حذر دعاة ومفكرون من خطورة استخدام الدين فى حشد الناس لتشجيع المنتخب الوطنى، مشيرين إلى أن ذلك يعكس خللاً فى ترتيب الأولويات، فبدلاً من الاهتمام بتنمية العلاقة مع الجزائريين، بدأ الخطاب الدينى وكأنه يحول المباراة مع الجزائر إلى معركة، وأن إقحام الدين فى الرياضة يشبه إقحامه فى السياسة وفيه إفساد للدين فى الحالتين. وقال الباحث ممدوح الشيخ إن شحن وتحفيز الناس للمشاركة فى تشجيع ومتابعة مباريات كرة القدم، خاصة المباريات المؤهلة لكأس العالم، هو نوع من التلاعب بالدين و«هوس» وطنى غير مفهوم أصبح يحيط بالنشاط الرياضى. وأكد الشيخ أن الدين أصبح جزءاً من هذه التركيبة المختلة فى المجتمع إذ ظهرت الفتاوى الرياضية والدعاء الرياضى بينما غفل الدعاة ورجال الدين، عن الأضرار الجسيمة التى أصابت العلاقات الوثيقة التى تربطنا بشعب الجزائر الشقيق فأصبح الانتصار فى مباراة مهما كانت أهميتها، أهم من الأخوة. وأضاف: إن شحن المواطنين يعتبر إثارة ل«العصبية» الجاهلية وهو محرم كبير ويجب ألا يسقط فيه العلماء لأنه إعادة صياغة للشخصية الإسلامية وفقاً للتراث الرومانى حيث الاهتمام الشديد بالجسد والقوة، كما أن منطق إثارة الجموع يحول الناس إلى قطيع وهذا ضد الفطرة الإسلامية، وقال الشيخ: «إن مشاعر الفرح التى أعقبت الفوز على الجزائر شابتها مظاهر همجية تجعلنا نتساءل: كيف يمكن أن يعبر المواطنون عن غضبهم إذا كان هذا هو حالهم عند الفرح، وإذا كان بالإمكان حشد الناس وراء قضية ودفعهم للشوارع للمشاركة فلماذا لا نستخدم نفس هذه الآليات لدفع الناس إلى الإحسان للجار وحسن الخلق والمشاركة المجتمعية وتنمية المجتمعات والمشاركة فى العملية الانتخابية، ولماذا لم يستغل الدعاة والإعلام هذه الفرصة لبيان مدى اهتمام الدولة بالرياضيين والفنانين، فى مقابل موقفها من المثقفين وأساتذة الجامعات ورجال الدين وغيرهم من الفئات المهمشة والفئات الكادحة الأولى بالرعاية. وأكد رفيق حبيب، كاتب ومفكر قبطى، وجود فراغ فى مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية وغيرها فى الحياة المصرية. وأدى هذا لزيادة القضايا التى تثير الحماس والعاطفة والتضامن إلى أن جاء وقت المباراة ورأى كل الأطراف أنها بديل عن حالة الفراغ التى يعيشها الإنسان المصرى وتعامل معها باعتبارها القضية الوطنية الأولى والتى يجب على كل الأطراف أن يقوم فيها بدوره فأصبح دور المسجد الوطنى ودور الكنيسة الوطنى مرتبطاً بالدعاء للفريق المصرى وكأننا نواجه أزمة وطنية كبرى وعلى الجميع أن يقوم بدوره فيها ليؤكد وطنيته. وتابع: إن رجال الدين تعاملوا مع مباراة الجزائر على أنها معركة وحرب للدفاع عن الأرض أو العرض فتحولوا إلى آداة لحشد الجماهير وشحنها وحثها على الصلاة والدعاء والمشاركة والتشجيع والهتافات، وحشد الناس تحت راية الدين والوطنية وهو أمر فى غير موضعه.