أى تكريم فى الدنيا ليس كثيرا على حسن شحاتة الذى أصبح صاحبا لمشروع قومى حقيقى كانت تريده مصر وتحتاج إليه.. وأى أموال فى العالم ليست كثيرة على لاعبى منتخب مصر بعدما أهدوا المصريين كل هذه الفرحة فى هذا الزمن الصعب.. ولكنه منتهى الظلم أن ننسى الآخرين وأن نقتلهم بدم بارد بتجاهلنا وغفلتنا وعدم اكتراثنا.. ولهذا أكتب اليوم عن الدكتور حسام الإبراشى.. طبيب العلاج الطبيعى الخاص بالمنتخب المصرى منذ ست سنوات.. أكتب عنه لأكثر من سبب.. أولها وأهمها على الإطلاق أننا كلنا نضيق بأى مسؤول أو صحفى حكومى ينسب للرئيس مبارك كل الفضل فى أى إنجاز.. فى حين أننا أنفسنا حين نتكلم عن انتصار المنتخب القومى وبطولاته لا نتذكر إلا حسن شحاتة والنجوم فقط وليس حتى كل اللاعبين.. مع أن هناك شركاء آخرين فى هذا الانتصار منهم الدكتور حسام الإبراشى.. والدكتور أحمد ماجد طبيب المنتخب.. وسمير عدلى المدير الإدارى.. وكمال عبدالواحد إخصائى اللياقة البدنية.. وحسنين حمزة إخصائى التدليك.. وعبدالله عامل غرفة خلع الملابس.. فكل واحد من هؤلاء قام بدوره بمنتهى الحرص والالتزام والحب والاحترام.. ولا أرى شخصيا أنهم كانوا أقل من أى لاعب أو عضو فى الجهاز الفنى بقيادة الرائع حسن شحاتة.. وأكيد لكل منهم حكايته الجميلة التى لا ينبغى نسيانها وسط الصخب والزحام والتسابق على النجوم.. ولكننى أبدأ اليوم بالدكتور حسام الإبراشى.. فلم ينتبه الكثيرون إلى أن لاعبى منتخبنا كانوا فى هذه البطولة يخوضون سباقات متتالية.. عنيفة وقاسية وصعبة.. لم يعتدها اللاعب المصرى ولا يعرفها ولا يجيد التعامل معها.. ورغم ذلك لم نشهد لاعبينا يتساقطون فى الملعب ولم تخذلهم عضلاتهم ولم يضعفوا لدرجة الانهيار والتنازل عن الرؤية الفنية التى يريدها حسن شحاتة ومعاونوه.. وربما لم ينتبه كثيرون لذلك قبل هذه اللحظة.. ولهم العذر ومعهم الحق.. فلدينا إعلام لا يجرى إلا وراء النجوم ولا يسلط الأضواء إلا فقط على من يعرفه الناس بالفعل.. إعلام سيبقى طويلا يجرى وراء جدو وزيدان وأحمد حسن والحضرى، وسينسى الرجل الذى نجح فى أن يجعل جدو وزيدان قادرين على كل هذه المشاوير الرائعة، وجعل أحمد حسن قادرا على الاحتفاظ بكامل لياقته وحيويته.. وهو ما يعنى ضرورة أن نصفق كلنا لحسام الإبراشى الذى كان هو المسؤول عن ذلك وصاحب الفضل الأول فى كل ذلك.. ومن المؤكد أن الإبراشى قام بكل ذلك فقط لأن هذا هو واجبه، وتلك هى وظيفته المحددة مع المنتخب التى يتقاضى عنها أجره ومكافآته.. ولكن الإبراشى يستحق أيضا.. هو وكل زملائه.. بعضا من هذه الحفاوة الإعلامية وأن يعرفهم الناس، وكل ما قاموا به من جهد وإبداع وعطاء.. ولست أكتب هذا الآن لمجرد لفت انتباه إعلام كسول وتقليدى للتفتيش عن فرسان جدد وحقيقيين يستحقون التكريم ومنحهم الفرصة للحديث عن أدوارهم ونصيبهم فى هذا الانتصار.. وإنما أتمنى أن يتغير أسلوبنا فى التفكير.. أن نتخلص من عقدة مصرية قديمة ومزمنة تتلخص فى أن الإنجاز دائما يملكه شخص واحد.. مع أنه بدون الناس لا يستطيع أى شخص.. مهما كان.. وفى أى مجال.. أن ينجح فى أى شىء. [email protected]