استمرار «المولد» قرار سياسى

سادت حالة ارتياح بين أهالى دمنهور العام الماضى، بعد قرار الحكومة المصرية وقف الاحتفال بمولد «أبوحصيرة» تفعيلاً لقرار القضاء الإدارى، لكن الفرحة لم تكتمل مع عودة الاحتفالات الإسرائيلية هذا العام عقب لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بالرئيس مبارك فى زيارته الأخيرة، فقد أعادت قضية مولد «أبوحصيرة» الجدل حول احترام وتنفيذ الأحكام القضائية، وذهب عدد من القانونيين إلى أنه لا جدوى من اللجوء للقضاء فى قضية أبوحصيرة، باعتبار أن تنفيذ الأحكام القضائية أو عدم تنفيذها يمثل رغبة سياسية بحتة، لكن ذلك لم يمنع مصطفى رسلان المحامى الذى حصل على الحكم القضائى عام 2004 بإلغاء المولد من تحريك الملف مجدداً هذا العام وإقامة دعوى جديدة تطالب بنقل رفات «أبوحصيرة» من قرية دمتيوه.
يقول رسلان إنه بدأ الصراع القانونى ضد أبوحصيرة فى عام 1996، عندما أقام دعوى قضائية أمام محكمة دمنهور الابتدائية، مستنداً إلى حقيقة تؤكد عدم دفن أى يهودى فى المنطقة منذ 60 عاماً، وبالتالى تجب إزالة المقبرة ومنع الاحتفالات، إلا أن المحكمة قضت بعدم الاختصاص فى عام 1998.
ويضيف رسلان: أقمت دعوى أخرى أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، واستمر تداولها بالمحكمة حتى عام 2001 والتى انتهت برفض الدعوى بحجة أنه لا مصلحة لى فى إقامتها، فقدمت توكيلات من الأهالى بالإضافة إلى ما يفيد بإقامتى بالقرية، وحدثت المفاجأة بحصولى على الحكم الشهير بوقف الزيارات، إلا أن هيئة قضايا الدولة استأنفت الدعوى أمام المحكمة الإدارية العليا، وفى تلك الأثناء أصدر فاروق حسنى، وزير الثقافة، قراراً باعتبار المكان مزاراً سياحياً، وقدمته هيئة قضايا الدولة كمستند فى القضية، إلا أن المحكمة رفضت الاعتداد بقرار وزير الثقافة واعتبرته صادراً للالتفاف على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية وأصدرت حكمها فى عام 2004 بتأييد الحكم السابق.
وقال رسلان إن محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية سوف تنظر الدعوى الجديدة التى أقامها فى خلال أسبوعين، ويطالب فيها بإلغاء جبانة أبوحصيرة ونقل رفاته إلى خارج مصر وإزالة الجبانة وتسويتها بالأرض، ويختصم فيها وزير الصحة باعتبار أن الجبانات تابعة له، بالإضافة إلى وزراء الثقافة والداخلية والخارجية ومحافظ البحيرة، ورئيس الوحدة المحلية لمركز دمنهور، وأشار فى دعواه إلى أن المادة 4 من قانون الجبانات حددت نقل رفات الموتى طبقاً لاتفاقية برلين الموقعة عام 1937.
من جانبه اعتبر محمد الدماطى، مقرر لجنة الحريات بالنقابة العامة للمحامين أن إهدار أحكام القضاء وعدم تنفيذها يرجع إلى تغليب القرارات السياسية العليا على تنفيذ أحكام القضاء، وأشار إلى العديد من الأحكام التى لا تنفذ، واعتبر الدماطى أن هناك نوعين من الأحكام المهدرة الأول يرجع لعدم وجود رغبة سياسية عليا فى تنفيذها، والآخر لا ينفذ بسبب الإهمال، وأرجع السبب فى ذلك إلى عدم وجود سلطة ردع شعبية تحاسب المخطئين وقوى معارضة حقيقية تلزم النظام باحترام قرارات القضاء.
وقال مختار العشرى، مقرر لجنة الإعلام بالنقابة العامة للمحامين، إن دور القضاء فى قضية منع اليهود من زيارة أبوحصيرة انتهى، وأن الحل الوحيد لمنع تلك الزيارات هو استمرار الضغوط الشعبية على النظام لتنفيذ أحكام القضاء، معتبراً أنها هى الوحيدة الكفيلة بإلزام النظام باحترام أحكام القضاء، مشيراً إلى أن الوضع الحالى ليس بحاجة لإجراءات قانونية جديدة وأن هناك حكماً موجوداً بالفعل ولكن لا يتم تنفيذه.