«50 سنة تليفزيون».. ذلك هو الشعار الذى وضعه اتحاد الإذاعة والتليفزيون للاحتفال بذكرى أول يوم يحمل فيه الأثير موجات برامج «التليفزيون العربى»، القناة التليفزيونية الأولى التى انطلقت فى الساعة السابعة من مساء يوم 21 يوليو 1960. بدأ الإرسال فى ذلك اليوم بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم إذاعة احتفال مجلس الأمة «الاسم القديم لمجلس الشعب» بافتتاح دورته الجديدة، ثم بعد ذلك استمع المشاهدون لخطاب زعيم الأمة، الرئيس جمال عبدالناصر، واستمرت الإذاعة المرئية «التليفزيون» فى أول يوم لمدة خمس ساعات، وزادت بعد ذلك ساعات الإرسال اليومى لتصبح ست ساعات ثم ثمانٍ فى خلال السنوات الأولى. كانت أجهزة إرسال التليفزيون من صنع هيئة الإذاعة الأمريكية RCA، ومع الوقت تم توفير أجهزة إرسال فى مختلف محافظات الجمهورية. وفى عام 1962، كانت برامج التليفزيون المسجلة على شرائط ترسل إلى مركز الإرسال التليفزيونى فى أسوان لإذاعتها على المشاهدين لمدة ثلاث ساعات يومياً، وتم بعد ذلك تركيب خط ميكروويف «موجات متناهية القصر»، لنقل البرامج لاسلكيا إلى جميع محافظات الجمهورية. فى السنوات الأولى وضعت الحكومة أجهزة استقبال تليفزيونى فى الأماكن العامة بالقاهرة والمحافظات، فى الميادين والساحات، وكل مكان يمكن أن يتسع لعدد كبير من المشاهدين، وأذكر أنه فى مدينتى التى أفتخر بها «المنيا»، كانت هناك أجهزة استقبال تليفزيونى وضعتها الحكومة فى ميدان الساعة، وعلى كورنيش النيل. بعد سنوات تم إنشاء قناة تليفزيونية جديدة «القناة الثانية» لتذيع برامج للمثقفين، ولتكون نافذة للبرامج الأجنبية المترجمة التى تتفق مع ثوابت شعبنا، وأصبح اسم قناة التليفزيون العربى «القناة الأولى». وفى السبعينيات أدخلت مصر الإرسال التليفزيونى الملون، واستغنت عن الأبيض والأسود، ولم تقصر الحكومات المتعاقبة على توفير كل ما هو جديد وجميل ومفيد للشعب، وكانت أجهزة الستينيات تعمل بتكنولوجيا تستخدم الصمامات المفرغة «اللمبات» فى كل من الاستوديوهات والإرسال، فحلت محلها أجهزة تستخدم الترانزستور والدوائر المتكاملة، وهى أجهزة أصغر حجما وأخف وزنا وأكثر كفاءة. فى تلك الفترة عملت مهندسا بمركز الإرسال الإذاعى والتليفزيونى بالمنيا، وأذكر أن جهاز منبع قدرة الضغط المنخفض فى النظام القديم لأجهزة نقل البرامج «الميكروويف»، كان يحتاج إلى أربع أياد قوية لحمله وإخراجه من مكانه لرفعه فوق طاولة لفحصه واكتشاف القطعة التالفة فيه، واستبدالها وإزالة العطل، ولكن بعد استخدام التكنولوجيا الجديدة أصبح العمل أسهل. أُنشئ اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى عام 1970، واشتمل وقتها على أربعة قطاعات: الإذاعة، والتليفزيون، والهندسة الإذاعية، والقطاع الاقتصادى، ولم يكتف اتحاد الإذاعة والتليفزيون ببث الخدمة على قناتين تليفزيونيتين، بل عمل على توسيع الخدمات، فتم إنشاء ست قنوات محلية «القناة الثالثة حتى الثامنة»، ابتداء من عام 1985. وبدأ الإرسال الفضائى فى التسعينيات، وكان أول قمر صناعى عربى هو عرب سات الذى أطلقته المملكة العربية السعودية، فتم إنشاء القناة الفضائية المصرية، وتم بثها من القمر عرب سات ابتداء من 12 ديسمبر 1990، وفى عام 1996 تم إنشاء شركة نايل سات بهدف إطلاق قمر صناعى خاص بمصر، وبالفعل انطلق القمر المصرى نايل سات 101 فى 28 أبريل 1998 من قاعدة إطلاقه فى مدينة كورول فى جويانا الفرنسية بقارة أمريكا الجنوبية، واستخدم نايل سات 101 تكنولوجيا جديدة لم تستخدم فى القمر السعودى عرب سات، وهى تكنولوجيا الإرسال الرقمى المضغوط، وتسمح هذه التكنولوجيا بعدد أكبر من القنوات على كل تردد. وتم إطلاق القمر نايل سات 102 فى أغسطس 2000، ليحمل عددا آخر من القنوات لخدمة فضائيات مصرية وعربية وأيضا من دول أخرى.