أكثر من 3 أسابيع مرت على إعلان ناشطين لبنانيين تنظيم رحلة بحرية جديدة تهدف لكسر الحصار عن قطاع غزة دون تحرك فعلى. جاء ذلك منذ بادر تجمع «صحفيون بلا قيود» إلى الإعلان عن إطلاق سفينة «ناجى العلى»، لتتبعه الناشطة سمر الحاج بالإعلان عن السفينة النسائية «مريم»، والسفينتان ممولتان من قبل رجل الأعمال فلسطينى الأصل ياسر قشلق، رئيس حركة غزة الحرة. ومع مرور الوقت دون انطلاق السفن، فرضت الأسئلة نفسها على ألسن الناشطين، الذين مل الكثيرون منهم الانتظار، فغادروا بيروت. إلا أنه ومنذ اللحظة الأولى، ومع إعلان طهران عدولها عن إرسال السفينة الإيرانية، تأكدت الشكوك فى بيروت حول تسيير السفينتين «مريم» و«ناجى العلى»، خصوصا فى ظل التقارير المتقاطعة عن استعداد إسرائيل لتكرار مشهد الاعتداء الدامى على الناشطين، الأمر الذى سيضع «حزب الله» فى حرج حال عدم الرد، وإن فعل فإن ساعة الصفر لاندلاع الحرب بينه وبين إسرائيل تكون قد حانت. فى الظاهر، تقول الحيثيات إن سفينة «جوليا»، التى أطلق عليها المنظمون اسم «ناجى العلى» تيمنا برسام الكاريكاتور الفلسطينى الشهير، الذى اغتاله الموساد، راسية فى ميناء طرابلس شمال لبنان منذ أسابيع بعد حصولها على إذن قانونى من السلطات اللبنانية بعد التأكد من استيفائها شروط الملاحة البحرية. السفينة مخصصة لشحن البضائع وتتسع وفق معايير السلامة العامة ل 16 راكبا، لكن المنظمين أعلنوا فى أكثر من تصريح أن قرابة ال 45 صحفيا سيكونون على متنها، بينهم 25 صحفياً عربياً وأجنبياً. سفينة «ناجى العلي»، التى تقل صحفيين يقولون إنهم ذاهبون إلى غزة فى مهمة إنسانية ومهنية، أنهت معاملاتها القانونية وأخذت إذنا بالإبحار صوب قبرص، بحيث تمنع السلطات اللبنانية إبحار السفن من موانئها إلى موانىء تحت سلطة احتلال العدو، إلا أن خيار الإبحار باتجاه قبرص قبل التوجه إلى غزة يبدو متعذرا مع إعلان سلطات «لارنكا» بأن قرار الجمهورية القبرصية بمنع توجه السفن من قبرص إلى غزة ما زال قائما. وبالطبع كان التوقف فى قبرص سيفيد المنظمين أمام الرأى العام بحيث يخضعون للتفتيش ويتم التأكيد من قبل سلطة محايدة بأنهم لا يحملون معهم «أدوات تخريبية» بدأت الدعاية الإسرائيلية تروج لها تمهيدا لتبرير أى اعتداء على السفينة والناشطين. بقى الخيار أمام المنظمين متاحا بالتوجه إلى اليونان أو العريش أولا، أو اللجوء إلى السيناريو الأكثر ترجيحا بالتوجه إلى بحر غزة مباشرة، انطلاقا من «عدم اعترافهم بسلطة الاحتلال عليه». وتنتظر «ناجى العلى» وصول السفينة «مريم» للرسو إلى جانبها فى ميناء طرابلس قبل شحنها بالمساعدات الخاصة بمرضى السرطان. ويقول «قشلق» إن تأخر وصول «مريم» يعود إلى رسوها فى ميناء أوروبى لتجهيزها بالبرادات المخصصة بالحفاظ على الأدوية، منعا لتلفها، نافيا ما أشيع فى السابق من أن السفينة هى «افتراضية حتى اللحظة»، وهو الاعتقاد الذى ساد بعد تأكيد السلطات فى ميناء طرابلس عدم تسلمهم طلبا لرسو سفينة باسم «مريم» بعد. من جهتها، أكدت الناشطة سمر الحاج أن موعد الإعلان عن انطلاق الرحلة لن يتم إلا فى لحظة الإبحار مضيفة: «إننا بصدد وضع اللمسات التنظيمية الأخيرة على الرحلة بحيث ننتظر وصول آخر الناشطات الأجنبيات من الخارج». وفى الموازاة، تحافظ إسرائيل على وتيرة تهديداتها المرتفعة والتى تعززت بموقف من وزارة الخارجية الأمريكية اعتبر أن «ايصال مساعدات إلى غزة عبر البحر ليس مفيدا بعد توفر إيصالها بطرق أخرى». أما فى بيروت، فترى أوساط رئيس الحكومة سعد الحريرى أنه لا داعى لإدخال لبنان فى مغامرة قد لا تحمد عقباها، خصوصا أن إسرئيل تتحين الفرصة للاعتداء على لبنان، بحثا عن الخروج عن مآزقها الداخلية والخارجية. أما «حزب الله» الذى دعا أمينه العام حسن نصر الله فى وقت سابق إلى ابحار سفن الحرية اللبنانية باتجاه بحر غزة، فنأى بنفسه عن مشهد السفن «حفاظا على طابعها المدنى والشعبى وحرصاً على عدم التذرع الإسرئيلى بالأمر للاعتداء عليها»، الأمر الذى لم يمنع الإسرائيليين من استمرار الربط بين السفن اللبنانية وحزب الله.