وزير التعليم العالي يسافر إلى روسيا للمشاركة في اجتماع الدول الأعضاء في "البريكس"    أسعار الحديد في السوق المصري الاثنين 10 يونيو 2024    تمهيدًا لعرضه على البرلمان.. "الاتصالات" تكشف عن تشريع جديد لتداول البيانات    البورصة المصرية تختتم بربح 17 مليار جنيه ليغلق عند مستوى 1.752 تريليون    بنك مصر يوقع بروتوكول تعاون لدعم منظومة التحصيل الإلكتروني    بن غفير: استقالة جانتس من الحكومة فرصة عظيمة للتقدم وتحقيق النصر    لجنة أوشفيتس الدولية: نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي نقطة تحول محبطة    بث مباشر مباراة مصر وغينيا بيساو اليوم الإثنين 10 يونيو في تصفيات المونديال    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    أنشيلوتي عن مشاركة ريال مدريد في مونديال الأندية: تم تفسير تصريحاتي بالخطأ    الداخلية تعقد لجان امتحان الثانوية العامة للنزلاء بمراكز الإصلاح والتأهيل (صور)    عمر كمال يستغل أزمة عمرو دياب وينشر فيديو كوميدي عنه    رحلة العائلة المقدسة إلى مصر حماية للمسيحية في مهدها    حورية فرغلي دكتورة تبحث عن الحُب في مسلسل «سيما ماجي»    "محدش يتخض".. شوبير يكشف مفاجأة كولر للأهلي في الصيف    مصر تحصد ذهبية منافسات الفرق فى بطولة أفريقيا لسلاح الشيش    زيلينسكي: زعم روسيا الاستيلاء على بلدة في منطقة سومي مجرد دعاية    محافظ المنوفية يفتتح مدرسة التمريض الجديدة بأشمون (صور)    "مليون و200 ألف في ساعتين".. ماذا قال مدرس الجيولوجيا أمام جهات التحقيق؟    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى ويرفع الجلسة لموعد غير محدد    عمرو أديب عن "ولاد رزق 3": "هتشوفوا فيلم عالمي"    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    وزير الصحة يُكرم الموظفات المثاليات بمختلف قطاعات الوزارة    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    توفير فرص عمل ووحدات سكنية ل12 أسرة من الأولى بالرعاية في الشرقية    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    «القومي للبحوث» يوضح أهم النصائح للتغذية السليمة في عيد الأضحى    الرئيس الروسي يزور كوريا الشمالية وفيتنام قريبا    أفيجدرو لبيرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    إعلام إسرائيلى: قتلى وجرحى فى صفوف الجيش جراء حادث أمنى فى رفح الفلسطينية    "كابوس".. لميس الحديدي تكشف عن كواليس رحلتها مع مرض السرطان.. لماذا أخفت هذه المعلومة عِقدًا كاملًا؟    ياسمين عبد العزيز ترد على رسالة أيمن بهجت قمر لها    الأوقاف: افتتاح 27 مسجدًا الجمعة القادمة| صور    «مودة» ينظم معسكر إعداد الكوادر من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    وزيرة الهجرة: نعتز بالتعاون مع الجانب الألماني    محافظ أسيوط يشيد بتنظيم القافلة الطبية المجانية للرمد بقرية منقباد    أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح آداب ذبح الأضاحي في عيد الأضحى (فيديو)    البابا تواضروس الثاني ومحافظ الفيوم يشهدان حفل تدشين كنيسة القديس الأنبا إبرآم بدير العزب    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته ببسيون لشهر سبتمبر لاستكمال المرافعات    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    سرقا هاتفه وتعديا عليه بالضرب.. المشدد 3 سنوات لسائقين تسببا في إصابة شخص بالقليوبية    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    مظاهرات في ألمانيا وأمريكا تطالب بوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    «الصحة»: خدمات كشف وعلاج ل10 آلاف حاج مصري من خلال 24 عيادة في مكة والمدينة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    نتائج أولية: حزب الشعب يتصدر انتخابات البرلمان الأوروبى بحصوله على 181 مقعدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معالم على طريق التغيير

أشرت فى مقال الأسبوع الماضى إلى أن «الجمعية الوطنية للتغيير» تجاوزت أزمة عابرة أثارتها اختلافات فى وجهات النظر حول كيفية تحديد وتنظيم علاقتها بالدكتور البرادعى، وبالتالى بدأت، على عكس ما كان يتصور البعض، مرحلة انطلاق جديدة تتيح أمامها فرصة حقيقية لإحداث تغيير فى بنية النظام الحاكم إن هى أحسنت استثمار الوقت المتاح أمامها حتى نهاية الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولأنه وقت محدود للغاية يصبح من الضرورى لكل الأطراف المعنية أن تسعى لاستثماره بطريقة فعالة وهو ما يتطلب، فى تقديرى، توافر شرطين رئيسيين: رؤية واضحة لاستراتيجية التغيير، وخطط وبرامج تتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع تطور المستجدات على الأرض. وقد أظهرت المناقشات التى جرت خلال الأسابيع السابقة وضوحا كاملا سواء فى الرؤية الاستراتيجية أو خطط وبرامج العمل للمرحلة المقبلة.
