فكرت فيما حدث لى طوال العام، وتساءلت كيف أمضيت 365 يوما من عمرى؟ وهل كنت فى هذا العام أقرب لأهدافى وأحلامى من الأعوام السابقة؟ وماذا جنيت خلاله وماذا خسرت؟ أحضرت قلما ومفكرة صغيرة، وأغمضت عينى، وتذكرت بداية العام، المقدمات لا تنبئ بالخواتيم، البدايات كانت تدل على أنه ككل الأعوام التى سبقته والتى سوف تليه. فأنا من الشخصيات التى تجيد التعامل مع الواقع، منذ سنوات طويلة آمنت بالمقولة التى تردد «إن لم يكن ما تريد فأرد ما يكون» جملة جعلتنى أتحمل الواقع بصبر ورضا، وفجأة حدث تغير كبير فى تفكيرى مع منتصف العام وكان من نتيجته أننى تبنيت مقولة أخرى «من تعود الزحف لن يستطيع الطيران»، ففى الزحف نلتصق بالأرض، وندمن الزحف لأن الزاحف لا يشعر أبدا بخطر السقوط، فالخوف من السقوط ارتبط برؤيتنا لمن يحلق ويطير، لكننى وياللعجب اكتشفت أننى عندما بدأت التحليق لم أعد أفكر فى الخوف من السقوط، لأننى اكتشفت أننى تعلمت السمو وتسلحت بالأحلام وهى دائما أفكار لا تعيش إلا فى السماء، الأحلام لا تزحف وسط الشقوق ولا تقبل أن تدهسها الأقدام وتمحوها خطوات الدواب، اكتشفت أن رأسى مرفوعة أكثر لأن الأحلام تعودنا على النظر لأعلى وتأخذنا إلى يقين مختلف عن حقائق الأمور اليومية التى غرقنا فيها ونحن نعيش على الأرض فقط. ولأننى تعلمت أنه لابد من سماء لكل أرض، فقد قررت أن أحلق مع أحلامى المؤجلة دوما، قررت أن أفتح ستائر قصر دراكولا وأحرر الأحلام الحبيسة منذ الطفولة، ومن بينها كان حلم «طعم البيوت»، الذى كان عنوانا لآخر عامود كتبته فى صفحة «هى» الأسبوعية بعنوان «طعم البيوت» قبل توقفها لإفساح الطريق أمام ملحق يحمل نفس الاسم وكأنها نبوة . بنينا الملحق على حلم بالتغيير يبدأ من تغيير الذات ليكون للدنيا طعم جديد واتخذنا من ذلك شعارا للملحق، اختيار ملفات الملحق كانت ومازالت تحتاج إلى جلسات عمل جماعية ليس فقط مع أسرة التحرير ولكن مع الإخراج الفنى، هذه الحالة الجميلة من التعاون بين الكلمة والصورة غيرتنا بالفعل، طوال الأسبوع نفكر كيف ستتحول الأفكار إلى كلمات وشكل صحفى يترجم إلى شكل فنى يخاطب العين قبل العقل والقلب، التحليق ومحاولة كسر جمود المألوف والمعتاد تحول لسمة من سمات شخصية أسرة الملحق مع الوقت، والطريف صدى ذلك ومردوده على حياتنا الشخصية. وهو ما يؤكده دائما علماء الاجتماع عن إمكانية تغيير الفرد بتغيير المحيط به وهو ما عبرت عنه الحكمة الشعبية: «من عاشر القوم أربعين يوما أصبح منهم أو أصبحوا منه»، الزمالة تحولت إلى صداقات، شخصياتنا أصبحت أكثر ثراء بالعطاء والتنوع الفكرى والمعرفى. العمل الجماعى له مذاق خاص يصعب على من لم يجربه الإحساس به. أنا ممتنة لحصاد 2009 أقولها بصدق رغم أن المفكرة الصغيرة امتلأت بالنقاط السلبية ولكننى فخورة بالإيجابية منها.