الكاتب الكبير أنيس منصور عالم وموسوعة بكل المقاييس، ولا شك أنه علامة فارقة فى الصحافة المصرية والأدب العربى، وهو يتميز بأمرين لا ينافسه فيهما أحد، حيث ضرب رقماً قياسياً فى عدد الكتب التى أصدرها فى شتى مناحى الحياة، وأظنها قد بلغت حتى الآن مائتى كتاب، وربما تجاوزتها. والأمر الآخر الذى يحتل فيه المرتبة الأولى هو كثرة زياراته لإسرائيل، فقد تردد عليها ما يقرب من خمسين مرة، وهو يفتخر بعلاقاته الوثيقة مع قادة العدو الصهيونى وكبار الشخصيات فى هذا الكيان، الذى قام على أنقاض فلسطين العربية. وأراهن أن هذا الأمر قد لفت نظرك وأثار دهشتك، وأنت تتساءل: كيف يمكن أن أعلن إعجابى بهذا الكاتب وتقديرى واحترامى له؟! والإجابة أننى تعلمت إنصاف الناس، وتقدير مكانتهم من إسلامنا الجميل، فيمكنك أن تختلف مع شخص ما بشدة فى موضوع معين، ولكنك تقدره وتحترمه.. والعديد من زملائى الثوريين الذين ينتمون إلى المعارضة الوطنية ويتطلعون إلى التغيير نظرتهم سلبية تجاه أنيس منصور بسبب علاقته مع إسرائيل، والأمر ذاته تراه فى التيار الإسلامى، لكننى أختلف مع هؤلاء جميعاً، والمفاجأة التى أقدمها لحضرتك أن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدى عاكف يقف فى صفى من ذات منطلق تقديرى له الذى يتمثل فى إسلامنا الجميل. وبالإضافة إلى رفضى الكامل للعلاقة التى تجمع أنيس منصور مع الصهاينة، فإننى أعترض أيضاً على كلامه وما يكتبه من منطلق حبى لبلادى وتقديرى واحترامى الكامل للمرأة. وأراهن أن الدهشة قد طرأت على وجهك للمرة الثانية وأنت تتساءل عن علاقة هذا بذاك.. ما دخل حب مصر فى حواء! ومن فضلك انتظرنى قليلاً لأشرح لك وجهة نظرى، وعندى يقين أنك ستنحاز إلى صفى وتقول «معك حق يا عمنا»!! فقبل أسابيع قليلة أجرت الصحفية المتألقة نشوى الحوفى حواراً ب«المصرى اليوم» استطاعت فيه زميلتنا البارعة نقل كلام فى منتهى الخطورة على لسان أنيس منصور حيث قال: «مصر أمة استفحل فيها المرض وانتهى عمرها الافتراضى» وكنت أتوقع أن تقوم الدنيا ولا تقعد احتجاجاً على قوله إن مصر قد انتهى عمرها الافتراضى.. يعنى ماتت!! وأنا أوافق أنيس منصور على الشطر الأول من كلامه بأن مصر أمة استفحل فيها المرض! لكننى أعترض على شطره الثانى قائلاً له: إنت غلطان مليون مرة! المريض لم ينته عمره الافتراضى حتى ولو كان فى غرفة الإنعاش! ودواؤه يتمثل فى حرية وديمقراطية حقيقية وتداول للسلطة. وأختم مقالى بسؤال أشبه ب«فزورة» لحضرتك وأسألك: لماذا هناك خصام بين الحريات العامة وبلاد العرب، مع أن الديمقراطية انتشرت فى أنحاء الدنيا ووصلت حتى إلى قلب أفريقيا، لكنها مازالت محلك سر فى العديد من البلدان العربية؟.. هل تعرف الإجابة؟ موعدى معك فى المقال المقبل لأشرح لك سبب اعتراضى على كلام أنيس منصور عن حواء.