ففيما يتعلق بالرؤية الاستراتيجية للتغيير المطلوب وللوسائل الكفيلة بتحقيقه، بلورت الأمانة العامة للجمعية خطوطها العريضة على النحو التالى:
1- التغيير المطلوب يشمل مجمل السياسات الداخلية والخارجية، ويتطلب تغييرا فى بنية النظام الحاكم نفسه على نحو يكفل إقامة نظام ديمقراطى حقيقى.
2- ولأن هذا التغيير أكبر من أن تقوم به قوة سياسية أو تيار فكرى فلن تصنعه سوى وحدة كل القوى الوطنية الملتفة حول قواسم مشتركة، تعكسها بوضوح المطالب السبعة التى طرحتها الجمعية الوطنية، والتى تمثل فى واقع الأمر مجمل مطالب القوى المشاركة فى الحراك السياسى منذ انطلاقته الأولى عام 2004.
3- يمكن أن يؤدى النجاح فى تحقيق هذه الوحدة إلى ظهور حالة فرز واستقطاب فى مواجهة القوى صاحبة المصلحة فى المحافظة على الوضع الراهن، وطرح بديل قادر على تحفيز الأغلبية الصامتة للنزول إلى الساحة والانضمام لقوى التغيير.
أما فيما يتعلق بخطط وبرامج العمل والنشاط خلال الثمانية عشر شهراً المقبلة فقد تم الاتفاق على تقسيمها إلى ثلاثة مراحل منفصلة ومتداخلة فى آن:
المرحلة الأولى: تستهدف مواصلة الضغط على النظام بكل الوسائل السلمية المتاحة لحمله على الاستجابة للمطالب السبعة إلى أن يقبل بتقديم الضمانات اللازمة لنزاهة الانتخابات المقبلة، بما فى ذلك إجراء التعديلات الدستورية المطلوبة لتذليل العقبات التى تحول دون ترشح المستقلين فى الانتخابات الرئاسية. وتشمل هذه المرحلة: أ- تكثيف حملة جمع التوقيعات والوصول بها إلى رقم يسمح بتأكيد شعبية وجماهيرية المطالب السبعة.
 ب- تنظيم مؤتمرات جماهيرية واسعة النطاق وندوات تثقيفية للتعريف بضرورات وأسباب التغيير، وأهمية التوقيع على بيان المطالب وعلاقة ذلك بتحسين الأوضاع التى يعانى منها فى حياته اليومية على جميع المستويات وأدت إلى تزايد البطالة وتدهور مستويات المعيشة والخدمات واتساع الفجوة فى توزيع الناتج القومى لصالح الأغنياء وعلى حساب الفقراء.
ج- التأكيد على أن التغيير المطلوب لن يتحقق دون المشاركة النشطة لجموع المواطنين وتحررهم من الخوف واشتراكهم فى وقفات احتجاجية أو مظاهرات أو اعتصامات أو أى شكل آخر من أشكال الاحتجاج التى قد تكون ضرورية للضغط على النظام للاستجابة إلى هذه المطالب. ويؤكد ما جرى فى الإسكندرية يوم الجمعة الماضى أن الشعب جاهز ومستعد إذا توحد الجميع.
فى حال استجابة النظام للضغوط، وهو ما لا توجد مؤشرات إلى إمكانية حدوثه بسبب تجاهل النظام الحاكم التام للإرادة الشعبية، يتعين على قوى التغيير أن تستمر فى ممارسة ضغوطها الشعبية والجماهيرية، وأن تسعى فى الوقت نفسه للتنسيق فيما بينها لتوحيد موقفها فى الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.
ومن البديهى أن تكون المقاطعة هى القرار الأصح. فالمشاركة فى انتخابات معروفة نتائجها سلفا لن يكون لها سوى معنى واحد وهو قبول الأطراف المشاركة باللعب وفق قواعد نظام يرفض تداول السلطة ويصر على استخدام المعارضة ديكورا لتجميل صورته الاستبدادية. ولأن فاعلية المقاطعة تتوقف على توافر إجماع عليها، فمن الضرورى أن تكون لدى القوى الطامحة للتغيير خطط أخرى بديلة فى حال الفشل فى تحقيق الإجماع المطلوب، وهو ما ينقلنا إلى بحث طبيعة المراحل التالية.
المرحلة الثانية: التنسيق فى الانتخابات التشريعية: لا ينبغى للقوى المطالبة بالتغيير أن تفاجأ بنجاح الحزب الوطنى فى إفشال جهودها للتوحد حول قرار المقاطعة. لذا يجب أن تبدأ منذ الآن فى بحث جميع الاحتمالات، والاستعداد بخطط بديلة تتناسب مع كل الاحتمالات والتطورات المتوقعة.
