يتعين على الحكومتين الفرنسية والنيجيرية أن تأخذا مأخذ الجد تهديدات الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا»، بإمكانية تعليق عضوتيهما فى الفيفا فى حال واصلتا التدخل فى عمل اتحاديهما الوطنى لكرة القدم بعد النتائج السيئة التى حققها منتخباهما فى مونديال جنوب أفريقيا 2010. فلو عادت الحكومتان الفرنسية والنيجيرية شهوراً قليلة إلى الوراء، لتبين لهما أن «الفيفا» لا يتهاون على الإطلاق بخصوص تدخل السياسيين فى عمل اتحادات كرة القدم الأهلية. فقد أصدر الفيفا فى نوفمبر 2009، قراراً بتعليق عضوية العراق بسبب تدخل الحكومة العراقية فى عمل الاتحاد العراقى لكرة القدم، ولم يلغ الفيفا قراره بتعليق عضوية العراق إلا فى مارس 2010 بعد أن تأكد له تراجع الحكومة العراقية عن الخلط بين السياسة والكرة. وفى الوقت نفسه، شهد شهر مايو 2010، تعليق عضوية الحكومة السلفادورية لتدخلها فى شؤون الاتحاد السلفادورى لكرة القدم، لكن هذا الإيقاف لم يستمر سوى أيام قليلة بعد أن تبين للحكومة السلفادورية أن الفيفا لا يتهاون بشأن تدخل السياسيين فى عمل الاتحادات الأهلية. وقد اتخذ الفيفا لكنة تهديد ووعيد تجاه فرنسا بعد أن أسفر الهجوم الكاسح الذى شنته الحكومة الفرنسية والأحزاب السياسية الأخرى على رئيس الاتحاد الفرنسى لكرة القدم جون بيير إسكاليت، عن إعلان إسكاليت عزمه تقديم استقالته من منصبه اعتباراً من 2 يوليو. ويذكر أن وزيرة الشباب والرياضة الفرنسية روزالين باشلو أعلنت أن مسألة تقديم إسكاليت لاستقالته تعتبر مسألة «حتمية» رغم أنها نفت إمكانية عزله من منصبه بقرار حكومى. ولم يرُق ل«الفيفا» استخدام وزيرة الرياضة الفرنسية لكلمة «حتمية»، معتبرة إياها بمثابة تدخل من قبل الحكومة الفرنسية فى شؤون الاتحاد الفرنسى لكرة القدم. وعلق الأمين العام للفيفا جيروم فالكيه، وهو فرنسى الجنسية على توتر العلاقات بين الحكومة الفرنسية والاتحاد الفرنسى لكرة القدم بعد فشل فرنسا فى المونديال، قائلاً: «يعتبر الفيفا العلاقة مع السلطات العامة بمثابة شراكة مهمة يتعين أن تصب فى مصلحة الجميع»، وأضاف فالكيه فى تصريح لمجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية أن الفيفا يحترم كثيراً قوانين الدول بشرط ألا تؤثر هذه القوانين على استقلالية الاتحادات الأهلية فى إدارة شؤون كرة القدم. ومن جانبه، حذر رئيس الفيفا سيب بلاتر، الحكومة الفرنسية، من مغبة التدخل فى شؤون الاتحاد الفرنسى لكرة القدم، قائلاً: «إن الاتحاد لا يفرق بين دولة صغرى ودولة كبرى فى كرة القدم»، وأضاف بلاتر أن أى تدخل سياسى فى شؤون الاتحاد الفرنسى لكرة القدم سيستدعى تدخلاً من قبل الفيفا مهما يكن حجم الدولة المعنية. ويبدو أن الحكومة والأحزاب الفرنسية قد فهمت جيداً هذا التهديد حيث اكتفوا بسماع أقوال رئيس الاتحاد المستقيل ووزيرة الرياضة فى البرلمان دون الوصول إلى حد تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لتحديد الأشخاص الذين تسببوا فى النتائج السيئة لمنتخب فرنسا فى المونديال، تمهيداً للإطاحة بهم من مناصبهم التى وصلوا إليها بالانتخاب. ويأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه رئيس نيجيريا جودلاك جوناثان أنه قرر حرمان المنتخب النيجيرى من المشاركة فى البطولات الدولية لمدة عامين بسبب تواضع مستواه فى المونديال بتذيله مجموعته بالحصول على نقطة واحدة فقط فى الدور الأول مثل فرنسا. واكتفى الاتحاد الدولى بتحذير مقتضب لنيجيريا بعد قرار الرئيس النيجيرى، لكنه كان قوياً بالقدر الكافى رغم قصره، وحرص بيان رسمى صدر عن الفيفا على التذكير بأن موقف الفيفا بخصوص التدخل السياسى معروف جيداً. يذكر أن البندين ال13 و17 من اللائحة الأساسية للفيفا يحظران تماماً التأثير السياسى على استقلالية الاتحادات الأهلية، أعضاء الفيفا البالغ عددهم 208 اتحادات، وعلى الرغم من أن لائحة الفيفا واضحة بشأن منع تدخل السياسة فى شؤون الاتحادات الأهلية، فإن مصدراً فى الفيفا كشف عن أن اللائحة نفسها لا تتضمن مدة إيقاف معينة وهو ما يعنى أن فترة تعليق عضوية أى دولة فى الفيفا ترجع إلى تقدير الفيفا بخصوص مدى فداحة التدخل فى عمل الاتحاد الأهلى.