هذا لا يحدث فى أى مكان آخر فى العالم إلا مصر.. ففى كل بلدان العالم لا يصبح الفوز بميدالية أوليمبية والتخطيط والاستعداد لذلك مهمة أو مسؤولية أى هيئة إلا اللجنة الأوليمبية المحلية فى كل بلد.. أما فى مصر.. فاللجنة الأوليمبية المصرية هى آخر من يقوم بهذا الدور وآخر من يفكر ويخطط ويستعد ويحلم بالميدالية الأوليمبية.. ولست هنا الآن لمحاسبة اللجنة الأوليمبية المصرية والتقليب فى ملفات عجزها وقصورها وقلة حيلتها ومواردها وطموحاتها.. وإنما أناقش ظاهرة رياضية مصرية فى منتهى الغرابة والخصوصية.. فنحن بلد له قطعا تاريخ أوليمبى سواء كان تاريخ مشاركات أو فوزاً بميداليات.. أول دولة أفريقية وعربية تشارك وتفوز.. ولكنه أصبح الآن صعب جداً أن نفوز ولو بميدالية واحدة، رغم أننا سنشارك قطعاً فى دورة لندن الأوليمبية المقبلة.. ودعونى أشرح لكم الوضع الحالى فى مصر وأترك لكم الحكم والتقييم والشهادة.. فلم يبق إلا عامان فقط وتسافر مصر إلى لندن لتشارك فى دورتها الأوليمبية.. اللواء محمود أحمد على اختصر الطريق على الجميع وقام بتبرئة ذمة اللحنة الأوليمبية المصرية التى يرأسها وأعلن من الآن أن مصر عاجزة عن الفوز بأى ميدالية فى لندن.. وفى بلد يحترم التخصص ويلزم كل إنسان بواجبه وكل هيئة أو مؤسسة بدورها.. كان لابد أن تنصت مصر كلها لتصريحات رئيس اللجنة الأوليمبية وهو يؤكد ذلك.. فلابد أن الرجل.. المسؤول الأول عن ذلك.. لديه أسباب وتفاسير وشواهد جعلته يجزم بعجز مصرى خالص عن تحقيق أى ميدالية فى لندن.. ولكننا فى مصر.. ومصر بلد الغرائب والعجائب والمفارقات والمتناقضات والضحك الذى هو أقرب للبكاء.. فبعد أن أعلن محمود أحمد على ذلك.. لم يلتفت إليه أحد.. ولكن راح المجلس القومى للرياضة يبدأ مشروعاً ضخماً يحمل اسم التميز الرياضى الداعى للتفتيش عن المواهب الرياضية فى كل مكان فى مصر واختيارهم لمختلف اللعبات ثم اختبارهم قبل اختيار من منهم يصلح للمستوى الأوليمبى.. ومن هؤلاء ستتكون بعثة مصرالأوليمبية المقبلة.. ولابد من الإقرار بأن هذا المشروع رائع ويستحق عليه حسن صقر الشكر منا جميعاً.. ولكننى لا أزال أصر على ما سبق أن قلته للمهندس حسن صقر نفسه وفى مكتبه.. وهو أنه جميل أن يفتش عن المواهب لكن دون أن يقحم نفسه ومجلسه أو الحكومة كلها فى مجال فنى لا علاقة له بالإدارة أو الوزارة.. وإلا فعليه أن يقبل هو والحكومة أى حساب وعتاب فى حالة الإخفاق.. وكانت المفاجأة الثانية هى أن القوات المسلحة بدأت أيضا مشروعا ضخما فى الهايكستب لإعداد أبطال أوليمبيين لدورة لندن.. أما المفاجأة الثالثة فكانت وزارة الداخلية التى بدأت بدورها مشروعها الخاص لإعداد أبطال أوليمبيين لدورة لندن.. وهو ما يعنى أن مصر أصبحت الدولة الوحيدة على الإطلاق فى العالم كله التى تؤكد لجنتها الأوليمبية المختصة استحالة الفوز بميداليات فى الدورة المقبلة.. بينما هناك ملايين كثيرة يجرى إنفاقها فى ثلاث جهات مختلفة.. دون أى تنسيق أو تخطيط مشترك.. لاختيار وإعداد لاعبين مصريين لن يفوز أحد منهم غالبا بأى ميدالية نتيجة هذا المناخ، وإن كنت أتمنى أن أكون مخطئا.. لكننى على أى حال أطالبكم بمزيد من التأمل والبحث والتفكير قبل أن تقولوا كلمتكم. [email protected]