لم تمهل الأقدار الناقد فاروق عبدالقادر حتى يفرح بالجائزة الوحيدة التى حصل عليها من مصر، وتوفى بعد 24 ساعة من إعلان فوزه بجائزة التفوق فى الآداب، عن عمر يناهز 72 عاما، دون أن يعلم بخبر الفوز، لأنه كان فى غيبوبة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة. قال محمد سلماوى، رئيس اتحاد الكتاب، إن عبدالقادر «لم يكن ممن يحصلون على جوائز رغم أنه كان من أهم النقاد فى مجال المسرح»، مشيرا إلى أن الناقد الراحل ركز على المسرح فى وقت لم يكن المسرح فى أفضل أحواله، وأصر على ذلك ولجأ إلى ترجمة مسرحيات وكتب أجنبية فى النقد المسرحى». وأكد أن وفاة عبدالقادر تعد خسارة كبيرة للمسرح بشكل خاص، وبرحيله فقدت مصر آخر عمالقة النقد الأدبى، مشيرا إلى أن «عبدالقادر كان يرفض أى مناصب من أى أجهزة فى الدولة، وكانت وجهة نظره أن هذا يعطيه حرية أكبر ونوعاً من الاستقلالية». ولفت «سلماوى» إلى أنه عند مرض «عبدالقادر» لم تكن هناك جهة تتكفل بعلاجه، لأنه لم يكن ينتمى لأى جهة، حتى إنه لم يكن عضوا فى اتحاد الكتاب لأن له موقفاً منه، وتابع: «اقترح بعض أعضاء الاتحاد أن يتم ضمه للاتحاد حتى يمكن مساعدته فى نفقات العلاج، وعندما سألناه قال: كان لى موقف من الاتحاد، أما الآن فاتحاد الكتاب ليس هو الاتحاد الذى كان لى موقف منه». وأضاف: «رغم مواقف عبدالقادر الحادة فإنه كان محل تقدير الوسط الثقافى وكان له أصدقاء كثيرون»، ولفت إلى أن اتحاد الكتاب يستعد لتنظيم احتفالية لتأبينه يوم الجمعة المقبل. ولم يتزوج الناقد الراحل ولم يكن نادما على هذا القرار ولا فخورا به، ولكنه كان يقول «إن عدم تحمله مسؤولية زوجة وأبناء دفعه للإصرار على أن يظل محافظا على استقلاله عن مؤسسات الدولة، حيث لم يكن معينا فى مؤسسة صحفية، ولم ينشر كتبه فى هيئات وزارة الثقافة». وكان عبدالقادر من أنشط المتابعين لحركة الإبداع الأدبى والمسرحى فى العالم العربى خلال نحو 40 عاما، وصدرت دراساته فى كتب منها (أوراق من الرماد والجمر) و(ازدهار وسقوط المسرح المصرى) و(فى المسرح المصرى.. تجريب وتخريب) و(نفق معتم ومصابيح قليلة) و(فى الرواية العربية المعاصرة) و(نافذة على مسرح الغرب المعاصر)، كما ترجم نصوصا مسرحية لعدد من أعلام المسرح الإنجليزى، إضافة إلى عدد من أعمال الكاتب البريطانى بيتر بروك. ونال «عبدالقادر» جائزة سلطان العويس من الإمارات عام 1993 مناصفة مع الناقدة اللبنانية يمنى العيد وهى الجائزة الوحيدة قبل جائزة التفوق التى ربما لم يكن ليحصل عليها لولا الدكتور جابر عصفور، مدير المركز القومى للترجمة، الذى انتقد فى جلسة المجلس الأعلى للثقافة للتصويت على الجوائز وضع اسم عبدالقادر فى ذيل قائمة المرشحين للجائزة، وهو من أهم النقاد فى مصر.