من الصعب إدراك الأحداث المتتالية وما تحمله من دلالات ومفاجآت إلا عندما نراها مركزة، وبصورة مجمعة.. هذا هو الحال بمجرد قراءة الكتاب السنوى الذى أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، أمس، عن أهم أحداث العام الجارى 2009 والذى أوشك على الانتهاء. يتضمن الكتاب عرضاً لأهم القرارات التى صدرت فى العام، وعددها 23، سواء كانت صادرة عن رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس الوزراء، ويأتى فى مقدمتها فصل السكان عن وزارة الصحة، وتعيين مشيرة خطاب وزيراً للسكان، بالإضافة لاختيار الدكتور محمد نصرالدين علام، وزيراً للرى، وكذلك إلغاء الحكومة لنحو 422 قراراً وزارياً يعود تاريخها إلى أكثر من 50 عاماً، والقرار الرئاسى بمضاعفة العلاوة الاجتماعية من 5٪ إلى 10٪، وتحويل الأقصر من مدينة إلى محافظة. تطرق الكتاب لمشروعات القوانين، والقوانين التى أقرها مجلس الشعب هذا العام وبلغ عددها 10، كان أكثرها إثارة للجدل مشروع قانون تفويض رئيس الجمهورية فى إصدار قرارات لها قوة القانون، فيما يتعلق ببيع وشراء الأسلحة للقوات المسلحة، ومشاريع قوانين الصحة النفسية، والرسوم القضائية، وتعديل قانون مجلس الشعب بإضافة 64 مقعداً فى 32 دائرة انتخابية يكون الترشح فيها للمرأة فقط. يرصد كتاب مركز المعلومات ملامح العنف الذى شهده 2009 وعبرت عنه قسوة الجرائم التى ارتكبت فيه، وما صدر فيها من أحكام قضائية لحوادث تم ارتكابها فى العام السابق 2008، فى مقدمة تلك الأحكام إحالة أوراق رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى والضابط السابق محسن السكرى، للمفتى والتصديق على الحكم فى يونيو الماضى، وإصدار الحكم بالإعدام على 24 متهماً فى قضية مذبحة وادى النطرون فى سابقة هى الأولى من نوعها، بالإضافة إلى عدد آخر من أحكام الإعدام فى قضايا مقتل هبة ونادين فى مدينة 6 أكتوبر، والمهندس قاتل زوجته ونجليه بعد خسارته أمواله فى البورصة، وقاتل الطفلين شهد وزياد، ابنى خاله، لخلاف على مبلغ مالى. ويبقى الحكم الصادر بحق دكتورة هدى، ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والقاضى بتغريمها 150 ألف جنيه لصالح السيدة رقية، ابنة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بعد ثبوت التهمة الموجهة للأولى بسب وقذف والد الثانية، عبر اتهامه بالخيانة والتجسس والتسبب فى قتل والدها، دون القدرة على تقديم أدلة. وهو الحكم الذى أحدث ضجة بعد رفض الدكتورة هدى تنفيذه مما دعى رقية السادات لاستصدار قرار بالحجز على ممتلكات المدعية عليها، إلا أن القرار لم ينفذ بعد قيام هدى عبدالناصر بدفع الغرامة المقررة عليها. كما احتلت حادثة مقتل المواطنة المصرية مروة الشربينى فى مدينة دريسدن الألمانية فى شهر يوليو على يد متعصب ألمانى، مساحة من أحداث قضايا هذا العام الذى شهد الحكم أيضاً على المتهم بالسجن المؤبد المشدد لمدة 15 عاماً. ويؤرخ كتاب المركز لعدد من الأحداث السياسية والثقافية التى أثارت الجدل الإعلامى والسياسى فى 2009، كان من بينها خسارة فاروق حسنى، وزير الثقافة، لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، والإفراج الصحى المشروط عن أيمن نور، مؤسس حزب الغد، وواقعة جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية التى أثارت النقاشات حول طريقة منحها وأسلوب الحكم على مستحقيها والمرشحين لها، بعد حجب جائزة الدكتور هانى الناظر، رئيس المركز القومى للبحوث، من قبل وزير البحث العلمى الدكتور هانى هلال، وبعد فوز الدكتور سيد القمنى والدكتور حسن حنفى بجوائز الدولة التقديرية فى مجال العلوم الاجتماعية. وكان للإضرابات والاحتجاجات نصيب الأسد فى عام 2009 حيث بلغ عددها نحو 97 شملت جميع قطاعات الدولة دون استئثار فئة على أخرى بها. فهناك إضرابات عمال المصانع كما فى مصنع أبوزعبل لتصنيع الزجاج، ومصنع تليمصر، وفروع مصنع النيل للأقطان، والصيادلة، وسائقى الميكروباص واعتصام المحامين وخريجى العلاج الطبيعى وسائقى القطارات وعمال شركات استصلاح الأراضى، والصحفيين وأولياء أمور مدرسة رمسيس للغات. وهناك الوقفات الاحتجاجية للعاملين بالتليفزيون ومدرسى العقود فى عدد من المحافظات، وأساتذة المراكز البحثية، وأوائل الكليات بجامعة الفيوم لعدم تعيينهم، ليكون شعار هذا العام «تعددت الأسباب والإضراب والاعتصام.. واحد». 29 شخصية رحلت عن عالمنا هذا العام، تنوعت تخصصاتهم وانتماءاتهم الثقافية والسياسية والمهنية أيضاً، فقد فقدت الحياة الثقافية عدداً من رموزها من بينهم المفكر محمود أمين العالم، الروائى يوسف أبورية، عالم الرياضيات والإحصاء الدكتور عبدالعظيم أنيس، الكاتب الصحفى الدكتور محمد السيد سعيد، الفنان التشكيلى أحمد فؤاد سليم، الكاتب محمود عوض، المفكر والعالم الدكتور مصطفى محمود، بينما رحل من السياسيين عدد آخر من بينهم اللواء النبوى إسماعيل، وزير الداخلية الأسبق، وإبراهيم بغدادى عضو تنظيم الضباط الأحرار، محافظ القاهرة الأسبق، وأمين هويدى وزير الحربية، رئيس جهاز المخابرات الأسبق، ورغم قدر كل من رحلوا، فإن رحيل حفيد الرئيس مبارك بعد فترة مرض قصيرة جداً، ورحيل الأميرة فريال كبرى بنات الملك فاروق، بعد صراع طويل مع المرض، كانا الأكثر تأثيراً فى نفوس المصريين من بين من رحلوا هذا العام.