 من هنا جاء قرار الأمانة العامة للجنة الوطنية للتغيير فى اجتماعها الأخير بتشكيل لجنة اتصال لفتح حوار مع جميع القوى السياسية غير الممثلة فى أمانتها العامة للاتفاق على استراتيجية موحدة فى الانتخابات التشريعية ودراسة البدائل المتاحة فى حال تعذر الاتفاق على قرار جماعى بالمقاطعة.
ولأن التنسيق فى هذه الانتخابات يمكن أن يتخذ صورا عدة، تبدأ بالحد الأدنى وتنتهى بالحد الأقصى، (أى تبدأ بإخلاء دوائر معينة لمرشحين يمكن الإجماع عليهم، وتنتهى بالاتفاق على قائمة موحدة لمرشحى قوى التغيير فى مواجهة مرشحى الحزب الوطنى فى جميع الدوائر)، فمن المهم دراسة كل هذه البدائل. وسوف تبدأ اللجنة مشاورات استطلاعية على الفور قبل أن تستأنف عملها الجاد عقب شهر رمضان مباشرة.
إن نجاح القوى الوطنية فى التنسيق فيما بينها، خصوصا فى صورته القصوى بالاتفاق على قائمة موحدة، يمكن أن تتبعه أشكال أخرى لبلورة آليات فعالة لمراقبة الانتخابات، بما فى ذلك حراسة صناديق الانتخاب نفسها، وهو ما يمكن أن يعوض جانبا من نقص الضمانات القانونية التى يرفض النظام إلزام نفسه بها مسبقا.
وإذا تحقق النجاح فى طرح قائمة موحدة لمرشحى التغيير وفى حراسة الصناديق فإن ذلك قد يفتح الباب واسعا للحصول على أغلبية فى مجلس الشعب، أو أكثر من ثلثه اللازم لكسر هيمنة الحزب الحاكم على الآلة التشريعية، وهو إن حدث سيفتح الباب واسعا أمام تغيير الظروف التى يمكن أن تجرى فيها الانتخابات الرئاسية بالكامل.
المرحلة الثالثة: التنسيق فى الانتخابات الرئاسية: ويفضل أن يبدأ بعد إجراء الانتخابات التشريعية وتقييم ما جرى فيها والانطلاق من حيث انتهى. فإذا نجحت القوى المطالبة بالتغيير فى كسر الطوق المضروب على ترشح المستقلين، وهو ما قد يفتح الباب بدوره أمام ضمانات أفضل لنزاهة الانتخابات الرئاسية، فسيكون أمامها حينئذ واحد من خيارين: الاتفاق على مرشح رئاسى واحد تخوض به المعركة فى مواجهة مرشح الحزب الوطنى وفقا لبرنامج مرحلة انتقالية متفق على معالمها الرئيسية، وهو الخيار الأفضل، أو ترك حرية الاختيار للشعب من بين أكثر من مرشح للتغيير، لكلٍ برنامجه الرئاسى المفصل، مع الاتفاق فى الوقت نفسه على التنسيق بين جميع مرشحى التغيير للحيلولة دون حدوث تزوير على نطاق واسع.
ولأن المساحة المخصصة لهذا المقال لم تعد تتسع لمزيد من التحليل، بقى أن أقول إن وحدة القوى المطالبة بالتغيير تبقى هى الشرط الذى لا غنى عنه لفتح ثغرة فى الجدار الفولاذى المانع للتغيير، وأعتقد أن الفرصة أمام صنع التغيير لاتزال قائمة.
وحين ذكرت فى مقالى السابق أنها فرصة أخيرة كنت أقصد بذلك أنها فرصة أخيرة بالنسبة للموجة الراهنة من حالة الحراك السياسى الذى تجسده الآن الجمعية الوطنية للتغيير.
إن نجاح الحزب الحاكم فى كسر حدة اندفاع هذه الموجة لن يضع نهاية لحلم التغيير. فنجاحه فى السيطرة على أغلبية مقاعد مجلس الشعب فى الانتخابات التشريعية المقبلة، وفى السيطرة على قيادة الدولة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، بصرف النظر عما إذا كان الرئيس القادم هو مبارك الأب أو مبارك الابن، سيضع نهاية لمرحلة مهمة من تاريخ مصر الحديث، لكنه لن يضع نهاية أبدا لمحاولات الشعب المصرى لإسقاط نظام الفساد والاستبداد الراهن. صحيح أن مرحلة جديدة تنذر بكوابيس، نرجو الله أن يقى مصر شرورها، ستبدأ على الفور، غير أنه لن يمر سوى وقت قصير، وربما قصير جدا، قبل أن تبدأ موجة جديدة ثالثة من الحراك السياسى فى التبلور.
 ولأننى أشك كثيرا فى أن تكون هذه الموجة من الحراك السياسى سلمية، فإننى أعتقد أن الصيغة السلمية الحالية، التى تسعى لتحقيق وحدة كل القوى صاحبة المصلحة فى التغيير، لن تكون بالضرورة هى الصيغة المناسبة، لأن الشعب المصرى سيبحث حينئذ عن وسيلة أكثر فاعلية، وهو ما قد يفتح الباب واسعا أمام موجات من العنف والعنف المضاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.