قبل عدة أيام عاقبت محكمة جنايات القاهرة غيابياً شاباً إماراتياً بالمؤبد لاتهامه بقتل فتاة فى أولى جلسات محاكمته، كما سبق أن عاقبت المحكمة أبًا قتل أولاده وزوجته بالإعدام حضورياً فى أولى جلسات محاكمته أيضاً بعد اعترافه أمامها بارتكاب الجريمة، وسبق أن عاقبت المحكمة المتهم بالتحرش بفتاة بالحبس 3 أعوام فى أول جلسة كذلك، الأحكام السابقة ليست الأولى لكنها نموذج فريد للعدالة الناجزة، التى يطالب المتقاضون والقضاة بها منذ زمن بعد أن اعتاد المتقاضون على طول فترات التقاضى، التى تصل إلى عشر سنوات فى بعض القضايا بالجنائية. «المصرى اليوم» سألت عدداً من الخبراء القانونيين عن رأيهم فى العدالة الناجزة، وهل الحكم فى أول جلسة ميزة للمتقاضين أم تسرع يمكن أن يضر بهم. فى البداية يقول المستشار بهاء أبوشقة، المحامى بالنقض، إن الأصل القانونى هو العدالة الناجزة والسريعة لأن بطء إجراءات التقاضى يُعد ظلماً كبيراً يقع على أسرتى المتهم والمجنى عليه سواء كانوا أمام القضاء المدنى أو الجنائى. وأضاف أبوشقة أن بعض قضايا الجنايات لم يتم الفصل فيها أمام محكمة النقض منذ 8 أعوام حيث يحاكم بعض الأشخاص وتصدر ضدهم عقوبة، ثم تعاد محاكمتهم مرة أخرى بعد مرور العديد من السنوات، ولا يستطيع أحد أن يعوضهم عن يوم واحد يقضونه وراء القضبان دون وجه حق، بسبب بطء إجراءات التقاضى العقيم وغير المبرر. وأشار أبوشقة إلى أن العدالة الناجزة تؤدى إلى استقرار المراكز القانونية لكل من المتهم والمجنى عليه فى فترة بسيطة قائلاً: «أنا من أنصار سرعة الفصل فى القضايا خصوصاً إذا لم يحضر المتهم الجلسة بعد أن يتم إعلانه بشكل قانونى صحيح، مما يؤدى إلى عدم وجود أى مبرر لتعطيل الفصل فى الدعوى أو تأجيلها». وذكر أبوشقة أن بعض القضايا تحتاج إلى دفاع جدى لفترة قد تطول أو تقصر حسب حاجة القضية لرسم صورة صحيحة للواقعة والدليل، مما لا يعد تطويلاً أو تعطيلاً مقصوداً. وقال أبوشقة إن بعض المحامين يقومون بالمغالاة فى طلبات التأجيل دون مبرر، مما يجعل المتقاضين باختلاف أطرافهم يدفعون ثمن هذا التأجيل. وقال الدكتور عمر الفاروق، أستاذ القانون الجنائى بجامعة بنها، إن القانون لم يشترط صدور الحكم فى جلسة أو اثنتين أو أكثر، لكنه طلب أن يستقر فى وجدان المحكمة أن المتهم أخذ حقه فى الدفاع عن نفسه، وتمت الاستجابة لطلباته الجوهرية ولم يتم الإخلال بحقه فى الدفاع عن نفسه. وأضاف الفاروق أن العدالة الناجزة لا تستغرق العديد من السنين دون داع ولا تخضع للتأجيل دون مبرر حقيقى. وأشار الفاروق إلى أنه يمكن للمتقاضين إعادة إجراءات المحاكمة أمام محكمة النقض إذا تم إثبات أنه لم تتم الاستجابة لطلبات جوهرية قدمها الدفاع، ولم تستجب لها المحكمة مما يؤدى إلى خلل فى حقه القانونى فى الحصول على محاكمة عادلة. واتفق الفاروق مع أبوشقة فى أن البعض يلجأون إلى إطالة أمد التقاضى دون مبرر قائلاً: «المحكمة هى الجهة الوحيدة التى تقرر ما إذا كانت الدعوى صالحة للفصل فى أول جلسة أم لا». وفسر الفاروق الحكم فى أول جلسة فى محاكم الجنايات غيابياً بأنه لا يجوز أن يتغيب المتهم عن حضور الجلسة بنفسه، ولا تقبل المحكمة حضور محاميه عنه بتوكيل، وهو ما تسمح به المحكمة فى دعاوى الجنح والمدنى. من جهته، قال المستشار محمد عاصم بسيونى، عضو اليمين فى محكمة جنايات القاهرة، إن القضاء الجنائى يتميز بسرعة إحقاق العدالة ولا يوجد به أى تأخير، قائلاً أقصى تأخير لا يزيد على سنة قضائية واحدة، حيث تعاد محاكمة بعض المتهمين أمام محكمة النقض. وأضاف بسيونى أن المادة 384 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه يجوز الحكم غيابياً على أى متهم لم يحضر إلى الجلسة بشخصه طالما تم إعلانه قانونياً، وهو ما حدث فى قضية الشاب الإماراتى المتهم بالقتل لكن الحكم لا ينفذ حيث يقوم المتهم بالتقدم بطلب لإعادة إجراءات محاكمته، ويسقط الحكم الغيابى وتبدأ المحاكمة من جديد. ورفض بسيونى القول بأن بعض القضايا تتأخر إلى 10 سنوات فى محكمة النقض، وقال إن أقصى وقت تتأخر فيه العدالة هو سنة قضائية واحدة بسبب طلبات الدفاع وأكد أنه لا يجوز تعويض المتهم فى هذه الحالة، لأن القضاء من أعمال سيادة الدولة التى لا تسأل عنها طالما تمارسها فى حدود الشرعية القانونية والجنائية. وعن التأخير فى قضايا الجنح قال بسيونى إن عدد القضايا فى محاكم الجنح يعد بالملايين بما يفوق عدد القضاة، كما أنه توجد العديد من الأسباب التى تؤدى إلى التأخير مثل عدم حضور الشهود وطلب الدفاع التأجيل وتأخر تقرير الطب الشرعى وسلوك بعض المواطنين فى التنازع حول أشياء لا تحتاج إلى التقاضى.