لأكثر من عشرين عاما عمل «جيانجو رابيللينو» في مجال البرمجيات الحرة، وإدارة شركة متخصصة في هذا المجال تغطي أعمالها العديد من الدول الأوروبية، قبل أن يحصل على عرض بالعمل في شركة مايكروسوفت عملاق البرمجيات التجارية العالمى ليتولى إدارة «مجتمع البرمجيات الحرة» بها، يتردد قليلا، ويسأل أصدقاءه قبل أن يقرر قبول العرض. أكد «رابيللينو» في لقائه ب«المصري اليوم»، أن جميع الخبراء في مجال البرمجيات الحرة الذين يثق في رأيهم طالبوه بقبول عرض مايكروسوفت، وأنه شخصيا التقى بما يقرب من 25 مديرا تنفيذيا في الشركة قبل تعيينه وجاءت معظم اللقاءات بناء على طلبه قبل أن يقبل الوظيفة حتى يتأكد من أنه سيكون إضافة حقيقية تصنع جسرا متينا بين شركة البرمجيات التجارية الكبرى ومجتمع البرمجيات مفتوحة المصدر، وهو ما تحقق على عدة مستويات منذ عمله بمايكروسوفت قبل عامين. يتحدث «رابلينو» بفخر عن هذا العرض ونصيحة الأصدقاء بقبوله باعتباره دليلا لا يقبل الشك عن اقتناع مجتمع البرمجيات الحرة بالتغيير الكبير الذي شهدته مايكروسوفت خلال السنوات الماضية فيما يتعلق بالتعاون مع هذه المجتمعات التي كانت في وقت ما تخوض معركة شرسة ضد الشركة، ولكن الأمور تغيرت كثيرا لتفتح مجالات من التعاون والتفاعل والعمل المشترك لصالح المستهلك في نهاية المطاف. جزء من هذا التغيير في الاستراتيجية العامة، يعود بالأساس إلى الطفرات التقنية الحديثة مثل توسع مفاهيم واستخدامات تكنولوجيا السحابةCloud والتي تتعامل مع أنظمة مختلفة، وبالتالي تجد الشركات والأعمال الصغيرة والمتوسطة أنها في حاجة دائمة إلى إمكانية التعايش والتواصل بين هذه الأنظمة، وبينما يستطيع مجتمع البرمجيات الحرة إجراء التعديلات المطلوبة في هذه البرمجيات يحتاج الأمر على الجانب الآخر إلى تعاون واضح وشفاف من شركة مايكروسوفت التى تحتفظ بمصادر برمجياتها. مع اتساع نطاق التعاون بين مايكروسوفت والآخرين في هذا المجال، أنشأت الشركة مؤخرا قطاعات مستقلا يحمل اسم «مجتمعات المصدر المفتوح» Open Source Communities والذي يعمل «رابيللينو» كأحد مديريه الرئيسيين، وأكد فى لقائه مع «المصرى اليوم» أن مايكروسوفت تتخذ استراتيجية عامة تعتمد على مزيد من «الانفتاح» على العالم، وسياستها في هذا المجال تعتمد على أربعة أعمدة رئيسية لا يمكن فصلها عن بعضها البعض: المصادر المفتوحة، والمعايير المفتوحةOpen Standards والعلاقات مع مجتمع المصدر المفتوح، وأخيرا إمكانية التواصل والاتصال بين الأنظمة المختلفةInteroperability ولتحقيق «الانفتاح» بالدرجة المطلوبة يجب العمل فى جميع هذه الاتجاهات، وهو الأمر الذى يعمل عليه مع فريقه فى الإدارة الجديدة. وقال «رابيللينو»: «سيسمح القطاع الجديد في مايكروسوفت بتفاعل أكبر مع مجتمع البرمجيات الحرة على أسس أكثر وضوحا، خاصة فى تلك المراحل التى تحتاج للعمل والتعاون بين مختلف الأطراف، عندما يساهم مبرمج من الخارج في كتابة كود لمايكروسوفت أو يشارك مهندسي الشركة في جزء من برنامج مفتوح المصدر، هذه العملية معقدة وليست تجربة داخل المختبر، ولكن الوضع الحالي مبشر بعد خمس سنوات من العمل الشاق». عندما أعلنت مايكروسوفت مؤخرا طرح المصدر المفتوح لأحد عناصر.NET والتي تستخدم في تخطيط قواعد البيانات، قالت في البيان الصحفي الخاص بالحدث، إنها ترحب بالمساهمات من الأطراف الخارجية، أي أن الشركة فتحت الباب أمام مجتمع المطورين الحر لإضافة بعض الأفكار، ومنذ عام أعلنت مايكروسوفت عن دعم Apache Adobe وتم ذلك بالتعاون المباشر مع مجتمع مطورىApache والشركاء التجاريين لشركةAdobe وكانت النتيجة النهائية المزيد من القيمة المضافة التى حصل عليها المستخدم. النماذج السابقة مجرد أمثلة لما تقوم به «مجتمعات المصدر المفتوح» فى مايكروسوفت، كما يقول «رابيللينو» لأن القائمة تطول وتمتد، فهم يعملون على بناء الجسور التي تربط بين منتجات مايكروسوفت والمنتجات الأخرى، والمساعدة في التواصل عبر تقنيات السحابة، وتطوير تطبيقات الموبايل، وتطوير تطبيقSkype للعمل مع أنظمة تشغيل مختلفة بما فيها «لينكس»، ولا يتوقف الأمر على مد الجسور التقنية ولكنهم يعملون أيضا على مد الجسور الإجتماعية. الموقف الحالي لم يعد هو الاختيار بين منتجات مايكروسوفت أو برمجيات المصدر المفتوح، ولكن مايكروسوفت والمصدر المفتوح، أو بتعبير «رابيللنو»: «نحن نبني أدوات للربط بين العوالم المختلفة».