منذ الدقيقة 86 لمباراة الأهلى وشبيبة القبائل فى مدينة تيزى أوزو أمس الأول.. انطلقت أصوات كثيرة فى مصر تطالب بإعلان الغضب على الجزائر.. أصوات يريد أصحابها الثأر والانتقام، لأن المصريين لا يستحقون هذه المعاملة ولم يكونوا ليستحقونها لولا أنهم سكتوا دائما ضد أى اعتداء أو إهانة أو محاولة للانتقاص من أقدارهم هم وبلادهم.. صرخات ودعوات لاقت استجابة هائلة فى الشوارع والبيوت والمقاهى التى قضت ليلة رمضانية عاصفة وحزينة، شاهدت حكم المباراة يلغى هدف التعادل للأهلى لأنه لا لاعبى شبيبة القبائل أو مدينتهم ومسؤوليها ورجال أمنها وجماهيرها كانوا ليقبلوا فكرة أن يأتى الأهلى المصرى إلى مدينتهم فيلعب الكرة دون أن يخسر أو ينهزم.. ورغم أن مشهد الملعب فى الدقيقة السادسة والثمانين والدقائق الكثيرة بعدها، لم يكن من المشاهد الطبيعية أو المتوقعة فى ملاعب الكرة فى أى مدينة راقية أو متحضرة، إلا أنه لم يكن ليستوجب كل هذه الصرخات الغاضبة فى مصر.. الصرخات التى اعتدنا عليها فى الفترة الأخيرة عند كل أزمة أو مشكلة كروية أو غير كروية.. حيث الانفعال هو الذى يقود العقول، وحيث الشارع هو الذى يقود الإعلام، وحيث الفوضى دائما هى التى تحدد المواقف وتختار القرارات.. وقد جربنا ذلك فى مرات سابقة.. ولم نكسب فى أى مرة.. لأننا كنا نخوض الصراع أو الحرب، بالصوت العالى، بالارتجالية، بالعشوائية.. ولأن مصريين كثيرين يتخيلون أنها حرب، النصر فيها للأكثر شتيمة أو الأعلى صوتا.. وليس ذلك صحيحا.. إنما هى حرب لا يمكن كسبها إلا بذكاء وعقل وتفكير وحكمة وتخطيط.. وأتمنى الآن أن تكون النفوس الغاضبة هدأت والأصوات الصاخبة سكتت.. حتى يمكن الشروع فى حوار هادئ وعقلانى.ففى البداية لابد أن نتفق أولا على أننا نتحدث عن مباراة لكرة القدم.. وعن ناديين هما الأهلى وشبيبة القبائل.. أى أننا لا نتحدث عن مصر والجزائر.. فقط كرة قدم وليست سياسة واقتصاداً وتاريخاً وعلاقات قديمة ودائمة بين شعوب وبلدان وأمم.. الأمر الثانى الذى لابد من الاتفاق عليه هو أننا تعرضنا للخداع من نادى شبيبة القبائل.. فقد بدأنا وفاقا كرويا جديدا بين مصر والجزائر، وجاء النادى ليلعب فى الإسماعيلية التى استقبلته بكل حب واحترام.. بل فاز شبيبة القبائل على الإسماعيلى فى عقر داره، فما كان من جمهور الإسماعيلية عاشق الكرة إلا أن وقف يصفق برقى واحترام لشبيبة القبائل.. ثم جاء الدور على الأهلى ليسافر ويلعب فى تيزى أوزو.. وبالفعل كان الاستقبال رائعا.. لكن أتوبيس الأهلى تعرض للقصف بالطوب والحجارة وأصيب اثنان من لاعبيه.. واعتذر المسؤولون الجزائريون وقبل حسن حمدى هذا الاعتذار لكنه طالب بإثبات الحالة والتقدم باعتراض رسمى للكاف.. وجاءت المباراة ليتضح منها أن أندية مصر ممكن أن تقبل الخسارة فى ملعب كرة، لكن أندية الجزائرليست على استعداد لذلك.. وبالتالى أصبحت لنا حقوق كروية عند الجزائر لن نأخذها بصخب وشتائم على الشاشات وأوراق الصحافة والإنترنت والفيس بوك.. ولكن بأدلة وأسانيد وإثباتات فى أروقة الكاف.. وبمنتهى الاحترام لكل الجزائر والجزائريين.. احترام لن يمنعنا من المطالبة بتوقيع عقوبات حقيقية على شبيبة القبائل: غرامات مالية وإنذار من الكاف لعدم تكرار ذلك، ومطالبة الكاف رسميا بعدم إقامة مباراة الإسماعيلى فى تيزى أوزو.. وأشياء أخرى.. المهم أنها حرب ليس من الضرورى أن نخسرها.. وبالعقل فقط سوف نكسبها. [email protected]