.. والفلكة عزيزى القارئ هى أداة تهذيب وإصلاح، ابتدعها أجدادنا القدماء.. ومن كام سنة كده وقت محمد على باشا والى مصر والسودان كان الرجل قد اشتكى لى أن هناك مسؤولين مقصرين فى حكومته بينما هو كان يسعى لنهضة مصر الحديثة التى ذكرها التاريخ لاحقا.. فاقترحت عليه أن يستخدم الفلكة ويعلق فيها المسؤول المقصر، وإذا لم تفلح فليذبحه عالعيد حلالا بلالا.. وهو ده حال الدنيا.. إذا لم يكن هناك عقاب مثلما هناك ثواب فلن يكون هناك التزام بالواجبات ولن يحترمك أحد.. وكم فيكى يا مصر من ملتزمين!!.. وخصوصا التزامنا فى الإهمال!!.. وكل ما حدث فى السودان كان من الممكن تفاديه لو أن المسؤولين المختصين كانوا يؤدون واجبهم على أكمل وجه خاصة فى الأيام الفاصلة بين المباراتين.. ويبدو أن هناك من لا يعلم أن هناك شعرة رفيعة تفصل ما بين أن تكون إنسانا محترما ولارج وبين أن تكون «بنى آدم هزؤ بياخد على قفاه ويسكت».. وأن هناك شعرة رفيعة تفصل ما بين الدبلوماسية والخنوع... وللأسف هذه الشعيرات الرفيعة قد تخطتها جميعا وزارة الخارجية منذ سنوات، وفى مواقف عديدة حدثت ومازالت تحدث مع المصريين فى الخارج.. لو كانت تلك الوزارة لها هيبة لم يكن سفيرنا فى السودان ليجرؤ على التخلى عن المصريين هناك مثلما فعل.. ولو كانت لها هيبة أمام الدول الأخرى لم يكن السفير الجزائرى فى مصر ليتجرأ بتصريحاته المستفزة مثلما فعل... مسكينة وزارة الخارجية.. عندها كام سفير كده بختها مايل معاهم.. ويا عينى داخت بيهم عالمشايخ وياما كنست عند الأولياء إن ربنا يهديهم، لكن دون فائدة.. إنما نقول إيه بقى.. أصل اختيار السفراء ليس من اختصاص الخارجية على فكرة.. ده قسمة ونصيب.. زى البطيخة بالضبط.. يا تطلع قرعة يا تطلع حمراء!.. وبالتالى فهى لم تطرد هذا السفير المتطاول عملا بمبدأ: اصبر على جار السوء هتيجى مصيبة تاخده! وليلة أزمة المصريين فى السودان، تابعنا إعلاميا حتى الفجر الموقف هناك.. وحتى الاتصالات الرئاسية علمنا بها كما علمنا بتجاوبات وزراء الصحة والإعلام والطيران.. إلا وزير الخارجية.. اختفى.. لا حس ولا خبر!!.. هل مثلا كان يرى أن كل هذا يدخل تحت بند أن «مصارين البطن بتتعارك؟».. طب بلاش دى.. حين علم أن علاء وجمال مبارك يرفضان الرجوع بعد المباراة وأنهما أقاما ما أشبه بغرفة العمليات لنجدة المصريين المختبئين هنا وهناك، ألم يشعر بالخجل؟.. لماذا لم يأخذ طائرة ويلحق بهما ويحاول أن يعوض تقصير السفارة المصرية؟... لكن كالعادة الخارجية اختفت وقت الأزمة... ولم نسمع لها صوتا إلا بعد أن اجتمع الرئيس بالوزراء فى اليوم التالى.. ولم تكن تصريحات الخارجية سوى تصريحات عن غضب الرئيس واستياء الرئيس، مثلما يتكلم أى متحدث رسمى إعلامى وكأن الموضوع برمته لا يخص الخارجية من بعيد أو قريب.. وكأنهم ناس قاعدين فى تلك الوزارة بياكلوا عيش وخلاص.. ولذلك أنا الآن أتساءل: مش آن الأوان بقى إن مهام وزارة الخارجية تقوم بها وزارة الكهرباء؟