اتهمت الحكومة اليمنية المتمردين الحوثيين أمس بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار فى محافظة صعدة، مؤكدا نجاة أحد قياداته من محاولة اغتيال نفذها الحوثيون الذين قتلوا وأصابوا عدداً من الجنود خلال اليوم الأول لدخول اتفاق وقف الحرب حيز التنفيذ بعد قبول الحوثيين الشروط الستة التى وضعها الرئيس على عبدالله صالح لإنهاء القتال فى صعدة وحرف سفيان. وقال اللواء محمد عبدالله القوسى، قائد العمليات العسكرية فى محافظة صعدة، الذى يشغل أيضا منصب وكيل أول فى وزارة الداخلية، إنه نجا «من محاولة اغتيال على أيدى الحوثيين»، وأضاف أن متمردين «رشقوا سيارته بالرصاص» فى اليوم الأول من سريان وقف النار الذى أعلنته صنعاء اعتبارا من منتصف ليل الخميس والجمعة. وأضاف المسؤول أن الحوثيين «خرقوا وقف إطلاق النار وشنوا هجمات على موقع للجيش فى آل عقاب فى صعدة وتسببوا فى قتل وجرح عدد من الجنود»، وأضاف أنهم «هاجموا نقطة العين فى جنوب صعدة وقتلوا جنديا فيها».وبدورها، ذكرت قناة «العربية» أن المتمردين الحوثيين فتحوا النار على مسؤول فى وزارة الداخلية اليمنية فى أول خرق لاتفاق وقف إطلاق النار. وتأتى تلك التطورات بعد ساعات محدودة من إعلان الرئيس اليمنى اتفاقا لوقف الحرب مع المتمردين الحوثيين، مع تأكيد زعيم المتمردين عبدالملك الحوثى أوامره لأتباعه بالالتزام بشروط الهدنة، وساد هدوء حذر خلال تلك الفترة المحدودة حتى تجدد الاشتباكات. وذكرت مصادر عسكرية ميدانية أن «الهدوء عم كل الجبهات فى صعدة والملاحيظ وحرف سفيان» وهى الجبهات الرئيسية الثلاث التى كانت تشهد مواجهات شرسة منذ اندلاع آخر جولات النزاع مع الحوثيين فى أغسطس 2009 ودخلت السعودية فيها بعد تسلل الحوثيين إلى أراضيها. وقال مصدر عسكرى آخر إن الطيران الحربى كان يحلق فوق مناطق النزاع حتى سريان وقف إطلاق النار الذى أعلنه الرئيس اليمنى اعتبارا من منتصف ليل الخميس والجمعة. وقال عسكريون يمنيون إن الحذر يسود الجبهات بالرغم من توقف كل أشكال القتال، وقال أحد العسكريين «نحن متحصنون فى مواقعنا كالعادة ويدنا على الزناد» فى إشارة إلى حالة الحذر الشديدة التى لاتزال تسود على الجبهات. وفى غضون ذلك، كشفت مصادر عسكرية أن الجيش رصد تحركات للمتمردين منذ ساعات الصباح الأولى من أجل نزع الألغام وإعادة فتح الطرقات، وهى أحد بنود الاتفاق على وقف إطلاق النار. وكان صالح عقد اجتماعا أمس الأول (الخميس) مع أعضاء اللجنة الوطنية المكلفة بالإشراف على ملف المواجهات مع الحوثيين، وصدر عن الاجتماع قرار ب«إيقاف العمليات العسكرية فى المنطقة الشمالية الغربية ابتداء من الساعة الثانية عشرة من مساء الخميس، وذلك بما من شأنه حقن الدماء وإحلال السلام فى المنطقة الشمالية الغربية». وتضمن قرار وقف إطلاق النار 6 نقاط وافق عليها الحوثيون، وهى «الالتزام بوقف إطلاق النار وفتح الطرقات وإزالة الألغام وإنهاء التمترس فى المواقع وجوانب الطرق» و«الانسحاب من المديريات وعدم التدخل فى شؤون السلطة المحلية» و«إعادة المنهوبات من المعدات المدنية والعسكرية اليمنية والسعودية» و«إطلاق المحتجزين من المدنيين والعسكريين اليمنيين والسعوديين» و«الالتزام بالدستور والنظام والقانون». كما تشمل «الالتزام بعدم الاعتداء على أراضى المملكة العربية السعودية» التى دخلت خط النزاع مع الحوثيين فى نوفمبر إثر تسلل متمردين إلى أراضيها، إلى أن أعلن الطرفان الشهر الماضى انسحاب المتمردين من أراضى المملكة. ويمنح الاتفاق على وقف إطلاق النار فرصة للحكومة اليمنية للتعامل مع الكثير من الملفات الملحة التى تهدد وحدة البلاد وفى صدارتها تنامى نفوذ تنظيم القاعدة، وتصاعد الدعوات المطالبة بانفصال الجنوب. وكان غالبية المراقبين يرجحون أن تكون اليمن «دولة فاشلة» قريبا، وأن تتعرض للتفتيت، غير أن إقرار هذا الاتفاق يسمح لصنعاء بأن توجه غالبية مواردها تجاه مواجهة القاعدة وتنمية الجنوب للتصدى لمطالبات الانفصال، خاصة أن النزاع مع الحوثيين استمر ل6 سنوات كاملة تكبد خلالها اليمن آلاف القتلى وأكثر من 250 ألف نازح، فضلا عن تأثير الحرب على الاقتصاد اليمنى.