات البيطرية فى تحصين الدواجن، ولكن الأمر تم بشكل بطىء إلى الآن بسبب عدم ثقة العديد من المواطنين فى الجهات الحكومية بشكل عام، حيث يرفضون التحصين بسبب الخوف من إعدام طيورهم بدون أسباب مقنعة، بالإضافة إلى عدم وجود خطة محددة تهدف للوصول إلى أكبر قدر من الطيور المنزلية فى الوقت الحالى، التى تمثل قطاعا عريضا قد يصل إلى 40% من الطاقة الإنتاجية للدواجن فى مصر، الأمر الذى يحتاج تكاتف العديد من الجهات مثل الجمعيات الزراعية الريفية، وحملات التوعية للتنبيه على أهمية تحصين الطيور قبل أن نصحو على بؤرة جديدة لم نعرفها بعد». من جانبه، قال الدكتور صابر عبد العزيز، مدير عام الإدارة العامة للأوبئة وأمراض الدواجن، عضو اللجنة العليا لأنفلونزا الطيور: «لدينا عجز كبير فى القوى البشرية والإمكانيات اللازمة لتلك المهمة، التى تحتاج أطباء مدربين لتحصين الدواجن بعد إقناع الناس بأهمية تلك الخطوة، الأمر الذى جعل خطواتنا بطيئة، وأوضح: مهما عملنا بأقصى طاقاتنا لن نصل لأكثر من 30٪ فقط من النتيجة المطلوبة، ولكن الآن بعد تعيين 1500 طبيب بالهيئة قد تكون المهمة أصبحت أسهل وتقتصر المعوقات على إقناع المربين خاصة الريفيين منهم بضرورة تحصين الدواجن خاصة البط الذى لا تظهر عليه الأعراض بشكل واضح، فمن خلال جولاتنا سمعنا الناس يرددون فيما بينهم أننا كحملة جاءت بحجة التحصين، ولكن الهدف هو إعدام الطيور، دون النظر إلى إصابتها، وهى الفكرة التى تسيطر على العديد من الناس بالرغم من عدم وجود دليل عليها». أضاف عبد العزيز «التربية المنزلية فى مصر من أكثر الأمور صعوبة، ليس فقط لأنها تمثل اقتصادا للعديد من الأسر، ولكن أيضا لأنها مصدر لإطعام أولادهم، لذا عندما فكرنا فى بداية الأزمة لم يكن لدينا سوى خيارين، أولهما تدمير تلك الثروة بإعدام الطيور أينما وجدت، والثانى هو المحافظة عليها ومحاولة تحصينها وهو الاختيار الأصعب فى ظل غياب قاعدة بيانات بأماكن تربية الطيور، ويكفى أننا قمنا بعمليات التحصين حسب الإمكانيات المتاحة من خلال التوصل إلى بؤر ظهور المرض ورصد الأماكن المجاورة لها، ورغم ذلك لم نقدر على الوصول لأكثر من تلك النسبة البسيطة التى تم تحصينها بالفعل».