نشرت جريدة «اللطائف المصورة» يوم الاثنين 29 ديسمبر 1919 فى صفحتها الأولى خبراً حول تفاصيل محاولة اغتيال رئيس الوزراء آنذاك «يوسف باشا وهبة»، التى أحبطتها العناية الإلهية بحسب تعبير الصحيفة. واحتل الخبر الصفحة الأولى كاملة، واتخذت صورة يوسف باشا نصيب الأسد من صدر الصفحة، وكان يجلس عاقداً أصابعه عند المنتصف، وقد عقد حاجبيه وقطب جبينه مع «طربوش» مائل قليلاً جهة اليمين وشارب كثيف يلتهم نصف وجهه، الذى تعتليه نظرة حادة جاحظة، تعطى انطباعاً عاما بالصرامة والجدية وذيلت الصفحة بتنويه بين قوسين (البقية فى الصفحة 3). وفى الصفحة الثالثة فردت الصحيفة مساحة طولية لصورة المعتدى على رئيس الوزراء وهو شاب فى مقتبل العمر، يقف بكامل وجاهته مع تفاصيل الحادث كالتالى: بينما كان دولة رئيس الوزراء ذاهباً فى «أوتومبيله» من منزله إلى ديوانه فى وزارة المالية صباح يوم الاثنين الموافق 15 ديسمبر الجارى، وقف الشاب (عريان يوسف سعد)، الطالب فى مدرسة الطب، فى طريق الأوتومبيل فى ميدان سليمان باشا بين قهوة الكافيه ريش والكلوب الإيطالى، وألقى قنبلتين على الأوتومبيل ولحسن الحظ أن سائق الأوتومبيل أدرك من حركة الرجل أنه يحاول أمراً فرياً عندما رفع يديه لإلقائه القنبلة الأولى فأدار عجلتى الأوتومبيل الأماميتين وأوقفه، فطاشت القنبلة وانفجرت بعيداً وقذف الجانى قنبلة ثانية طاشت أيضا فانقض عليه رجال الشرطة الذين كانوا قرب الموقع. وذيلت هذه الصفحة أيضاً بعبارة بين قوسين أسفل المتن (البقية صفحة 6) وكان ذلك تقليداً متبعاً فى الصحافة المصرية، قديماً بأن تفرد الموضوعات المهمة على صفحات متفرقة من الجريدة، بهدف إلزام القارئ بتصفح الجريدة كاملة وهو يقرأ الخبر الرئيسى، ولم يعد هذا التقليد منطقياً مع تطور الصحافة وثورة الاتصالات والتكنولوجيا، وكنوع من الإرشاد للقارئ توضع عبارات أعلى الصفحة وأسفلها تقوده للموضوع كانت تستخدم كلمة «التتمة» بدلاً عن «تكملة الموضع». روع الخبر سكان القطر فاهتم الناس كبيرهم وصغيرهم، وأفاضت الصحف فى وصف حادثة الاعتداء، ويلاحظ أيضا التزيد فى ترادفات الألقاب وتعددها كوصف «دولة الوزير» و«حضرة صاحب الدولة» الذى كان تقليداً شائعاً مستمداً من العصر العثمانى كالقول «حضرة صاحب المعالى سمو الأمير».. لكن أعلام الصحافة فى العصر الحديث رأوا أنها زوائد لاداعى منها وتخل بالمعنى إذا طالت العبارة. والملاحظة الأهم فى العنوان أو المانشيت، الذى لم يختلف بمعاييره المهنية عن المانشيت الآن فهو موجز لحد ما وصادم نوعاً وجملة اسمية لو تغاضينا عن عبارة «حضرة صاحب الدولة» فلو نقلناه جدلاً لصحافة اليوم ستقص منه بضع كلمات ويصبح (محاولة اغتيال رئيس الوزراء). «اللطائف المصورة» كانت من أوسع الصحف انتشاراً آنذاك، لأنها حاولت التميز من خلال نشر الصور الموضحة والناقلة للحدث، ولذلك كانت «اللطائف المصورة» ورأينا كيف بحثت الجريدة عن صورة الجانى فى حادثة اغتيال الوزير، وأفردت لها مساحة كبيرة.