هو من أهم العقول العربية المجددة فى العصر الحديث -التى ساهمت إسهاماً كبيراً فى تشكيل الجانب المتقدم من فكرنا الحديث.. شعاره الأثير التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن- ولد فى 14 نوفمبر سنة 1889 بإحدى قرى مغاغة بمحافظة المنيا، وكان الأخ السابع ضمن 13 أخاً.. ضاع بصره وعمره 6 سنوات نتيجة الفقر والجهل.. وحفظ القرآن الكريم وهو صغير قبل أن يترك قريته إلى الأزهر.. وتتلمذ على يد الإمام محمد عبده.. حصل على الدكتوراه من الجامعة المصرية فى الآداب سنة 1914 عن أديبه الأثير أبى العلاء المعرى.. ثم سافر إلى فرنسا وحصل على درجة الدكتوراه عن فلسفة ابن خلدون سنة 1917.. عاد من فرنسا سنة 1919 حيث تم تعيينه أستاذاً فى قسم اللغة العربية.. عين وزيراً للمعارف سنة 1950.. وقد توفى المفكر والأديب طه حسين فى 28/10/1973.. وعندما عاد من فرنسا أصدر كتابه فى الشعر الجاهلى الذى أحدث ردود فعل معارضة -وأدى إلى ثورة عاصفة كادت تعصف به وبأدبه- وانبرت أقلام الأدباء وعلماء المسلمين يردون عليه بأعنف ما عرف من النقد!! ومع ذلك واجه مجتمعه ولم يأبه الهجوم أو الاضطهاد.. بل واصل رسالته -وتحدى خصومه- نصيراً للتجديد فى مجالات المعرفة والثقافة المختلفة.. وكان مصراً لكى نتقدم لابد من الوعى بالتخلف وإدراكه وأسبابه.. واجه الجهل بالعلم.. وتأثر بالتيار العقلانى الذى يعطى أولوية للعقل وقدرته الذاتية على إدراك الحقيقة.. كان من منهجه وفكره هو تفسير الموضوعات تفسيراً سببياً يقبله الفكر الذى يعمل العقل فى كل شىء.. والقضاء على تميز القديم من الجديد لمجرد الاقتناع بأفضلية الماضى.. وأن التاريخ لا يمكن أن يتراجع والقضاء على مبدأ القداسة الجامد الذى يحرم البحث فى بعض جوانب التراث.. وإعادة النظر فى كل ما هو قائم من مناهج.. وكان يرى أن الحرية مبدأ أساسى ومهم لجميع الناس على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والفكرية.. ولذلك قال طه حسين قولته المشهورة: (الأدب فى حاجة إلى الحرية.. فى حاجة إلى ألا يعتبر علماً دينياً ولا وسيلة، وهو فى حاجة إلى أن يتحرر من التقديس، هو فى حاجة إلى أن يكون كغيره من العلوم، قادراً على أن يخضع للبحث والتحليل والشك والرفض والإنكار، لأن هذه الأشياء كلها هى الأشياء الخصبة حقاً). وجميع مؤلفاته التى لم تفقد توهج جذوتها العقلانية وتحفته «الأيام» أثر إبداعى فريد من السيرة الذاتية الحالمة بالمستقبل الواعد الذى يخلو من عقبات الماضى وتحديات الحاضر، ويستعين على الحاضر بالماضى الذى يدفع إلى المستقبل، وسواء اجتمع أو اختلف البعض حول مؤلفات وأفكار طه حسين لابد أن نأخذ عظة من فكره الذى آمن بالتجديد.. فهل لنا أن تخترق جذور عقولنا بعد أن أصابها الوهن والضعف ونحاول بالفكر التجديد فى بعض المفاهيم الثابتة الراسخة، ونستمع من علمائنا ومفكرينا وكتابنا المجددين لآرائهم دون الاقتراب بالقطع من ثوابتنا الدينية لكى نعانق الأمل والحلم فى زمن الله أعلم بنا إذا لم نتطور فكرياً؟! نهلة طارق محمد أبوعلفة الإسكندرية